المحبوب عبد السلام لـ«الشرق الأوسط»: أوكامبو يرسم سياسات الخرطوم

المتحدث باسم حزب الترابي: الرؤية المصرية تقوم على حل سوداني شامل لا يستثني أحدا

TT

اتهم المحبوب عبد السلام المتحدث الرسمي باسم حزب المؤتمر الشعبي السوداني الذي يتزعمه الدكتور حسن الترابي، النظام السوداني باتباع سياسات متخبطة لمواجهة اتهامات لويس أوكامبو المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية التي أصدرت مذكرة اعتقال دولية بحق الرئيس السوداني عمر البشير، لدرجة أنه يمكن القول إنه (أوكامبو) هو الذي يرسم السياسات السودانية. وأضاف عبد السلام لـ«الشرق الأوسط» أن الطرح المصري لحل مشاكل السودان يوافق إجماع الأحزاب السودانية؛ لأن الرؤية المصرية تقوم على حل شامل لا يستثني أحدا. وقال المتحدث الرسمي باسم حزب المؤتمر الشعبي السوداني، إن السودان أصبح بلدا متشظيا ويحتاج إلى مصالحة حقيقية بين كتله الكبيرة وبين مناطقه وأجياله، ويحتاج أيضا إلى وحدة حقيقية في وجه نظام حاكم لا يهمه أن تنشق أو تتمزق الأحزاب التي تمثل العمود الفقري لوحدة البلاد السياسية ما دام ذلك يساعده على البقاء في كراسي السلطة. وقال عبد السلام لـ«الشرق الأوسط» إن برنامج الحكومة السودانية السياسي والاقتصادي أصبح يخطه أوكامبو، مشيرا إلى أن الحكومة إذا احتفلت بافتتاح سد مروى فإن منطلقاتها لا تقوم على حقيقة المشروع بإنتاجه للماء أو الكهرباء، إنما استنادا إلى التوقيت الذي يسبق قرار الجنائية الدولية بتوقيف البشير، ثم ينتهي ذلك بفضيحة كالتي تشهدها كهرباء الخرطوم اليوم. وأضاف الناطق باسم «الشعبي» أن برنامج الحكومة السياسي أصبح يحدده أوكامبو أيضا لحاجتهم المهمة إلى شرعية جديدة في وجه قراره، فتحمسوا لانتخابات في فبراير (شباط) القادم من أجل التمديد لهم في البقاء على كراسي الحكم بإيجاد شرعية انتخابية حتى ولو كانت منقوصة في ظل قوانين مقيدة للحريات ورقابة على الصحف ومنع لرؤساء الأحزاب من السفر وتعطيل نتيجة الإحصاء السكاني.

وفى رده على سؤال حول التصريح الذي نُسب إليه بأن موقف الترابي من الجنائية الدولية هو رأيه الشخصي، قال المحبوب إن «الأمر ليس كذلك، ولكن عندما سألني أحد الحضور في ندوة بالقاهرة إذا ما كان المؤتمر الشعبي قد أصدر بيانا يطالب فيه بتسليم البشير للجنائية الدولية فأوضحت له بأن الحزب لا يصدر بيانات في شؤون العدالة والقضاء والقانون، لكنه يصدر بيانات سياسية يحمل فيها الرئيس البشير والمؤتمر الوطني المسؤولية السياسية عما جرى في دارفور». وأضاف أن الدعوة لتسليم البشير للمحاكمة جاء في تصريح للأمين العام الدكتور الترابي لإحدى وكالات الأنباء، وتم اعتقاله بعدها. وأصبحت قضية الحزب هي المطالبة بإطلاق سراحه وتمكينه من التعبير عن آرائه العامة والخاصة. وقال المحبوب عبد السلام إن الترابي فقيه دستوري، وكان قد قدم ورقة إلى المؤتمر العام للجبهة الإسلامية القومية عام 1987، وأعدنا نشرها مؤخرا في صحيفة سودانية، قال فيها الترابي إن الإسلام يعتبر الإنسانية واحدة، وأن التعاون مع منظمات مثل الأمم المتحدة خير، ولكن هناك الآن تطورا في العلاقات الدولية، وفى الأوضاع التي تجري، والحروب الكبرى والتي أملت إرادة المنتصر في مجلس الأمن فجعلت للدول العظمى فيتو، وهذا ظلم لا بد أن ينصلح، ولكن المحاكم والقانون فهو أوجب أن يتداعى له المسلمون، وأن يحرصوا عليه، لأنه مضبوط بالعدالة وليس بالسياسة.

وأضاف: «هناك أطروحات كثيرة طلبت من البشير أن يتخلى عن السلطة وأن تقوم ترتيبات دولية تعطل محاكمته حتى يجد السودان مخرجا معقولا، ولكن توازنات العلاقة المعقدة بين مكونات المؤتمر الوطني الحاكم قد لا تتيح هذا الخيار، ومن ثم لا يتم للسودان إيجاد مخرج يجنبه مصير العراق وأفغانستان والصومال». وقال المحبوب إنه، كمثال الآن، هناك محكمة في لاهاي تفصل في النزاعات بين الدول، والآن تحتكم إليها الحكومة في قضية محددة، وحشدت لها مهرجانا لتشهد وقائع جلساتها، إذا لا مبرر لمقاطعة الأخرى (الجنائية الدولية) التي تحكم ضد الأشخاص.

، خاصة أن الإسلام لا يعطي حصانة لأحد، وهذا هو رأي الدكتور حسن الترابي.

وقال المحبوب إن الترابي كان قد أعلن أنه سيساعد كل المسارات الإقليمية والدولية لحل مشكلة دارفور سواء المسار العربي الذي تقوده مصر أو قطر أو المسار الأفريقي بالتنسيق مع المبعوث الدولي، وأعد لذلك أوراقا خاصة ومعلنة، وكان يريد أن يواصل هذه الجهود ولكن المؤتمر الوطني لا يحتمل أي جهد لا يسيطر عليه بالكامل، حتى لو كانت مبادرة أهل السودان التي زوروا مقرراتها وفرغوها من محتواها.

وقال المحبوب حول الجهود القائمة لحل مشاكل السودان، إن الطرح المصري لحل الأزمة السودانية يوافق إجماع القوى السياسية السودانية حيث تقوم رؤيتهم على حل شامل لا يستثني أحدا، خاصة أن المشكلة قد تجاوزت الإطار المحلي وهى تحتاج للإطار الدولي، كما تحتاج إلى الوجود الإقليمي والمحلي، وهذا ما تبادر به مصر ويوافقها في ذلك حزب المؤتمر الشعبي وسائر الأحزاب السودانية. وحول ما يتردد من أن حركة العدل والمساواة هي الذراع العسكرية للمؤتمر الشعبي، قال إن الذي دفع الإسلاميين من قادة حركة العدل والمساواة للخروج وإنشاء حركة مقاتلة هو شعورهم بأن الحركة الإسلامية ممثلة في حكومة المؤتمر الوطني، أصبحت موبوءة بالانحيازات المناطقية، وتحول ما يسمى بالمشروع الإسلامي إلى مشروع مصالح لأشخاص بعينهم، وفيه ظلم لأقاليم كثيرة في السودان، وهذا كان دافعهم في أول الأمر، ولكن الحركة اتسعت، وهى ترفض اليوم أن تنسب إلى غير نفسها.