ترشح انفصالي في كشمير للفوز بمقعد نيابي.. مؤشر لتحولات سياسية في الإقليم الهندي المسلم

بداية التصويت في المرحلة الرابعة ما قبل الأخيرة من الانتخابات الهندية

TT

بدأت أمس المرحلة الرابعة ما قبل الأخيرة، من الانتخابات الهندية التي تستمر طوال شهر كامل، وتنتهي في 16 مايو (أيار) المقبل. وأدلى ملايين الناخبين بأصواتهم أمس في سبع ولايات هندية، من بينها إقليم كشمير الذي يشهد تمردا منذ 20 عاما، وتعيش فيه أغلبية مسلمة.

وبعد أكثر من عقدين من تفجر الصراع في كشمير وإجراء أكثر من ستة انتخابات محلية ووطنية، أعلن أحد السياسيين المسلمين الكشميريين من العناصر الانفصالية البارزة، ترشحه للانتخابات داخل القطاع الخاضع للسيطرة الهندية من إقليم جامو وكشمير. وكان أمس دور كشمير بالتصويت في المرحلة الرابعة من الانتخابات التي تستمر طوال شهر كامل وتتألف من خمس مراحل، وتعلن نتائجها في 16 مايو (أيار) بعد انتهاء كل مراحل التصويت. ويعتبر سجاد لون، الذي يترأس مجموعة انفصالية تدعى حزب المؤتمر الشعبي، أول زعيم انفصالي بارز يشارك في الانتخابات الهندية منذ اندلاع تمرد ضد الحكم الهندي في كشمير عام 1989. ونظرا لوضعه كزعيم انفصالي، تلقى سجاد دعوة من رئيس الوزراء الهندي عام 2005 للدخول في محادثات على نحو فردي خلال فترة كانت حكومة الهند تعمل على الحديث إلى الانفصاليين الكشميريين. ويعكس قرار سجاد لون بالترشح للانتخابات البرلمانية بدائرة بارامولا في إقليم كشمير الذي تقطنه أغلبية مسلمة، حدوث تحول سياسي واضح في الوضع السياسي بالإقليم. ويعد سجاد الابن الأصغر لعبد الغني غاني، الزعيم المؤسس لتحالف انفصالي كشميري يطلق عليه «مؤتمر الحرية لجميع الأحزاب»، الذي تعرض للاغتيال على يد إرهابيين عام 2002. وخاضت شقيقة سجاد، شابنوم غاني لون، انتخابات المجلس المحلي في ديسمبر (كانون الأول) 2008. والواضح أن قرار سجاد خوض الانتخابات تأثر بالمشاركة الهائلة من قبل الكشميريين في انتخابات المجلس عام 2008. ومن خلال ذلك، أبدى الكشميريون رفضهم لدعوة المقاطعة التي أطلقها الانفصاليون، بل وأبدوا حماسا إزاء المشاركة في الانتخابات. وكان لون قد انضم إلى الانفصاليين الآخرين في الدعوة إلى مقاطعة الانتخابات المتعلقة بمجلس الولاية التي أجريت في نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي. إلا أن دعوة المقاطعة أخفقت مع تدفق الناخبين بأعداد كبيرة للإدلاء بأصواتهم. وأشار لون إلى هذا الأمر باعتباره السبب وراء تحول موقفه. وقال: «بعد فشل دعوتي للمقاطعة، لم يعد أمامي خيار آخر كي أجعل صوتي موثوقا به. الناس يسألونني من أمثل بعدما شارك 75% من سكان منطقتي في انتخابات عام 2008». ويعكس ذلك بوضوح تعمق الديمقراطية داخل كشمير حتى داخل الإطار العام المرتبط بالمشاعر الانفصالية. وعلى ما يبدو فإن هناك مصداقية أكبر للعملية الانتخابية من ناحية ومخاطر أكبر فيما يرتبط بالسياسات المحلية من ناحية أخرى. فمنذ عام 2002، لم ترد شكاوى إزاء تدخل السلطة المركزية في الممارسات الانتخابية أو حدوث تلاعب على المستوى المحلي ـ أو حتى إكراه من قبل قوات الأمن. إلا أن قرار سجاد تغيير استراتيجيته السياسية وخوض مخاطرة المشاركة في السياسات الانتخابية يمتد إلى ما هو أبعد من منطق نجاح السياسات الديمقراطية في كشمير، حيث يرتبط القرار أيضا بدرجة كبيرة بالطبيعة الجامدة للسياسات الانفصالية في الوقت الراهن. ومع تحول الأنظار العالمية من كشمير إلى أفغانستان وتفاقم المشكلات الداخلية الباكستانية بمعدل يومي، تعطلت التحركات على صعيد عملية السلام ولم يعد لدى الانفصاليين ما يقدمونه للشعب. ويتمثل دورهم الوحيد في الوقت الراهن في التعبير عن السخط الذي يستشعره المواطنون العاديون، خاصة في حالات وقوع انتهاكات لحقوق الإنسان. إلا أنه حتى على هذا الصعيد، فإنهم يجابهون منافسة شديدة من جانب الأحزاب السياسية الممثلة للتيار الرئيسي مثل حزب الشعب الديمقراطي. وبالرغم من تعرض لون للانتقادات بسبب خوضه الانتخابات، باتهام بعض الجماعات له بالعمل لصالح الوكالات الهندية وتخريب الحركة الانفصالية في كشمير القائمة على امتداد عقدين، لا يبدو أن هذه الانتقادات تثير قلقه. وألمح لون خلال مؤتمر صحافي عقده مؤخرا إلى أنه سيستخدم البطاقة «الانفصالية» خلال حملته الانتخابية. وقال: «لقد غيرت استراتيجيتي، لكن ليس آيديولوجيتي». وبالرغم من عدم إيمانه بالدستور الهندي، قال لون إنه سيدلي قسم الولاء له «بقلب مثقل»، وسيستمر في التعبير عن «مشاعر وتطلعات الشعب الكشميري داخل البرلمان الهندي». وأضاف: «سأخبر البرلمانيين الهنود أن الشعب الكشميري لا يرغب في الاستمرار معهم. وسأخبرهم بضرورة إيجاد حل يرضي الشعب الكشميري». إلا أنه ينبغي تجنب تفسير مشاركة لون في السياسات الانتخابية على نحو خاطئ باعتباره مؤشرا على انحسار النزعة الانفصالية في كشمير، ذلك أن تصريحه بأنه غير استراتيجيته وليس آيديولوجيته يوضح أنه يسعى لتبرير التحول داخل المنظومة الانفصالية. ولا تزال النزعة الانفصالية داخل كشمير قائمة، بالرغم من توسع السياسات الديمقراطية وبالرغم من الورطة التي تتعرض لها القيادة الانفصالية. أما مسألة ما إذا كان لون سيفوز أم يخسر فستحسم يوم 16 مايو (أيار). ويرى المحللون السياسيون أن مشاركة زعيم انفصالي في الانتخابات سيشعل تنافسا محتدما بينه وبين مرشحي الأحزاب السياسية التي تمثل التيار الرئيسي.