جزين تخوض معركتها الانتخابية بطلاق «ودّي» بين بري وعون

مساعي «حزب الله» فشلت.. فشذت «عروس الشلال» عن قاعدة «8 آذار»

TT

لم تنجح المحاولات الحثيثة التي بذلها «حزب الله» لتشكيل لائحة موحدة تجمع مرشحي رئيس مجلس النواب نبيه بري ومرشحي رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون في دائرة جزين. وكان واضحا أن هذه الدائرة التي يمثلها ثلاثة نواب، مارونيان وكاثوليكي، لن تخضع إلى «زواج بالإكراه» بين «الحليفين اللدودين»، ربما لأنها تشهد للمرة الأولى بعد اتفاق الطائف انتخابات وفق قانون الدائرة. أي أن ناخبيها يفرضون إرادتهم، وبالتالي لم تعد تحت رحمة محيطها «الشيعي» الذي كان يحدد خياراتها انطلاقا من موقعها الجغرافي على كتف جبل الريحان في جنوب لبنان، لتطل على ساحل جبل عامل، مصيفا جذب إليه أرستقراطيي الشيعة واستحق عن جدارة تسميته بـ«عروس الشلال».

عون الذي أطلق «رصاصة الرحمة» على الأمل بلائحة موحدة أعلن أمس لائحة «التغيير والإصلاح» في قضاء جزين كاملة، والتي تضم المرشحين: ميشال الحلو، زياد أسود، عصام صوايا. وقال: «لائحة جزين لها قصة خاصة، وكانت هناك محاولات كثيرة للتوصل إلى تفاهم مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، ولكن لم تتوافق الأفكار. وانتهينا إلى تأليف لائحة، وسوف تواجهنا لائحة يدعمها الرئيس نبيه بري. هذا معناه أننا لسنا مختلفين لا على الأمور الوطنية ولا على الاستراتيجية السياسية، والتنافس محصور في قضاء جزين فقط، وهذا لن يؤثر على أي علاقة انتخابية في بقية المناطق التي يوجد فيها نفوذ مشترك. نحن من جهتنا ملتزمون بهذا المبدأ، وأعتقد أنه سيكون التزاما أيضا من الجانب الآخر».

من جهته اعتبر النائب علي حسن خليل «أن ما قاله عون يعكس صورة الموقف في جزين»، وقال: «كما قلنا دائما، نحن متفقون في الموقف السياسي والانتخابي العام، وسنبقى معا متحالفين في كل الدوائر الأخرى، ومتحالفين في السياسة في إطار المعارضة. ولن يؤثر تنظيم آليات معركة جزين على هذا الموقف الثابت».

وتؤكد مصادر بري حرصه على علاقته بمنطقة جزين التي شاركت بقية مناطق الجنوب «الحلو والمر» خلال الاحتلال الإسرائيلي وما بعده، وتشير إلى أن «التعامل مع هذا الملف سيكون بروح رياضية».

إلا أن القراءة المعمقة لعدم التوصل إلى تسوية في جزين تعكس صورة أكثر تعقيدا من الإعلان اللطيف عن «الطلاق الودي» بين الطرفين، فالنائب سمير عازار يتجه إلى تشكيل لائحة تضمه والنائب الحالي أنطوان خوري وكميل شقيق النائب الحالي بيار سرحال وابن النائب الراحل فريد سرحال الذي ضحى به «حزب الله» لمصلحة المرشح ميشال حلو. وقد أفاد مصدر مطلع أن إصرار «حزب الله» على ترشيح حلو في لائحة «التغيير والإصلاح» هو ما خرّب التسوية، وأوضح أن هذا الإصرار يعود إلى كون حلو أحد المحامين عن «بنك المدينة» الذي ترتبط به ملفات قضائية «تمتد إلى مسؤولين من عهد الوصاية السورية على لبنان». أما اختيار عصام صوايا فيعود إلى أسباب مالية، فهو مغترب ولم يكن معروفا في المنطقة لكنه أبدى استعداده لتمويل اللائحة.

إلا أن هناك من يرفض الركون إلى هذه التفاصيل ليشير إلى أن أول سوء تفاهم بين بري وعون بخصوص جزين برز بعد مؤتمر الدوحة، عندما زار عون المدينة وقال جملته الشهيرة: «جئنا لنسترجع جزين». وعدا اللائحتين الرئيسيتين يحتل المرشح ادمون رزق مكانة لدى الجزينيين، وهو الذي تمكن في دورتين انتخابيتين سابقتين من التغلب على الراحل جان عزيز، وينوي في الدورة الحالية تشكيل لائحة يخوض على أساسها الانتخابات. وفي حين اعتبر عون بعد تشكيل اللائحة «أن الخلاف صغير جدا والمعركة رياضية. هذا ماتش حبي بين فريقين رياضيين، حتى ليس هناك من كأس، لأن الكأس واحد سوف يوضع في نفس الصالون». إلا أن الحماس استعر لدى الناخبين في جزين وقرى الدائرة، الذين يقدرون بنحو 54 ألف ناخب يرجح أن يقترع منهم 26 ألفا. أما التوزيع الطائفي للمقترعين في 55 بلدة فهو على الشكل التالي: موارنة 33986 + كاثوليك 8583 + أقليات مسيحية 204 + شيعة 10653 + سنّة 973 + دروز 476.

ولأن القضاء يستنهض الهمم ويعطي لكل صوت قيمة استثنائية، فمن المتوقع أن تصل نسبة التصويت في السابع من يونيو (حزيران) إلى نحو 48%. وفي حين تبقى الأنظار معلقة على الناخبين الشيعة يشير أحد الإحصاءات إلى أن 15% منهم مستقلون ويقترعون لمصلحة ادمون رزق. أما 60% من النسبة المتبقية فهي لـ«حزب الله»، و40% منها تصب لمصلحة حركة «أمل».

«الشرق الأوسط» جالت على قيادات جزين ومواطنيها عشية «الطلاق الودي» بين عون وبري، وبينت الجولة أن صيغة «العائلات» لا يزال لها وزنها.

يقول النائب سمير عازار لـ«الشرق الأوسط»: «المهم أن يبتعد جو الانتخابات عن الغرائزية، والأهم أن يتمكن الناخبون من الوصول إلى قراهم وبلداتهم. الأيام المقبلة ستضع الأمور في نصابها. أنا درست درسي جيدا وحاضر للامتحان في السابع من يونيو (حزيران). الواقع أن هناك فريقا سياسيا كان في الجهة المقابلة، وهو اليوم مع الحليف». عازار لم يدعم حملته الانتخابية بصور أو شعارات انتخابية، ويقول: «لأنها تكلف الكثير من المال، وهذا ممنوع في القانون الانتخابي».

لكن القانون الانتخابي لم يردع اللون البرتقالي (المعتمد من التيار الوطني الحر) عن اجتياح الساحات والشرفات. مناصرو ادمون رزق استفزهم الأمر وشددوا على أن جزين ليست مستباحة بين طرفين من خارجها، وليست كرة يتقاذفها الآخرون.