تقرير: المسلمون الأوروبيون أكثر ولاء مما يعتقد

قال إن ثلاثة أرباع مسلمي بريطانيا يعتبرون جزءا لا يتجزأ من نسيج المجتمع.. وثقتهم في الشرطة تفوق الآخرين

TT

توصل تقرير أعده مركز غالوب للدراسات، ومؤسسة التعايش السلمي، إلى أن المسلمين الأوروبيين أكثر ولاء للدول التي يعيشون فيها مما يعتقد عامة الناس. ويشير التقرير الذي يركز على المسلمين في بريطانيا وفرنسا وألمانيا، إلى أن الدين والهوية الوطنية ربما يكملان بعضهما بعضا. وأظهر استطلاع «غالوب» حول اندماج المسلمين في الدول الأوروبية الكبرى، أن ولاء المسلمين للدول التي يعيشون فيها يكون أقوى من ولاء السكان بشكل عام. وأظهر الاستطلاع الذي اتخذ طابعا عالميا، ودار حول العلاقات بين الأديان المختلفة، أن أكثر من ثلثي المسلمين الذين يعيشون في بريطانيا وألمانيا وفرنسا يقرون بارتباطهم بالدولة التي يعيشون بها، حتى إذا كان لديهم ولاء مساو لدينهم. وجاءت نتائج التقرير مخالفة للتوقعات، لأن المعلقين والمحللين السياسيين ظلوا منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر، يشككون في ولاء المسلمين الأوروبيين. وأظهرت نتائج المسح أن ثلاثة أرباع المسلمين يعتبرون أنفسهم جزءا لا يتجزأ من بريطانيا ومؤسساتها، وهي نسبة أعلى بكثير من الشعب البريطاني بكل شرائحه. وكشف التقرير الجديد عن أن السكان المسلمين في بريطانيا أكثر وطنية من بقية السكان، مشيرا إلى أن 77 في المائة من المسلمين قد أفادوا بأن «هويتهم بريطانية»، بالمقارنة بنسبة 50 في المائة من مجموع السكان بوجه عام. كما أظهر التقرير أن ثقة المسلمين البريطانيين في الشرطة تفوق ثقة شرائح المجتمع الأخرى، بالرغم من إحساسهم بأنهم مستهدفون أكثر من غيرهم، فيما يعرف بالحرب على الإرهاب. كما أفاد خمسة وسبعون في المائة من مسلمي بريطانيا الذين شملهم الاستطلاع، بأن هويتهم دينية كذلك. وتقول داليا مجاهد، وهي الرئيس التنفيذي لمركز غالوب للدراسات الإسلامية: «إن هذا البحث يوضح أن العديد من الادعاءات بصعوبة اندماج المسلمين غير صحيحة». وأضافت بقولها: «إن المسلمين البريطانيين يرغبون في أن يكونوا جزءا من مجتمع أكبر، وأن يسهموا في هذا المجتمع، ومع ذلك، ففي العديد من القضايا فإن صعوبة الأوضاع الاقتصادية، هي التي تدفعهم إلى الخلف وتوقفهم عن استغلال أفضل ما لديهم، لكن هذا الوطن لم يحتضنهم حتى الآن». وأوضحت داليا مجاهد، أن لدى المسلمين البريطانيين ارتباطا وثيقا بوطنهم. ولا يختلف الحال في ألمانيا، حيث تفوق ثقة المسلمين في الدولة هناك ثقة مواطنيهم غير المسلمين، لكن ثقتهم في وسائل الإعلام تقل عن المتوسط. لكن الحال يختلف في فرنسا، حيث لدى المسلمين الفرنسيين ثقة محدودة في مؤسسات الدولة، بما فيها الشرطة، لإحساسهم بأنهم مهمشون. لكن ليس هناك خلاف بين الدول الثلاث حول الموقف من القوات المسلحة، فثقة المسلمين فيها متدنية في كل الدول الأوروبية. ومع ذلك، قال التقرير: إن حوالي 30 في المائة فقط، من إجمالي السكان في الدول الثلاث، يعتقدون أن المسلمين موالون للدولة التي يعيشون فيها، وهو ما وصفه التقرير بأنه «دوامة من سوء الفهم».

وأوضح التقرير الذي استغرق إعداده عدة شهور، أن الأمر يحتاج لمزيد من التواصل بين الجانبين من أجل تحقيق فهم أكبر لمدى ميل المسلمين في أوروبا إلى التوفيق بين التزامهم الشديد بالدين والبيئات العلمانية المحيطة بهم. وأفادت دراسة غالوب بأن البيانات تشير إلى أن هناك أرضية مشتركة كافية وإرادة من كلا الجانبين لتحسين لغة الحوار.

