زرداري: الأسلحة النووية ليست كلاشينكوف.. ولا خوف على ترسانتنا

الرئيس الباكستاني في مقابلة تنشرها «الشرق الأوسط» : لا نملك طائرات بلا طيار لقصف الإرهابيين لذا تقوم به أميركا

الرئيس الباكستاني آصف زرداري («الشرق الاوسط»)
TT

يساور الغرب القلق بشأن الاستقرار في باكستان، وتنشر «الشرق الأوسط»، هنا، مقابلة أجرتها مجلة «دير شبيغل» الألمانية مع الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري، 53 عاما، تناولت محادثات السلام المتعثرة مع حركة طالبان، والأماكن التي يحتمل أن يكون أسامة بن لادن يتنقل بينها، وأمن الترسانة النووية الباكستانية. وقال زرداري إن فشل الجيش الباكستاني في القضاء على طالبان يعود إلى طبيعية المناطق الجبلية التي تحارب فيها قواته، مشيرا إلى أنها تحد كثيرا من قدرات الجيش وعمله، وأوضح أن قوات طالبان تهاجم ثم تذوب في الجبال. واعترف أن الحركة الأصولية تتفوق عددا وعتادا على قدرات السلطات المحلية. وشبه عناصرها بأنهم مثل زعماء الهنود القدماء في الولايات المتحدة الذين لم يحبوا الاعتراف بحقيقة أنهم كانت تحكمهم القوانين الأميركية.

وقال زرداري إن قواته لا تملك طائرات بدون طيار لاستهداف الإرهابيين، لذا تقوم بهذه المهمة القوات الأميركية. وحول دعوة حركة طالبان في وادي سوات، أسامة بن لادن إلى العيش معهم، قال زرداري «ستكون لفتة عظيمة إذا خرج (بن لادن) في العراء ليتيح لنا الفرصة كي نلقي القبض عليه»، لكن الرئيس الباكستاني اعترف أنه لا يعرف ما إذا كان بن لادن على قيد الحياة أم لا. وقال «الأميركيون قالوا لي إنهم لا يعرفون. لديهم معلومات أفضل ويبحثون عنه منذ وقت طويل». وهدد زرداري من فشل الديمقراطية في باكستان، مشيرا إلى أن «أي نهاية ستكون متوقعة» لكنه أشار إلى أن هذا السؤال غير مطروح حاليا. وطمأن العالم بأن كل «المؤسسات والأسلحة المهمة دوما تحت حماية أمنية إضافية»، وأضاف أن «لا خوف على ترسانتنا (..) الأسلحة النووية ليست كلاشنكوف»، ولن تفلح طالبان في السيطرة عليها. والى نص الحوار

* سيادة الرئيس، تتقدم حركة طالبان أكثر وأكثر من قلب باكستان، ألا توجد لدى جيشك الرغبة أو القدرة على محاربة المتطرفين بصورة فعالة؟

- لا هذا ولا ذاك، سوات لديه طبيعة خاصة، فالتضاريس المادية تحد من قدراتنا وعملنا. ولدينا حال مشابه في باجوار على امتداد الحدود مع أفغانستان، فقد ذهبنا إلى هناك أيضا بطائرات إف 16 ودبابات ومدفعية ثقيلة وقواتنا. وفي ذلك الوقت كان يعيش 800 ألف شخص في المنطقة، ونزح 500 ألف بسبب القتال. ومع ذلك، كنا نحتاج من السكان المحليين البقاء والمساعدة في مقاومة طالبان على أرضهم. وبالنسبة لـ«سوات»، استخدمت حركة طالبان المواطنين كدروع بشرية. وكان يمكن أن تكون نتيجة القيام بهجوم أكبر وقوع إصابات وقتلى أكثر بين المدنيين. وبالنسبة لنا، دائما ما نطبق مبدأ سياسة الحوار، فالحرب ليست الحل لجميع المشاكل.

