الجيش الباكستاني يعلن قتل العشرات من طالبان.. وعزل آلاف الأشخاص في سوات

مقتل 8 أشخاص في قصف أميركي على وزيرستان

أطفال باكستانيون فارون من جحيم وادي سوات يقفون في طابور بمخيم مدينة ماردان لتلقي المعونات الغذائية أمس (أ.ب)
TT

أفاد الجيش الباكستاني أن فلول طالبان في وادي سوات بدأت في التضاؤل بعد أن تخلت عنها العناصر الإجرامية التي تحالفت معها في وقت سابق.

وأشار آخر البيانات التي أصدرتها إدارة العلاقات العامة في الجيش الباكستاني إلى أن العمليات التي قام بها الجيش في وادي سوات أجبرت العناصر الإجرامية التي تحالفت في وقت سابق مع مقاتلي طالبان، على مغادرة مناطق القتال. وأفاد الجيش في آخر بياناته بشأن الوضع في وادي سوات بأنه «تلقينا تقارير تفيد بأن العناصر الإجرامية الذين تحالفوا مع ميليشيات طالبان المتشددة يفرون من المنطقة». ويقدر الجيش الباكستاني وجود ما يقرب من 4.000 مقاتل من طالبان في وادي سوات، بيد أن أحدث التقارير أشار إلى أن صفوفهم بدأت في التضاؤل مع ابتعاد العصابات الإجرامية التي تحالفت معها. وفي هذه الأثناء تنتشر مئات العائلات داخل وحول مدينة منغورا في منطقة النزاع، حيث يمنعهم مقاتلو طلبان من الوصول إلى المناطق الآمنة في المخيمات التي أقامتها الحكومة للأفراد النازحين من الداخل في المدن القريبة من إقليم الحدود الشمالية الغربية. وأفاد الجيش في بيانه الذي أصدره أمس بأن المقاتلين يستخدمون تكتيكات متعددة لمنع سكان منغورا، أكبر مدن وادي سوات، من مغادرة مناطق النزاع.

وقال البيان: «هناك منع للأفراد من مغادرة مناطق النزاع عبر أشكال متعددة من الإكراه وسد الطرق باستخدام الأشجار، وأخذت بعض العائلات كرهائن من قبل المقاتلين».

ووسعت القوات الحكومية من هجومها على معقل طالبان في منطقة وادي سوات شمال غربي باكستان أمس، في الوقت الذي تفاقمت فيه الأزمة الإنسانية في ظل وجود الآلاف من المدنيين المعزولين والمحاصرين بسبب تبادل إطلاق النار بين الجانبين.

ووفقا لتقديرات مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين، فإن ما يقرب من 200 ألف شخص فروا خلال الأيام الأخيرة من المنطقة التي كانت مزارا سياحيا خلابا في السابق، لكنها توقعت نزوح حوالي 300 ألف آخرين. وأعلن الجيش الباكستاني عن «عملية واسعة النطاق» ضد مسلحي طالبان أول من أمس، بعد يوم من دعوة رئيس الوزراء يوسف رضا جيلاني البلاد إلى الوحدة الوطنية، في الوقت الذي صدرت فيه أوامر للجيش «بالقضاء على الإرهابيين».

ورحبت الولايات المتحدة بالهجوم العسكري وسط مخاوف من اهتزاز الاستقرار في باكستان المسلحة نوويا والتي تعتبرها الولايات المتحدة دولة مركزية في جهود محاربة التمرد في أفغانستان. وقال مسئول محلي رفض الكشف عن هويته، إن طائرات هليكوبتر حربية قصفت مواقع المتشددين في بلدة مينغورا الرئيسية في سوات اليوم السبت لإضعاف مقاومة طالبان كما واصلت القوات عمليتها البرية. ولم ترد تقارير فورية عن وقوع ضحايا، لكن تم تدمير العديد من مخابئ المسلحين في الهجمات الجوية. وأفادت تقارير بسقوط 140 قتيلا من عناصر طالبان في اليوم الأول من الهجوم الشامل، بينما لقي على الأقل 7 من القوات الحكومية مصرعهم، ولم يتم التأكد من عدد القتلى بشكل مستقل. وقال المتحدث العسكري الميجور جنرال أطهر عباس للصحافيين، إن القوات تقاتل ما يصل إلى 5 آلاف من مسلحي طالبان المتشددين في وادي سوات الخلاب الذي يقع على بعد 140 كيلومترا شمال غربي إسلام أباد.

وذكر مسئولون أن المسلحين يستخدمون السكان «دروعا بشرية» ويمنعونهم من الهروب من المنطقة التي تشهد قتالا متصاعدا. وقال مراقبون إن هناك إجماعا واسعا على الأقل في الوقت الحالي على أنه من الضروري أن تواصل الحكومة هجومها الشامل ضد طالبان، لكنهم حذروا من أن الوضع قد يتغير في حال وقوع أضرار جانبية كبيرة وإعادة تأهيل غير مناسبة للمشردين.

