مسؤول أميركي: سنقيّم سياسات أي حكومة لبنانية مقبلة لتحديد طريقة التعامل معها

دعا من خاب أملهم بقرار الإفراج عن الضباط إلى «الصبر» للوصول إلى نتائج «عادلة وجيدة»

TT

كغيره من المسؤولين الأميركيين الذين يزورون لبنان، وجد نائب مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد هيل نفسه مضطرا إلى إعادة تأكيد التزام بلاده حيال لبنان، وعدم وجود «صفقة» ما مع سورية تمس بسيادته واستقلاله. وهذا التكرار الذي يرده هيل إلى «ثبات الموقف الأميركي» حيال لبنان، ترده السفيرة الأميركية في بيروت ميشيل سيسون إلى «كثرة التساؤلات».

السفير هيل الذي كان يتحدث في ختام زيارة للبنان استمرت يومين إلى طاولة مستديرة مع عدد محدود جدا من الإعلاميين في السفارة الأميركية في بيروت، شاركت فيها «الشرق الأوسط»، أكد أن بلاده سوف تقيّم سياسات أي حكومة لبنانية مقبلة لتحديد طريقة التعامل معها، مبديا ثقته بوعي اللبنانيين وقدرتهم على إنتاج «عملية انتخابات ديمقراطية ونزيهة».

ودعا هيل الذين أصيبوا بخيبة أمل من قرار إطلاق الضباط الأربعة بقرار من المحكمة الدولية إلى «الصبر»، معتبرا أن هذه العملية تحتاج إلى وقت طويل للوصول إلى نتائج «جيدة وعادلة»، رغم تفهمه لتطلعات بعض الذين فقدوا قادتهم وأفرادا من عائلاتهم في هذه الجريمة، مكررا تمسك بلاده وثقته بحياد هذه المحكمة ونزاهة قضاتها.

وأسف هيل كون المنطقة «على ما يبدو منقسمة بين متطرفين يؤمنون بالعنف وسيلة، وبين معتدلين يؤمنون بالأساليب السلمية للوصول إلى ازدهار منطقة الشرق الأوسط واستقرارها... نحن نؤمن بأن الغالبية في المنطقة معتدلة»، وأضاف أن «المتطرفين يستفيدون من بعض الصعاب التي تواجهها المنطقة كالوضع الفلسطيني والوضع في لبنان».

وأشار إلى أن الإدارة الأميركية تعتقد «أن بإمكان سورية أن تضطلع بدور إيجابي في استقرار المنطقة، ونأمل أن تقوم بذلك». وردا على سؤال عن وجود علاقة بين تمديد العقوبات على سورية وبين «الأداء» السوري في لبنان والمنطقة، قال هيل: «العقوبات على سورية سنوية، وهي على مراحل ومستويات مختلفة، وكان بعضها على وشك أن ينتهي، وهي تحديدا المجموعة التي فرضت في عام 2004، والتي تتعلق باعتبارات ترى الولايات المتحدة أنها تشكل مساسا بمفهوم الأمن الوطني الأميركي. تمديد العقوبات كان روتينيا، وتوقيته يتعلق بموعد انتهاء العقوبات المفروضة لا أكثر، ولهذا لا يمكن أن أضع تفسيرات أخرى له».

وأشار إلى أن «الموجبات التي استدعت وضع هذه العقوبات قائمة، ولهذا تم تمديدها». وقال: «لقد بدأنا للتو الحوار مع سورية، ونحن نعتقد بوجود احتمال تعاون سوري يجب مواصلته. وهناك بعض التقدم، خصوصا لجهة الطريقة التي تعالَج بها القضايا المشتركة دبلوماسيا. وهناك نقاط تقدم محتملة تتعلق بالمحافظة على استقرار العراق والوصول إلى سلام شامل في المنطقة».

أما عن «السلوك السوري في لبنان» فقال هيل: «لا أريد أن أعلق على تفاصيل المحادثات الدبلوماسية مع سورية، لكني أريد أن أؤكد أن تصرفنا في المحادثات الخاصة مماثلة لتلك التي نعلنها في تصريحاتنا، وهي ضرورة عدم التدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية. لبنان عانى كثيرا من التدخلات الخارجية، وليس من سورية وحدها، فالعديد من الدول تدخلت في وقت ما في الشؤون الداخلية اللبنانية. أعتقد أن هذه الأيام قد أصبحت خلفنا، بسبب العديد من التضحيات التي قدمها القادة اللبنانيون. ونحن سنقوم بكل ما في وسعنا لمنع أي تدخل مماثل».

وأكد هيل تعليقا على الانتخابات النيابية في لبنان، أن الولايات المتحدة «ستقيّم السياسات التي ستتبعها الحكومة المنبثقة من هذه الانتخابات، وهذا أمر أعتقد أن العديد من الدول ستقوم به لتحديد التعاون المستقبلي معها». وقال إن بلاده لن تعمل بنصيحة الرئيس السوري بشار الأسد بفتح حوار مع حزب الله وحماس، لأنها «لا تزال تؤمن بأن هاتين المنظمتين إرهابيتان. وهذا باق ما دامتا تتوسلان العنف للوصول إلى أهدافهما».

وردا على سؤال آخر عن تعامل بلاده مع أي حكومة قد تنتج عن فوز قوى «8 آذار» في هذه الانتخابات، كرر هيل نفس الإجابة حول أن «الخيارات يجب أن يحددها الشعب اللبناني... والولايات المتحدة تؤمن بالديمقراطية.. وتؤمن بحرية لبنان وسيادته واستقلاله ودعم المؤسسات الدستورية اللبنانية».

وأبدى هيل ثقته «بنزاهة المحكمة الدولية والإجراءات التي تقوم بها وشفافيتها»، وقال: «نحن نواصل دعمنا لها، ورفضنا لأي تدخلات سياسية أو غير سياسية في مسارها. ومن غير الصحيح ما قد يشاع عن أن عمل هذه المحكمة قد يتأثر بنتائج المفاوضات الجارية في المنطقة أو أي تسويات محتملة. وليس دوري أن أعلق على التوقيت الذي اختارته لاتخاذ قرارها بشأن الضباط. من خبرتي أستطيع أن أقول إن هذه القضايا تحتاج إلى وقت طويل، وفيها مطبات وفيها إنجازات، والتحقيقات كانت دائما أبعد بكثير من هؤلاء الضباط، وهي مستمرة. هذا أمر يحتاج إلى وقت. أتفهم أن بعض الذين خسروا عائلاتهم وقادتهم يتوقون للوصول إلى نتائج، لكنها تحتاج إلى وقت. والصبر من شأنه أن يأخذنا إلى النتائج الصحيحة والعادلة».