* اتفاق السلام الذي دعمته أنت مع الإسلاميين المسلحين في وادي سوات فشل كغيره من قبل، فحركة طالبان لم تترك السلاح كما تم الاتفاق عليه. هل تعتقد أن عقد الصفقات مع المتطرفين استراتيجية واقعية لتحقيق السلام؟

- خلال المفاوضات، حاولنا أن نفرق بين المقلّدين أو المجرمين والعناصر الرئيسة. إنه عمل مسلح قائم، ويستغرق وقتا كي ينتهي. نمضي قدما مع قواتنا، نمشي ونتراجع وننسحب وبعد ذلك تستمر طالبان في هجوم جديد. إنها قضية طويلة ولا توجد موسوعة يمكن الرجوع إليها للحصول على إجابات. أنصحك بالقراءة حول الحروب الأفغانية. هذه هي الطريقة التي تحارب بها طالبان، وهم من البشتون: يقاتلونك وبعد ذلك يذوبون في الجبال. وغالبا لا يمكنك أن تحدد الهدف وما يدعون له. يشبه هؤلاء الرجال الزعماء الهنود القدماء في الولايات المتحدة الذين لم يحبوا الاعتراف بحقيقة أنهم، حينئذ، كانت تحكمهم القوانين الأميركية.

* يزعم المفاوض الرئيس عن حركة طالبان في سوات صوفي محمد أن الديمقراطية تقف ضد الإسلام. وعليه، ما هي أسس عقد اتفاق؟

- عندما يرفض الاعتراف بالدستور الباكستاني، فإنه ينتهك بنود اتفاق السلام، وهذا يعطي المفاوضين عنا والجمهور الدعم الذي نحتاجه لقتاله. إذا لم تفلح الاتفاقية، فسيكون على البرلمان أن يبت بشأنها. هذه هي الديمقراطية، وكما ترى، فهي تثمر.

* في هذه الأثناء، دخل الجيش في معارك ضد طالبان، أليست هذه عملية وهمية من أجل تهدئة الغرب الذي يشعر بالقلق؟

- إنها عملية على نطاق واسع، فبصورة مجملة، هناك أكثر من 100 ألف جندي باكستاني في المنطقة، وبالطبع لدينا استراتيجية شاملة وخطة لإعادة الإعمار.

* تدعو طالبان بصورة متزايدة الفقراء إلى اتباعهم وطرد ملاك الأراضي والإقطاعيين. هل ترى أن الإسلاميين يتحولون إلى حركة اجتماعية تستثير المحرومين في باكستان ضد النخبة الثرية، الذين يعارضون إصلاح الأراضي؟

- لا أرى ذلك، في مناطق الأقاليم الحدودية الشمالية الغربية لا يوجد إقطاع لأنه لا توجد أرض متاحة تكون كافية للزراعة، إنها منطقة جبلية في المجمل. وهناك عائلات قديمة ويوجد نظام قبلي يستند على القوانين القبلية وهذا أمر طبيعي منذ عدة قرون. وتتمتع حركة طالبان بالتفوق من ناحية الإعداد والسلاح كما أنها ذات منحى عدائي أكبر، ولذا فإنهم في بعض الأحيان يتغلبون على السلطة المحلية.

* لماذا لا تنقل بعضا من فرق الجنود التي تقييم على الحدود الشرقية مع الهند إلى الحدود الشمالية الغربية، حيث توجد حاجة أكبر بصورة واضحة؟

- للحدود على الجانبين أهمية متساوية. والواقع أن الهنود قاموا أخيرا بزيادة جنودهم على الحدود مما خلق شيئا من المخاوف. ونقوم بالرد بالصورة المناسبة ونحن نفهم بلادنا أفضل ممن هم ليسوا منها. وخلال العام الجاري قمنا بالفعل بقتل العديد من المقاتلين الأجانب وعدد أكبر من المهاجمين المحليين، تكبد خصومنا خسائر فادحة، هذه معركة خطرة.

