المطلك يدعو الأكراد إلى إعادة النظر في تحالفاتهم وتقديم تنازلات لتحقيق المصالحة

أربيل تحتضن أعمال مؤتمر للمصالحة بغياب ممثلين عن البعث والخارجين عن العملية السياسية

TT

انطلقت أعمال المؤتمر الخاص بتفعيل آليات المساءلة والمصالحة في آربيل أمس، لبحث عدد من الإجراءات لتعزيز الوفاق الوطني وضمان حقوق ضحايا النظام السابق والمتضررين بعد حرب عام 2003.

ودعا زعيم «جبهة الحوار الوطني» صالح المطلك، القيادات الكردية العراقية أمس، إلى «إعادة النظر» في تحالفاتها وتقديم تنازلات لتحقيق المصالحة الوطنية، لأن الدستور «كتب وفقا لرغبتهم وإرادتهم» . وقال المطلك لوكالة الصحافة الفرنسية إن «الدستور كتب برغبة وإرادة كردية، ويجب على الأكراد تقديم التنازلات لتحقيق المصالحة الوطنية». وأضاف المطلك على هامش مشاركته في المؤتمر في آربيل، أن «الأكراد ممكن أن يكونوا اللاعب الأساسي في قضية المصالحة عندما يتساهلون في قضية الدستور. لقد حان الوقت لكي يعيدوا النظر في تحالفاتهم». وتابع: «حان الوقت لكي يفكر القادة الأكراد بطريقة أخرى غير تلك التي فكروا فيها عندما تحالفوا مع الأحزاب الطائفية، لأن هذا الموضوع يتنافى مع عقيدتهم. فالخطيئة الكبرى التي ارتكبتها الأحزاب الكردية هي تحالفها مع الأحزاب الطائفية». وحذر المطلك من أن «هذه التحالفات استفاد منها الأكراد لفترة، لكن سيخسر الكل استراتيجيا، وضمنهم الأكراد».

وتحت شعار «من الشمولية إلى الديمقراطية، المساءلة والمصالحة في العراق ـ خلق فضاء للتشاور» ينظمه «التحالف الدولي من أجل العدالة» بالتعاون مع «منظمة التسامح العالمية»، وبالتنسيق مع البرلمانين في بغداد وكردستان، وبمشاركة أكثر من 200 شخصية من داخل وخارج العراق، بينهم نحو 50 نائبا من مجلس النواب وممثلون عن حكومة وبرلمان كردستان وممثلون عن الحكومة الإيطالية واليونانية.

وألقى مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان كلمة قال فيها «إن العراق بحاجة ماسة إلى التغيير وإعادة النظر في مسالة التسامح والمصالحة الشاملة، لأن التركيبة العراقية تعاني من أزمة في الثقة، لذا فنحن بحاجة إلى عقد مثل هذه المؤتمرات، والعراق هو عراقنا جميعا، وهو بحاجة إلى إدارة توافقية لإخراجه من محنته الراهنة». وقال مختار لماني، أول ممثل للجامعة العربية في بغداد والذي ترك منصبه احتجاجا على الأوضاع في العراق، إنه دعي لهذا المؤتمر باعتباره من المتابعين للعملية السياسية الجارية في العراق، مؤكدا لـ«الشرق الأوسط» أن «عملية المصالحة يجب أن تكون بين كل الأطراف العراقية، لأنه بدون التوافق، لن تنجح أي عملية في العراق».

