مطاعم مكسيكو تعيد فتح أبوابها.. ولكنها ممنوعة من ملء أكثر من نصف الأماكن

الطهاة مجبرون على ارتداء الأقنعة الواقية والرواد والندل أكثر المتحمسين لرؤية الزبائن

TT

من جديد وتحت شعار «في خدمتك»، رحبت المطاعم الكبرى بالسكان القلقين بمدينة مكسيكو سيتي، مركز وباء أنفلونزا الخنازير. وطلب السكان أولى وجباتهم خارج المنزل خلال أسبوعين تقريبا. ويقول أوغستين مورالز، من داخل «بانادريا ماكو»، وهو مقهى في منطقة نائية مورقة تعرف باسم كونديسا: «أشعر بالسعادة بدرجة لا تصدق لأني أقوم بأبسط الأشياء، وهو الجلوس هنا على مائدة مع أصدقائي نحتسي القهوة ونفكر فيما يمكن أن نتناوله في الغداء». ويضيف مورالز الذي وصف نفسه بأنه رجل أعمال شبه متقاعد: «يكون المكسيكيون في أسعد حال عندما يأكلون».

عادت مطاعم مكسيكو سيتي للعمل بعد مرور اثني عشر يوما على توجيه أوامر لها بالتوقف عن تقديم خدماتها. وكانت هذه العلامة هي الأكثر دلالة على أن المدينة تعود إلى حالتها الطبيعية. أو ما ينظر إليه على أنه أمر طبيعي في مدينة تعاني من حالة من التخبط يعيش فيها 20 مليون شخص. ومن المقرر أن ترفع المسارح ستائرها قريبا، ولكن لن يمكنك الجلوس إلى جوار حبيبتك، حيث تفرض اللوائح التنظيمية وجود مقاعد خالية بين الزبائن. وعلى الرغم من أن المدينة بدأت تعود للحياة بشكل متدرج، فقد نبّه مسؤولو الصحة العامة إلى أن الوباء لم ينجل بعد، وقال الرئيس فيليبي كالديرون إن الوقت لم يحن «للإعلان عن تحقيق انتصار». وسمح المسؤولون للمطاعم بإعادة فتح أبوابها، ولكن قالوا لهم إنه يمكنهم استضافة 50 في المائة من الطاقة الاستيعابية المعتادة لتجنب الازدحام، ويجب على الندل والطهاة ارتداء قناعات جراحية. وتقول غوادالوب لوايزا، وهي كاتبة عمود في صحيفة «لا ريفورما»، إن المدينة تستعيد نهمها، وليس يعني ذلك أن الخوف من الأنفلونزا قد انقضى. وتضيف: «إنه أمر ممتع جدا، أعتقد أن كثيرا من الرجال، كانوا يشعرون بالإرهاق من البقاء في المنزل مع زوجاتهم يشاهدون التلفزيون وقناة ديسكوفري، كان زوجي يشعر بالقلق، كان يشعر بالملل مني».

وقالت لوايزا ذلك خلال الحديث معها عبر الهاتف الجوّال بينما كانت تجلس لتناول طعام الإفطار في «كاسكا بورتوجوزا»، في منطقة بولانكو. وأضاف: «وصلت إلى المطعم، وتوجه جميع الندل نحوي.. كانوا متحمسين جدا، وكانوا سعداء للغاية برؤية الزبائن يعودون. عندما تطلب كوبا من المياه، يحضره لك ثلاثة ندلاء». ويقول ديفيد ليدا، مؤلف كتاب «المحطة الأولى في العالم الجديد» الذي يتناول مدينة مكسيكو سيتي المعاصرة: «ما أفهمه من الصحف الصباحية، أنهم لم يفتحوا الحانات بعد، وهذا أمر يصيبني بخيبة الأمل». وأشار ليدا إلى أن يوم الأحد خلال الأسبوع الجاري سوف يكون اختبارا مهمّا. ويقول: «يوم عيد الأم يوم مقدس في المكسيك، وعادة ما تكون جميع المطاعم مزدحمة. حرّم الرب على الأم دخول المطبخ يوم عيد الأم، ولا يعرف الزوج والأبناء حتى غلي المياه. ولذا سيكون الجميع في المطاعم. وعلى الأقل، فإن ذلك تقليد. إذا لم يقوموا بنشاط كبير، فإن ذلك يعني أن المدينة في مشكلة أكبر».

ويقول ألبرتو إسلاس، وهو مشارك بجزء في العديد من المطاعم بمدينة مكسيكو سيتي، كما أنه مستشار أمني وخبير في مكافحة المنشطات: «نتلقى ضربة قوية. كان يجب أن يحدث ذلك، ولكن كان الأثر الاقتصادي كبيرا». وأضاف أن أكثر من عانى من هذه الضربة هم الندل الذين يتقاضون راتبا صغيرا ويحصلوا على أغلب المال في صورة بقشيش. «إنهم يعيشون على ما يحصلون عليه يوميا».

ويقول ميغول سيبريانو، وهو نادل بمطعم «اكسكاتو» يبلغ من العمر 30 عاما: «هذا هو أصعب شيء نواجهه.» وقام المطعم، مثل كثير من المطاعم في المدينة، بتقديم خدمات خلال فترة تعليق النشاط، ولكن قليلا من طلبوا وجبات خلال الأيام القليلة الماضية، ولذا توقف النشاط كلية. ويقول النادل: «نأمل في أن تعود الأمور إلى المعتاد». وطبقا للقواعد الجديدة، التي تتغير دوما مؤخرا، يسمح للمطاعم في مدينة مكسيكو سيتي بفتح أبوابها في السابعة صباحا، ولكن يجب أن تغلق أبوابها في العاشرة مساء. ويجب على المطاعم أن تبقي على موائدها بعيدة عن بعضها بعضا، وأن تقدم خدماتها لـ50 في المائة فقط من طاقاتها الاستيعابية، وقد اتخذت هذه الإجراءات للتقليل من فرص انتشار الفيروس. «وهذا هو السبب في أنك ترى أن هناك مائدة واحدة في الخدمة»، هكذا قال مانويل سولكين، صاحب «إل أوتشو». وأضاف: «في الوقت الحالي، نتوقع تغيير قواعد عمل المطاعم كل نصف ساعة». ولكن، يقول سولكين إن سكان مكسيكو سيتي يشعرون بالضجر من البقاء داخل منازلهم. ويضيف: «إنهم مهووسون ويريدون الخروج.» وقال إنه يتوقع أن تزدحم المطاعم بالرواد، لأن الطاقة الاستيعابية خفضت بمقدار النصف. «هذا أفضل من لا شيء، فقد كانت كونديسا بمثابة مدينة أشباح». وفي مطعم «أكسل ها»، الذي يقدم وجبات يوكاتان، مضى فريق العمل في عجل ينظف كل شيء، بدءا من النوافذ إلى الأسقف، استعدادا لاستعادة العمل يوم الخميس. وهناك أشياء قليلة جديدة تحدث، فبدلا من وضع أطباق من الصلصة الحمراء والخضراء على كل مائدة للعديد من الزبائن خلال اليوم، علما بأنه يتم التخلص من كل شيء لا يؤكل، يقول المدير خوسيه مانويل أوغاندو: «في الوقت الحالي، عليك أن تسأل: ما نوع الصلصة التي تحب؟ ولذا لا يكون عليك أن تلقي بها جميعا».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»