أوباما يستعيد نظام المحاكم العسكرية في غوانتانامو

وفق قواعد جديدة تعطي للمشتبه بهم مقدارا أكبر من الحماية القانونية

TT

قال مسؤولون حكوميون إن إدارة أوباما تتجهز لاستعادة العمل بنظام اللجان العسكرية المطبق في خليج غوانتانامو بكوبا، ولكن سيكون ذلك في إطار قواعد جديدة تعطي للمشتبه في ضلوعهم في أعمال إرهابية مقدارا أكبر من الحماية القانونية. وسوف تمنع القواعد الجديدة استخدام الأدلة التي تم الحصول عليها خلال عمليات استجواب قسرية، وتضع قيودا على قبول الشهادات التي تتضمن معلومات لم يتسن التثبت منها، وتعطي للمعتقلين حرية أكبر في اختيار من يدافع عنهم، حسب ما قاله المسؤولون، الذين تحدثوا شريطة عدم ذكر أسمائهم لأنهم غير مخولين الحديث في هذا الأمر علنا. ويتيح نظام اللجان العسكرية محاكمة المشتبه في ضلوعهم في أعمال إرهابية خلال ظروف في صالح الحكومة وتعطي حماية للمعلومات السرية، ولكنه كان هدفا لانتقادات حادة إبان إدارة الرئيس جورج بوش. وقال باراك أوباما، عندما كان مرشحا للرئاسة في يونيو (حزيران) 2008: «بأي مقياس، فإن نظامنا لمحاكمة المعتقلين يمثل فشلا شنيعا».

وبين الإجراءات الأولى لإدارة أوباما، قامت الإدارة بتعليق عمل اللجان العسكرية لمدة 120 يوما تنتهي في 20 مايو (أيار). ونظرت تنظيمات حقوقية إلى هذه الخطوة على أنها إشارة إلى أنه سيتم وقف العمل بنظام اللجان العسكرية، وتوقعت تحويل القضايا إلى محاكم عسكرية أو فيدرالية. وقال المسؤولون أمس إن إدارة أوباما سوف تسعى لتمديد تعليق العمل بنظام اللجان لمدة 90 يوما بداية الأسبوع المقبل. وأضاف محام على اطلاع بالخطة أنه بعد ذلك سوف يعاد بدء نظام اللجان على التراب الأميركي، وربما في قواعد عسكرية. ويقول توم باركر، وهو متخصص في مكافحة الإرهاب في منظمة العفو الدولية: «هذا تطور غير عادي، ومن شأنه أن يشوّه صورة العدالة الأميركية من جديد». وقال مسؤول في البيت الأبيض إنه لم يتخذ قرار نهائي، وأشار مصدر مشارك في النقاشات إلى أن الخطة تنتظر موافقة أوباما عليها.

ويقول مسؤولون إن التمديد سوف يتيح للإدارة القيام بإخطار الكونغرس قبل 60 يوما من إجراء تغيير على أي من القواعد المرتبطة بطريقة عمل اللجان. وكان الكونغرس قد أنشأ اللجان في 2006 بعد أن أبطلت المحكمة العليا نظاما للمحاكم العسكرية أنشأته إدارة بوش. وتعكس خطة إدارة أوباما لإعادة العمل بنظام اللجان العسكرية مع إجراء بعض التعديلات الخوف من أن بعض القضايا سوف تفشل أمام المحاكم الفيدرالية أو في ظروف قانونية عسكرية سليمة. وقال مسؤول في الحكومة: «إن الوضع يبدو أكثر صعوبة في الوقت الحالي عما كان في 20 يناير (كانون الأول)». وتعهد مناصرو الحريات المدنية، الذين يصرون على أن المحاكم الفيدرالية يمكنها التعامل مع قضايا الإرهاب، بالطعن في أي إجراء جديد. وقال أنطوني روميرو، المدير التنفيذي لاتحاد الحريات المدنية الأميركي: «بالقطع، سوف نقيم دعاوى ضد هذا قبل أن يبدأوا في تطبيقه، فأي محاولة لإجراء تعديلات على اللجان العسكرية تمثل خطأ شنيعا، ولا توجد طريقة لإصلاح نظام معيب لا يحقق عدالة». وطبقا للتغييرات الجديدة في القواعد التي أدخلتها الإدارة، فإن الأدلة التي لم يتسن التثبت منها سوف يسمح بها إذا قرر قاض أنه يمكن الاعتماد عليها، حسب ما قاله مسؤولون أضافوا أن ذلك سوف يساعد الحكومة على تقديم معلومات استخباراتية يتم رفضها عادة في المحاكم الفيدرالية أو العسكرية. ولا توجد سابقة لقبول أدلة لم يتسن التثبت منها في أي محكمة دولية، بما فيها المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا سابقا. ويقول روميرو إن السماح بمثل هذه الأدلة في أي من المحاكم الأميركية يعد بمثابة «محاكاة تدعو للسخرية للعدالة التي اتسمت بها إدارة بوش». ولم يتضح بعد ما إذا كانت بعض القضايا سوف يتم تحويلها إلى محاكم فيدرالية أو تخضع لإجراءات عسكرية أخرى للمحاكمة. ويذكر أنه خلال الحملة الانتخابية الرئاسية، انتقد أوباما اللجان العسكرية، وقال إنها فشلت في تقديم «عدالة مؤكدة وسريعة» للمشتبه في ضلوعهم في أعمال إرهابية، ومن بينهم خالد شيخ محمد، الذي يزعم أنه العقل المدبر لهجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001، والذي أسر في مارس (آذار) 2003. ومنذ افتتاح مركز الاعتقال العسكري الأميركي في خليج غوانتانامو في يناير (كانون الثاني) 2002، أدين ثلاثة معتقلين من بين 779 معتقلا هناك بجرائم إرهابية. وقد كان هذا النظام عرضة لطعون قضائية متكررة.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»