تركيا: مجزرة ماردين تسلط الأضواء على «حرس القرية» الممولين من السلطة

توجيه الاتهامات لـ8 مشتبه بهم ينتمون أو مقربين من القوة المسلحة المدعومة من الحكومة

TT

أثارت المذبحة التي وقعت الإثنين الماضي في بلدة كردية جنوب شرقي تركيا، حيث ينتمي معظم الرجال إلى «حرس القرية»، جدلا حول تلك القوة شبه العسكرية التي أنشئت لمكافحة المتمردين الأكراد، ويدعو عديدون لحلها منذ وقت طويل.

واتهم ثمانية أشخاص رسميا بعد المجزرة التي أودت بحياة 44 شخصا بينهم أطفال ونساء حوامل، خلال حفل زفاف في قرية كردية بالقرب من ماردين، في عملية يبدو أنها انتقام وثأر بين عائلتين. وقال محافظ ماردين حسن درور لوكالة أنباء الأناضول أمس إن المشتبه بهم ينتمون إلى مجموعة تضم عشرة أشخاص أوقفوا بعيد الهجوم على قرية بيلجي. وأطلق مقنعون خلال حفل زفاف فقتلوا 44 شخصا، بينهم نساء وأطفال، مما أثار موجة استنكار على المستوى الوطني.

إلا أن هذه المجزرة فتحت باب التساؤلات عن القوات التي تسلحها الدولة لمقاتلة عناصر حزب العمال الكردستاني، ويعرفون بـ«حرس القرية»، علما بأن المعتقلين الـ12 الذين ألقت السلطات القبض عليهم، معظمهم من المنتمين أو المقربين من «حرس القرية». وقامت السلطات التركية بتسليح نحو ستين ألف كردي في إطار عملية تكلفها سنويا عشرات الملايين من الدولارات منذ 1985، لمساندة قوات الأمن على مكافحة حزب العمال الكردستاني الذي أشهر السلاح في وجه النظام التركي منذ 1984، مما أسفر عن سقوط نحو 45 ألف قتيل.

وقد دعت منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان في تركيا والخارج مرارا إلى التخلي عن نظام «حرس القرية»، تلك القوة التي تكاد تكون معصومة بذريعة أنها تحمي الدولة التركية من «إرهاب» حزب العمال الكردستاني. وأفادت إحصائيات رسمية عن تورط المئات من أولئك الحراس الموالين للجيش في جرائم عدة وبتهريب المخدرات.

وتساءلت أمينة اينا نائبة حزب المجتمع الديمقراطي الموالي للأكراد أمام الصحافيين في أنقرة: «هل استخدمت أسلحة ملك الدولة» لتنفيذ المذبحة؟ وطالبت بتسريح هذه القوة «فورا». وتثير الميليشيا التي يتمتع عناصرها بمعرفة جيدة بالجبال الكردية، حيث شاركوا في عدة عمليات عسكرية ضد الانفصاليين، جدلا للاشتباه في تورطها بقضايا مخدرات واغتصاب وخطف واغتيال. وترى منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان أن معظم عناصر الميليشيا من زعماء الحرب الذين يخدمون مصالحهم.

وتفيد الإحصائيات الرسمية أن نحو خمسة آلاف عنصر ميليشيا متورطين في جرائم أو جنح، لكن لم يتعرض سوى 900 منهم للملاحقة القضائية. وفي رسالة إلى الحكومة التركية دعت منظمة «هيومن رايتس ووتش» إلى حل تلك الميليشيا. وقال شوكت شوقي نائب حزب الشعب الجمهوري المعارض لوكالة الصحافة الفرنسية: «لا بد من وقف العمل بهذه التركيبة»، داعيا الحكومة الإسلامية المحافظة الحاكمة في أنقرة إلى حسم هذه القضية. وأضاف: «هؤلاء الناس يتمسكون بتقاليد بالية. إنه جرح نازف في خاصرة تركيا».

وكانت وكالة الأناضول قد ذكرت أمس نقلا عن شهود عيان، أن المجزرة وقعت بعدما أنهى المأذون عقد القران. وقالت إن بين الضحايا العروسين، وأبويهما، والشقيقة الصغرى للعريس وتبلغ من العمر أربعة أعوام، وشيخ القرية. وقالت السلطات وشهود عيان إن 16 امرأة بينهن ثلاث حوامل قُتلن.

وأكد عدد من الناجين للصحافيين أنهم تمكنوا من النجاة بالاختباء وراء جثث ضحايا حتى رحيل المهاجمين، وعنونت صحيفة «ميلييت» الأربعاء «ألم وعار»، وأضافت أن «الوجه القاتم لتركيا» صدم العالم. وذكرت صحيفة «حرييت» أن أحد المشبوهين قال عند استجوابه إن أسرة الشابة كانت تعارض الزواج، وأضاف أن «أحد أفراد أسرة العروس اغتصب فتاة من عائلتنا... طلبنا تزويجنا الخطيبة لكنهم رفضوا وأعطوها لأسرة أخرى عدوّ لنا». وتابع: «لو لم نقتل الجميع بما في ذلك الأطفال لقتلوا أفرادا من أسرتنا».