وذكرت أن «المسلمين يميلون على نحو أكثر من بقية شرائح المجتمع إلي الإعراب عن الثقة في المؤسسات الديمقراطية والرغبة في العيش بالمناطق التي تضم أعراقا وديانات متنوعة».

وقال معدو التقرير: إن الدراسة أظهرت أن الهوية الدينية والوطنية يربطهما التكامل أكثر من التنافس. وأفاد التقرير بأن «هذا البحث العلمي يظهر أن العديد من الافتراضات حول المسلمين والاندماج غير صحيحة». وفي ألمانيا التي تضم عددا كبيرا من الأتراك، فإن الثقة التي وضعها المسلمون في مؤسسات الدولة «تثبت أن قوة المعتقدات الدينية لا تترجم إلي نقص الولاء».

وأفاد 82 في المائة من المسلمين بأنهم يشعرون بالولاء للمملكة المتحدة، على الرغم من أن ذلك ليس هو شعور عامة السكان، حيث يوافق على ذلك 36 في المائة فقط. وبالمثل، فإن 88 في المائة من المسلمين لا يعتقدون أن خلع الحجاب ضرورة من أجل الاندماج، ولكن 47 في المائة من بقية السكان يتفقون مع هذا الرأي. كما تضمن الاستطلاع كذلك أدلة على زيادة صعوبة الحياة بين الجالية المسلمة، حيث وصف سبعة في المائة فقط أنفسهم بأنهم ناجحون، مقارنة بنحو 56 في المائة من بقية السكان. كما أجرى غالوب مقابلات فردية مع أكثر من 500 مسلم في 18 منطقة يشكلون فيها 5 في المائة من السكان. وبعد ذلك تمت مقارنة نتائج هذه المقابلات بنحو 1000 مقابلة مع بقية السكان عبر الهاتف. ويوضح الاستطلاع الجديد لمؤسسة «غالوب» للتعايش أن اندماج المسلمين اليوم يظهر المساحة المشتركة الكبيرة في الفهم الموجود في المملكة المتحدة بين المسلمين وغير المسلمين. ويبدو أن ذلك ليس له علاقة كبيرة بمفهوم التدين، ولكنه يتعلق أكثر بمفهوم الثقافة. ولكن ما يدعو إلى القلق في التقرير، هو تلك الدرجة التي يكشف عنها من عدم «نجاح» المسلمين البريطانيين. ويشير التقرير إلى أن «نصف المسلمين الفرنسيين يشعرون بالنجاح مثلهم مثل بقية السكان، وفي المملكة المتحدة، فإن المسلمين أقل بثمانية أضعاف عن السكان البريطانيين في الشعور بالانتماء إلى الفئة الناجحة. ومن المثير للدهشة، أن (46 في المائة) من المسلمين الألمان يشعرون بالنجاح أكثر من السكان الألمان الذين تصل نسبة من يشعرون بالنجاح بينهم إلى (36 في المائة) فقط. وأفاد التقرير: «أنه بعكس حكم مسبق شائع في أوساط الرأي العام، فإن ثمانية من كل عشرة فرنسيين مسلمين أكدوا ولاءهم لفرنسا بلادهم، مشيرا إلى أن 80 في المائة من الفرنسيين المسلمين يوافقون على عبارة «إن المسلمين الذين يعيشون في هذه البلاد مخلصون لها» مقابل 8 في المائة يرون العكس، و44 في المائة من إجمالي الفرنسيين يرون أن المسلمين الفرنسيين موالون لبلادهم، مقابل 35 في المائة يرون العكس، و21 في المائة لم يدلوا برأي. ويظهر الفرنسيون المسلمون ولاء لبلادهم مماثلا للنسبة العامة لمجمل الفرنسيين. وقال معدو الدراسة، إن «هذه الدراسة تسقط أسطورة مفادها أن المسلمين لا يشعرون بولاء لفرنسا» كما أظهرت أن الفرنسيين هم بين الشعوب الأكثر تسامحا في العالم على المستوى الديني. فالفرنسيون والأيرلنديون هم الأكثر عددا في أوروبا لجهة تأكيد استعدادهم للقبول بجار من ديانة مختلفة عن ديانتهم. وجرت الدراسة في 2008 على عينات ممثلة من نحو 500 مسلم في كل بلد ومن 100 إلى ألف شخص من ديانات أخرى.

من جهته أعرب المجلس الإسلامي البريطاني في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه أمس، عن ترحيبه لنتائج استطلاع مؤسسة غالوب، الذي أكد على أن مسلمي المملكة المتحدة يشعرون بأنهم أكثر ولاء تجاه البلد الذي يعيشون فيه من عامة الناس.