من جانبه، أكد حميد المعلة، النائب عن الائتلاف الموحد، والقيادي في المجلس الأعلى الإسلامي «أن الغاية من عقد هذا المؤتمر، إيجاد فضاء من الحرية في سبيل المصالحة، من خلال استيعاب الجماعات المتصارعة، عن طريق طرح أفكارها داخل هذا المؤتمر من أجل ترشيد رؤى يتم التوافق عليها من أجل تقديمها إلى صانعي القرار». وفيما إذا سيناقش المؤتمر مسألة مصالحة البعث، أكد المعلة أن «هناك العديد من المؤتمرات واللقاءات التي عقدت من أجل نفس الغاية لم تبحث مسألة المصالحة مع البعثيين، حيث إن المؤتمر سيتناول القضايا المعقدة التي تعترض العملية السياسية في البلاد، الأمر الذي يؤدي بالنهاية إلى إيجاد رؤى مشتركة، لا سيما فيما يخص التعديلات الدستورية والمادة 140 من الدستور وقضية كركوك باعتبارها تبحث في قضية المناطق المتنازع عليها. وعليه، فإن المؤتمر سيتناول تلك القضايا بالطريقة التي تؤدي إلى إجراء مصالحة مع كافة قطاعات المجتمع العراقي». ونفى أن تكون هناك شخصيات بعثية قد دعيت للمؤتمر، وقال «لم أسمع بأن هناك شخصيات بعثية يمكن أن تدعى لهذا المؤتمر». من جانبه، قال بختيار أمين، الوزير السابق لحقوق الإنسان في العراق وأحد منظمي هذا المؤتمر، إن هدفه «دعم العملية السياسية وجهود المصالحة الشاملة وتعزيز دور المنظمات الديمقراطية في البلاد، ويهدف أيضا إلى تقريب وجهات النظر بين القوى السياسية في العراق والعمل على تقليص الهوة فيما بين هذه القوى». وبخصوص الشخصيات والجهات السياسية العراقية المشاركة في المؤتمر وما إذا كانت القوى السياسية التي هي خارج العملية السياسية ستشارك في المؤتمر، قال أمين لـ«الشرق الأوسط»: «الدعوة وجهت إلى القوى السياسية: جبهة التوافق وحزب الدعوة والتيار الصدري والمجلس الأعلى الإسلامي والكتلة العربية والعديد من الشخصيات السياسية والأكاديمية والقضائية العراقية والعربية، إضافة إلى ممثلين عن الأمم المتحدة والمفوضية الأوروبية ومنظمة الاتحاد الإسلامي والاتحاد الأوروبي». وبخصوص مدى مساهمة هذا المؤتمر في تحقيق المصالحة الشاملة في العراق في ظل غياب ممثلين عن الجماعات المسلحة المحظورة والجهات السياسية العراقية التي تصنف نفسها في خانة المقاومة، قال بختيار «نأمل في أن يكون هذا المؤتمر دفعا قويا نحو تحقيق المصالحة الشاملة في العراق، وأن يسهم في خلق فرصة للجماعات والجهات السياسية التي تتبنى أفكارا ومناهج متباينة لتقريب وجهات نظرها من بعضها البعض، لاسيما وأن هذا المؤتمر هو الأكبر من نوعه حتى الآن من حيث قاعدة المشاركة السياسية فيه ومن حيث مستوى انعقاده». لكنه تفادى الإشارة إلى مشاركة الجماعات السياسية المحظورة في البلاد في هذا المؤتمر.

من جهته، شدد أحمد المسعودي، النائب عن الكتلة الصدرية والناطق باسمها في البرلمان، قائلا: «هناك ضغوط تمارس على الحكومة العراقية والبرلمان وكذلك الشعب العراقي من أجل إشراك حزب البعث المنحل في العملية السياسية بالرغم من أن الدستور العراقي لا يسمح بذلك». وأكد لـ«الشرق الأوسط» «أن تسمية المؤتمر جاءت غريبة هذه المرة، وتحمل مغزى واضحا، حيث عهدنا بأن تكون تسمية هكذا مؤتمرات بـ(مؤتمرات المصالحة)، لكن الغريب أن المؤتمر الذي يعقد في آربيل جاء بصيغة المساءلة والعدالة، وهو أمر يراد من خلاله الربط بما جاء في وثيقة الإصلاح التي تطالب بتعديل قانون المساءلة والعدالة». وأضاف أن «هناك حملة شرسة من أجل تغيير قانون المساءلة والعدالة».