ومن ناحية أخرى وافق مجلس الوزراء الاتحادي في باكستان أمس على العملية العسكرية الجارية في منطقة مالاكاند . وصرح رئيس الوزراء يوسف رضا جيلاني في مؤتمر صحفي عقب اجتماع مجلس الوزراء، أن مجلس الوزراء قرر أن ينشئ صندوقا تحت إشراف رئيس الوزراء يخصص للمتضررين من العملية العسكرية. وقال جيلاني إنه صدرت تعليمات إلى كل البعثات الباكستانية في الخارج بأن تكثف الجهود للحصول على مساعدات دولية للأشخاص المشردين داخليا. وقال جيلاني إنه سوف يتم إرسال وفد برلماني إلى العديد من العواصم لشرح وجهة نظر باكستان بشأن الموقف الحالي.

ومن جهة أخرى، ذكرت مصادر رسمية أمس أن 24 مسلحا بما في ذلك قائد بارز يدعي ضياء الدين، قتلوا وأصيب أربعة آخرون وتم تدمير العديد من مخابئ المسلحين في هجوم شنته قوات الأمن في مقاطعتي سوات ولوير دير. وقد أقامت السلطات الباكستانية ما يقرب من 12 معسكرا لإيواء السكان النازحين بدعم من وكالات الإغاثة الدولية والمحلية. لكن المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين رون ردموند أكد أن موجة التدفق الجديدة للسكان سوف تشكل «ضغوطا إضافية هائلة» على الموارد. وقصفت طائرات هليكوبتر باكستانية أمس مواقع تابعة لحركة طالبان في معقل الحركة بمنطقة وادي سوات، بينما حال حظر تجول دون انضمام سكان إلى مئات الآلاف من الأشخاص الذين فروا من القتال.

وقال الجيش الباكستاني في وقت متأخر من مساء أمس، إن 143 متشددا قتلوا في غضون الساعات الأربع والعشرين الأخيرة. واشتد القتال الأسبوع الماضي مما أدى إلى عملية فرار مدني ضخم من مناطق القتال في الأيام القليلة الماضية، لكن المخاوف تتنامى حول مصير الأشخاص الذين ما زالوا في المنطقة ولم يتمكنوا من التحرك بسبب حظر التجول. وقال صلاح الدين خان، وهو أحد سكان مينغورا المدينة الرئيسية في وادي سوات عبر الهاتف، نشعر بالعجز. نريد الخروج لكننا لا نستطيع لأن هناك حظرا للتجول. وقال مسؤولون عسكريون إن طائرات هليكوبتر استهدفت ملاذات المتشددين في مينغورا أمس بعدما أطلق متمردون الصواريخ على قاعدة عسكرية في البلدة، لكن لم ترد تقارير فورية حول وقوع أي ضحايا من الجانبين.

وقال خوشال خان كبير المسؤولين الإداريين في سوات لـ«رويترز»، إن حظر التجول سيظل قائما خلال اليوم، لكنه قال إن فسحة من الوقت ستتاح لاحقا للسماح لمن يريدون ترك المدينة بالمغادرة. وذكرت وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، أن هناك عملية نزوح واسعة النطاق ويقيم العديد من الفارين مع أقاربهم أو أصدقائهم أو يجدون لأنفسهم مكانا آخر للإقامة، لكن وكالات الإغاثة ومسؤولين يخشون من نقص الموارد إذا تفاقم الوضع وانضم هؤلاء إلى عشرات الآلاف من الأشخاص الذين يعيشون في مخيمات. وقال خالد خان عمرضاي وهو مسؤول في الإقليم الحدودي الشمالي الغربي الأسبوع الماضي، إذا استمر الصراع أكثر من ذلك نتوقع أن يدخل المخيمات الأشخاص الذين يعيشون خارجها وستكون هذه مشكلة ضخمة. ويشن الجيش الباكستاني منذ 13 يوما هجوما واسعا ليستعيد من طالبان السيطرة على وادي سوات الذي كان مقصدا سياحيا. وتوعد زرادري بحرب شاملة ضد طالبان، مؤكدا أنه يريد القضاء عليهم. وقال في واشنطن «إنه هجوم، إنها الحرب. إذا قتلوا جنودنا سنقوم عندئذ بالشيء نفسه». وفي شأن الهند المنافس التاريخي لباكستان، جدد زرداري وعده بالعمل على تحسين العلاقات معها. وقال «طالما اعتبرت الهند جارا نريد تحسين علاقاتنا معه».

إلى ذلك، صرح مسئول استخباراتي أن هجوما صاروخيا يشتبه في أن طائرة أميركية بدون طيار شنته أمس قتل ما لا يقل عن ثمانية أشخاص. ويعتقد أن طائرة أميركية بدون طيار أطلقت صواريخ استهدفت مدرسة حكومية مهجورة في منطقة ساراروغا في إقليم جنوب ويزرستان القبلي. ويزعم أن مسلحين محليين من طالبان يستخدمون المبنى كمنشأة للتدريب. وقال المسئول، الذي تحدث بشرط عدم الكشف عن اسمه «وفقا للأرقام الأولية فإن خمسة أشخاص قتلوا وأصيب نحو 12 آخرين». وقال المسئول إنه لا يمكن على الفور تأكيد هويات القتلى. وكانت قناة «جيو» الإخبارية الباكستانية قد نقلت في وقت سابق أمس عن مصادر قولها إن طائرة أميركية أطلقت أربعة صواريخ على منزل ومدرسة في ساراروغا في جنوب وزيرستان، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن ثمانية أشخاص وإصابة سبعة.

وأضافت المصادر أن السكان المحليين انتشلوا ثماني جثث من تحت الأنقاض، بينما أصيب سبعة أشخاص بجراح.