موقع رئاسة الحكومة البريطانية الإلكتروني يطالب باستقالة رئيس الوزراء

TT

منذ أن تطورت وسائل التواصل الإلكترونية خلال السنوات العشرة الماضية، تعمل حكومات وحركات سياسية مختلفة على الاستفادة من هذه الوسائل للتواصل مع شعوبها والتحسين من شعبية زعمائها. إلا أن هذه الوسائل أحيانا تصبح سيفا ذا حدين، إذ انقلبت أخيرا على رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون وأصبح الموقع الإلكتروني الرسمي لحكومته يعمل ضده. فموقع مقر الحكومة البريطانية «10 داونينغ ستريت» فتح المجال للبريطانيين بوضع عرائض إلكترونية تقدم إلى رئيس الوزراء، لتكون وسيلة إضافية للعرائض الورقية التي تقليديا تسلم إلى رئاسة الحكومة البريطانية للنظر في قضية تهم الشارع البريطاني. وقرر أحد المعارضين لبراون، يدعى كالفيس جانسونز، أن يضع عريضة بسيطة على الموقع الإلكتروني الرسمي، فيها طلب واحد من رئيس الوزراء: الاستقالة. وخلال أيام من تقديم جانسونز العريضة على الموقع الإلكتروني، تصاعدت أرقام المؤيدين الموقعين إليها، لتصبح أمس أكثر العرائض شعبية على الموقع بعد توقيع 54,800 بريطاني عليها. وبعد أن أصبحت أكثر عريضة شعبية على الموقع، أصبحت العريضة الأولى التي يراها متصفح الموقع الإلكتروني. وقال ناطق باسم الحكومة البريطانية لـ«الشرق الأوسط» إن «الغالبية العظمى من العرائض تقبل على الموقع، ما دامت تلتزم بقوانين الموقع». وهذه القوانين تشمل عدم الإساءة إلى شخص معين أو خرق قوانين البلاد أو الإشارة إلى قضية معينة في المحاكم البريطانية كي لا تؤثر على سير محاكمة أو أخرى. وأضيف أكثر من 150 توقيعا إلى الموقع الحكومي خلال ساعتين ظهر أمس، وتصاعدت الأرقام مع تغطية فضيحة إعلامية جديدة هزت حكومة براون. وجاءت الفضيحة إثر نشر صحيفة «ذا ديلي تلغراف» تفاصيل مصرف براون الشهير وعلى حساب دافعي الضرائب، ومعه وزراء ونواب بارزون. وعلى الرغم من أن مصرف براون قانوني فإنه تعرض لحرج بعد ظهور قائمة تشير إلى دفعه 6500 جنيه إسترليني لشقيقه لتغطية تكاليف تنظيف شقته عندما كان وزيرا للخزانة. وسارع مكتب براون لتوضيح القضية، فنشر عقد بين براون وشقيقه أندرو ومنظفة منزلية كان أندرو يدفع لها راتبها كاملا، ورئيس الوزراء يعوض نصف التكاليف إذ كانت تنظف شقته بالإضافة إلى شقة أندرو. وانشغل الإعلام البريطاني بتفاصيل مصرف براون وغيره من الوزراء، مما دفع الحكومة البريطانية لتقديم شكوى رسمية للشرطة حول تسريب المعلومات السرية. وأكدت الشرطة أمس أنها ستفتح تحقيقا رسميا بالقضية التي تأتي بعد سلسلة تسريبات للإعلام البريطاني أحرج حكومة براون. وكتب رئيس الوزراء البريطاني السابق جون ميجور أمس مقالا ينصح براون فيه بالتركيز على السياسة بدلا من المعارك الداخلية لحزب العمال. وقال ميجور في مقالة في صحيفة «ذا ديلي تلغراف» البريطانية اليمينية أمس: «أقدم له نصيحة واحدة صادقة: خَوض الانتخابات المقبلة بناء على السياسات لا الشخصيات، على المعلومات لا الخرافات... شعب هذا البلد يستحق حملة مثل هذه كي يتخذوا قرارات مبنية على المعرفة». وتأتي نصيحة ميجور بناء على تجربته إذ كان رئيس وزراء بريطانيا ورئيس حزب «المحافظين» عندما خسر حزبه الانتخابات وقيادة البلاد بعد 18 سنة من الحكم عام 1997. واختتم مقالته بالقول إن حتى إن كان التركيز على السياسة بدلا من الصراعات الداخلية والشخصية «لم تجعل حزب العمال يفوز بالانتخابات المقبلة، سيغادر غوردون براون منصبه رجلا أكثر رضاء».

وكان براون حاول التحسين من شعبيته من خلال اعتماد وسائل تكنولوجية جديدة للتواصل مع الشعب البريطاني، إلا أن محاولاته لم تنجح. وانتقدت وسائل الإعلام البريطانية جهود براون الأخيرة في التحسين من صورته من خلال عرض سياسة مراقبة مصرف النواب البريطانيين على موقع «يوتيوب» الذي شاهده فقط 4 آلاف بريطاني وغالبتهم للسخرية منه. ومنذ 17 أبريل (نيسان) 2007، حمّلت قناة رئاسة الحكومة البريطانية على موقع «يوتيوب» الإلكتروني 341 شريطا تسجيليا وشاهدها فقط 759 ألفا. ولم تحصل قناة براون على الرواج الذي يحققه سياسيون آخرون مثل باراك أوباما، الذي حصل على 21.5 مليون مشاهد منذ توليه السلطة في يناير (كانون الثاني) الماضي.