البصرة: مخاوف من تعاظم دور المخبر السري في الأجهزة الأمنية

القانون العراقي يمنحه حصانة.. وأحد ضحاياه يشكو: يستطيع أن يتهم أي إنسان بالإرهاب

TT

اتسعت المخاوف في محافظة البصرة،ثاني أكبر المحافظات العراقية، من تعاظم دور المخبر السري وعدم دقة المعلومات الاستخبارية، التي تستقيها منه الأجهزة الأمنية، التي أدت إلى ترويع الأهالي خلال  مداهمة مساكنهم ليلا واعتقال أبنائهم والتي تثبت مجريات التحقيق في الغالب بطلان معظمها، بعد قضاء المشتبه بهم عدة أشهر في المعتقلات.

وشكا عدد من سكان حي الحيانية في البصرة، الذي يقطنه أكثر من ربع مليون نسمه، أنهم أكثر عرضة للمداهمة والاعتقال لكثرة المخبرين السريين بحيهم،من الذين وجدوا في التطوع وسيلة للتخلص من البطالة والعوز والفاقة، فيما حولها البعض إلى وسيلة للابتزاز ورفع المعلومات الكيدية على الآخرين. وقالوا «إذا كان باعث القوات الأجنبية، ومن ثم الأجهزة الأمنية العراقية من إيجاد المخبر السري، هو إشراك المواطنين في التعاون مع الأجهزة الأمنية من أجل استتباب الأمن وترسيخ دعائم دولة القانون في المناطق التي شاعت فيها مجموعات إرهابية، إلا أن تلك الجهات لم تدقق في هوية  المخبر السري قبل اعتماده مما تسبب بعضهم في توريط الأجهزة الأمنية باعتقال الآلاف الأبرياء بتهم كيدية ومآرب خاصة». وكان رئيس الوزراء العراقي قد وعد بإيجاد حلول للتهم الكيدية والوشايات فيما شكا التيار الصدري من تعرض أنصاره إلى الاعتقال بسبب مثل تلك الشكاوى الكيدية. غير أن السلطات الأمنية تنفي «الانقياد وراء معلومات المخبرين السريين بشكل عشوائي من دون تدقيقها ومن ثم اعتقال المشتبه بهم والتحقيق معهم بشكل أصولي وإطلاق سراح الأبرياء منهم»، وأكد مصدر أمني أن المخبر السري ظهر بعد صولة الفرسان، العملية الأمنية التي نفذت في المدينة العام الماضي، باعتباره أحد مصادر المعلومات وعيونا للأجهزة الأمنية. غير أن عددا من المعتقلين الذين أفرج عنهم لاحقا زعموا  أن «المخبر يستطيع كتابة قصاصة ورقية صغيرة يتهم فيها أي إنسان بالإرهاب وممارسة العنف والجريمة، ثم يوصلها بطريقة ما إلى القوات الأمنية التي تحولها  إلى أوامر اعتقال فورية».

وقال كاظم مفتن (37 عاما) إنه «أحد ضحايا المخبر السري الذي لفق عني تهمة المشاركة بزرع العبوات وجلب الأسلحة من دول الجوار، في حين قضيت نصف عمري هاربا من أداء الخدمة العسكرية في زمن النظام السابق كوني أكره العنف»، مشيرا إلى أن «أجهزة الشرطة والمحكمة لم تستطع إثبات تلك التهمة طيلة الأشهر السبعة من الاعتقال، رغم استخدامهم وسائل غير إنسانية معي بغية انتزاع اعترافات بالتهم الموجهة ضدي».

ويرى علي الكعبي، محام، «أن لجوء أي سلطة إلى المخبر السري هو نتيجة لضعف السلطة في بسط الأمن، وأن الاستعانة بالمخبر السري على هذا النطاق الواسع يؤشر إلى وجود خلل أمني كبير، وإن كان قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي رقم 123 لسنة 1971 المعدل أشار في الفقرة الثانية من المادة 47 منه، إلى أمكانية وحق المخبر في قضايا الجرائم الماسة بأمن الدولة الداخلي والخارجي وجرائم التخريب الاقتصادي والجرائم الأخرى المعاقب عليها بالإعدام أو السجن المؤبد أو المؤقت، أن يطلب عدم الكشف عن هويته وعدم اعتباره شاهدا، وللقاضي أن يثبت ذلك مع خلاصة الأخبار في سجل خاص يعد لهذا الغرض ويقوم بأجراء التحقيق وفق الأصول مستفيدا من المعلومات التي تضمنها الأخبار من دون بيان هوية المخبر في الأوراق الحقيقية»، وأضاف «أن القانون منح المخبر السري حصانة شجع بها المخبرين في التمادي بعدم دقة المعلومات وتسببها في اعتقال الأبرياء».

وكان مرصد الحقوق والحريات الدستورية، قد طالب بإلغاء المخبر السري واستبداله بإجراءات مدروسة وصحيحة تكفل تعزيز سلطة القانون واحترام حقوق الإنسان في آن معاً، بما يجعل أداء الأجهزة الأمنية ضامناً لترصين الأمن والعدالة وليس سبيلاً لمظالم اجتماعية تفقد المواطن ثقته بالحكومة ومؤسساتها الأمنية والقضائية.