مصادر فرنسية: جولة ليبرمان كشفت عمق الهوة بين ما تعرضه إسرائيل وتريده أوروبا

ليبرمان يفشل في تسويق نفسه.. وصحافية: لا أذكر شخصية سياسية تجاهلتها وسائل الإعلام في أوروبا مثل هذا الوزير

جنود إسرائيليون يعتدون على محتج ضد المستوطنات في منطقة الخليل، أمس (إ ب أ)
TT

قالت مصادر فرنسية رسمية إن جولة وزير الخارجية الإسرائيلية أفيغدور ليبرمان على أربع عواصم أوروبية هي روما وباريس وبراغ وبرلين «أظهرت عمق الهوة» التي تفصل بين ما يريده الاتحاد الأوروبي ويسعى إليه، وما تخطط له الحكومة الإسرائيلية اليمينية. ووصفت المصادر التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط» جولة رئيس الحزب اليميني المتطرف «إسرائيل بيتنا» بالـ«استطلاعية» لردود الفعل الأوروبية المحتملة على الخطط الإسرائيلية من جهة، والـ«استمهالية» من جهة أخرى باعتبار أن إسرائيل «بحاجة إلى مزيد من الوقت للانتهاء من تقييم السياسات القديمة وبلورة سياسة جديدة واضحة».

ورغم أن باريس تعتبر أن ما نقله ليبرمان وما تسرب عن بنيامين نتنياهو يعطي فكرة واضحة عما تريده إسرائيل رفض قيام دولة فلسطينية وتفضيل حكم ذاتي موسع وربط التقدم في المفاوضات بلجم هذا الخطأ الإيراني، فإن المسؤولين الفرنسيين ينتظرون زيارة نتنياهو إلى واشنطن وربما تعريجه على باريس في طريق العودة لتتضح لهم صورة الموقف الإسرائيلي وفي نفس الوقت الموقف الأميركي.

ويتفق المراسلون الصحافيون في إسرائيل في التقييم مع المصادر الفرنسية، إذ أجمع المراسلون على أن ليبرمان فشل في تسويق نفسه في جولته الأوروبية وترك انطباعا لدى مضيفيه كما لو أنه قادم من كوكب آخر. وأن أكثر من طرف أوروبي، وربما أيضا في إسرائيل، حرص على التكتم على الزيارة ومنع ليبرمان من التكلم في الإعلام «لمصلحة الجميع».

وحسب صحيفة «معاريف»، أمس، فإن ليبرمان استقبل استقبالا باردا جدا في أوروبا. وقالت: «مع أنه التقى جميع نظرائه وغيرهم من أصحاب القرار، فإن الجميع حرصوا على تخفيض الاهتمام بها وتقريبا لم تتم تغطية زيارته إعلاميا». وقال مصدر أوروبي للصحيفة إن «دول الاتحاد تحترم إسرائيل ومنتخبيها ولكنها تنتظر معرفة سياسة الحكومة في عملية السلام وضمان الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط». وأضاف أن سياسة الحكومة الجديدة ما زالت ضبابية «وما رشح عنها حتى الآن، أقل ما يقال فيه أنه لا يشجع ولا يطمئن».

وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن لقاء ليبرمان مع وزير الخارجية الفرنسي برنارد كوشنير، كان فشلا واضحا. فعلى عكس مثل هذه الزيارات، لم يصدر عن اللقاء بيان مشترك ولم يظهر الوزيران أمام الصحافيين معا، إلا في بداية اللقاء وفقط لغرض التقاط صورة. وكان لافتا للنظر أن الرئيس نيكولا ساركوزي لم يستقبل ليبرمان وأوكل المهمة إلى أمين عام قصر الإليزيه كلود غيان، بينما كانت أبواب الإليزيه مشرعة باستمرار أمام تسيبي ليفني وزيرة الخارجية السابقة.

ولفت نظر «القناة الثانية» للتلفزيون التجاري الإسرائيلي، إلى أن اللقاء بين ليبرمان وخافير سولانا مسؤول ملف الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي، تم أيضا وسط تعتيم. ولم يصدر عنه بيان مشترك. بينما أصدر سولانا بيانا حرص فيه على الإشارة إلى الخلاف بين الاتحاد وليبرمان حول عدة قضايا، في مقدمتها موضوع السلام على أساس مبدأ «دولتان للشعبين». وفي ألمانيا حرص وزير الخارجية فرانك فولتر شتاينماير، على عدم التقاط صورة مشتركة مع ليبرمان. وأقام له مأدبة عشاء في فندق، وليس في وزارة الخارجية كما هو متبع. وقالت صحافية ألمانية تعمل في تغطية أحداث الشرق الأوسط منذ سنين طويلة، إنها لا تذكر أن تم إخفاء شخصية سياسية في دول أوروبا عموما وألمانيا بشكل خاص، مثلما تم إخفاء زيارة ليبرمان. وأضافت: «ليس في أوروبا وحدها، بل أعتقد أن هناك من هو في إسرائيل أيضا معنيّ بأن يبقى ليبرمان صامتا، إلى حين يلتقي رئيس حكومته بنيامين نتنياهو، مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، ويعرض عليه خطته السياسية. فهم لا يريدون له أن يطلق تصريحات سخيفة كعادته، فيشوش على زيارة نتنياهو في البيت الأبيض». وتعول فرنسا كثيرا على سياسة الرئيس أوباما الشرق أوسطية رغم أن الإدارة الأميركية لم تعرض حتى الآن «خطة متكاملة» لتحركها واكتفت بتصريحات من هنا وهناك تشدد على أهمية قيام الدولة الفلسطينية والسلام الشامل. وقالت المصادر الفرنسية إن الأربعين يوما القادمة «ستكون بالغة الأهمية» بالنسبة إلى ملف السلام في الشرق الأوسط وأهمها الأيام العشرة الأخيرة لأنها ستشهد جولة الرئيس أوباما الشرق أوسطية يزور خلالها الأردن ومصر وإسرائيل وفلسطين ابتداء من 7 يونيو (حزيران) المقبل واجتماع الشراكة الأوروبي ـ الإسرائيلي وقبلها زيارات نتنياهو والرئيسين الفلسطيني محمود عباس والمصري مبارك لواشنطن.