* دعت حركة طالبان في وادي سوات أسامة بن لادن إلى العيش معهم وعرضوا عليه الحماية من الجيش الباكستاني والأميركيين. ماذا ستفعل إذا قبل عرضهم؟

- ستكون لفتة عظيمة إذا خرج أسامة بن لادن في العراء ليتيح لنا الفرصة كي نلقي القبض عليه. والسؤال في الوقت الحالي: هل هو ما زال على قيد الحياة أم لا؟ قال لي الأميركيون إنهم لا يعرفون. لديهم معلومات أفضل ويبحثون عنه منذ وقت طويل، ولديهم قدر أكبر من المعدات والاستخبارات وأدوات التنصت عقب الأقمار الصناعية والمصادر على الأرض في باكستان، ويقولون إنه ليس لديهم أي أثر له. استخباراتنا لها الرأي نفسه. من المفترض أنه لم يعد موجودا، ولكن لم يتثبت بعد.

* العلاقة بين الحكومة الديمقراطية في إسلام آباد والجيش المسيطر تقليديا لم تكن علاقة سهلة. هل تثق في رئيس أركان جيشك الجنرال اشفاق كياني، وجهاز الاستخبارات الداخلي؟

- إنها علاقة مثمرة مبنية على الثقة وأنا على إطلاع جيد، حزبي، حزب الشعب الباكستاني، وحلفاؤه لديهم أغلبية وبها شفافية. وفي الوقت الحالي، لا أرى أن هناك خطر حدوث انقلاب عسكري.

* لماذا تترك عملية الإجهاز على الإرهابيين البارزين في منطقة القبائل الباكستانية للأميركيين، الذين تحظى هجماتهم باستخدام الطائرات دون طيار بعدم قبول على نطاق واسع بين المواطنين؟ لماذا لا تقومون بهذا الأمر بأنفسكم؟

- لو كانت لدينا تقنية الطيارات دون طيار، كنا سنفعل. ستكون هذه ميزة. ودائما ما نقول إننا لا نقدر الطريقة التي يتناول بها الأميركيون القضية. ونعتقد أن لها نتيجة عكسية، ولكنها تحدث في الأغلب في المناطق الحدودية بين باكستان وأفغانستان، وهي منطقة لا تخضع لسيطرة أو نفوذ أحد.

* ماذا تأمل أن يتحقق خلال زيارتك للرئيس الأميركي باراك أوباما خلال الأسبوع الجاري؟

- هذا سؤال قيمته مليون دولار، وآمل أن تكون الإجابة مليارات الدولارات، لأنني احتاج هذا المال لإصلاح الاقتصاد الباكستاني. والفكرة هي طلب أن يقدر العالم حساسية الوضع في باكستان والتحديات التي تواجهها والتعامل معنا مثل جنرال موتورز وكرايسلر وسيتي بنك.

* ينظر الأميركيون في الوقت الحالي إلى باكستان النووية على أنها الدولة الأكثر خطورة، وكانت زوجتك، بي نظير بوتو، التي اغتالها الإرهابيون، تخشى من سقوط الأسلحة النووية بدولتك في أيادي المتطرفين الإسلاميين. هل تخشى أنت أيضا من ذلك؟

- إذا فشلت الديمقراطية في هذه البلد، وإذا لم يساعد العالم الديمقراطية، فكل نهاية ممكنة. ولكن، طالما أن هناك ديمقراطية، فمثل هذا السؤال غير مطروح، فجميع المؤسسات والأسلحة المهمة تكون دوما تحت حماية أمنية إضافية. الأسلحة النووية ليست كلاشنكوف، التقنية معقدة، ولذا لا يمكن لحركة صغيرة مثل طالبان أن تأتي وتضغط على الزر مثلا، لا يوجد زر صغير، أريد أن أطمئن العالم أن المقتدرات النووية الباكستانية في أيد آمنة.

* (مجلة «دير شبيغل» بالاتفاق مع خدمة «نيويورك تايمز»)