«الشفافية» و«الفيدرالية» و«الفسيفساء».. مفردات تقتحم حوار الشارع العراقي

مصطلحات الساسة العراقيين تتحول إلى نكات وأساليب للتندر

TT

عصفت مصطلحات عديدة بالمجتمع العراقي بعضها له دلالات على التغيير الذي حصل في العراق في اعقاب الاطاحة بالنظام العراقي السابق واخرى اشتهر بها الساسة العراقيون. ويتبادل العراقيون تلك التعبيرات عبر اجهزة هواتفهم النقالة او البريد الالكتروني والانترنت، الذي يحوي هو الاخر نكاتا تخصصت بالعراقيين وتندراتهم على ساستهم الجدد. وفقدت مصطلحات الساسة بريقها وأصبحت مثار سخرية بين المواطنين في المقاهي والأسواق والشوارع وحتى في البيوت. ويتخلل كلام العراقيين مفردات مثل: الديمقراطية والشفافية والتعددية والنزاههة وحقوق الانسان والفسيفساء الجميلهة والوان الطيف العراقي والمصالحة الوطنية والمربع الاول والضغوط والفيدرالية والمركزية، الى آخره من المصطلحات التي لم تجد لها طريقا الى الواقع الملموس.

والشفافية التي اطلقتها اغلب الدوائر الرسمية في العراق اصبحت موضوعا للتندر ايضا ويقول أحدهم لزوجته مثلا «انا اعاملك بمنتهى الشفافية وانت تعاملينني بدكتاتورية وانتهاك لحقوق الانسان» وترد زوجته قائلة «انك تمارس ضغوطا سياسية علي ولا تعرف ان نهاية الامر سيؤدي الى ان اقوم بتظاهرة سلمية تعبيرا عن حرية الرأي التي كفلها الدستور لي».

ويقول الدكتور عبد المحسن الشافعي، استاذ الاعلام الجماهيري في كلية الاعلام والمتخصص في تأثير المفردات على الشخصية، ان «غرابة المفردات التي دخلت على المجتمع العراقي هي وراء انتشارها بغض النظر ان كانت هذه المفردة مطبقة امامه او لم تطبق، بل ان بعض المفردات لكثرة تكرارها وعدم تفعيلها عمليا تكون اكثر تأثيرا من تلك المفردات المطبقة».

وقال الشافعي لـ«الشرق الاوسط"» ان بعض الساسة العراقيين يستخدم المفردات «وفقا لاجتهاده الشخصي وليس وفق دراسة على استخدام المفردات الرنانة»، موضحا ان «عملية دراسة المجتمع العراقي والمفردات التي يستخدمها لم تكن ضمن دراسة تحليلية».

ومن جهته، يقول صالح سلمان (57 عاما) وهو مدرس «لم اجد مربعا ثانيا وثالثا ورابعا نحن دوما في المربع الاول لم نسمع من الساسة الجدد يوما بأننا في المربع الثالث أو الأخير لم نفهم هذه اللغة، هم دائما في خلاف ولم يتفقوا يوما بينهم على شيء، هم دائما في المربع الأول كما يقولون».

ونقل تقرير لوكالة الانباء الالمانية عن احمد حسين، الفنان الاكاديمي، 36 عاما، قوله «كانت الوان الطيف العراقي جميلة ومنسجمة ومترابطة، احدها يتمم الاخر ومنذ مئات السنين على أرضية الوطن الواحد يجمعها الحب والوئام لكن الاميركيين والساسة الجدد جعلوا هذه الالوان متضادة متضاربة متقاتلة كدروا نقاوتها وزهاوتها من اجل منافع شخصية وحزبية وخدمة لأجندة خارجية». فيما تضيف سعاد سلمان، 26 عاما، وهي خريجة جامعة «لقد تخرجت في الجامعة منذ اربع سنين وقد طرقت ابواب كل الوزارات من اجل ان احصل على فرصة عمل ولم اجد، أينما ذهبت يطلبون مني وثيقة انتماء للحزب الذي يحكم الوزارة، فكل وزارة يحكمها حزب وانا من عائلة لم ينتم اي فرد منها الى حزب لا في السابق ولا في اللاحق. اين الحقوق واين الشفافية واين المساواة والقانون وأين فرص العمل وحقوق المواطنة».

ويقول الحاج جميل، (73 عاما)، «أنا في خوف دائم من مصطلح المصالحة وأخشى ان يكون فخا لاصطياد ابني الطيار الذي هرب الى سورية بعد قتل صديقيه الطيارين على ايدي عصابات مجرمة مدعومة من الداخل وتعمل لحساب دولة مجاورة، كان ضابطا خدم وطنه بشرف ومهنية ولم يرتكب جرما في حياته ورغم أني في شوق اليه لكني أفضل أن يبقى بعيدا عن الوطن حفاظا على حياته».

أما المعلم سيف عبد القادر، 50 عاما، فيلجأ إلى «الضغوط» حين تطلب منه شيئا او مصلحة ما لقضائها حيث يتحجج ساخرا ويقول «علي ضغوط داخلية تجعلني لا استطيع تلبية طلبكم»، فيضحك الكل لعلمهم بأن الضغوط الداخلية تعني زوجته، فكلمة ضغوط كثيرا ما يستخدمها ساسة العراق سواء كانت داخلية او خارجية لتبرير عدم وفائهم بتنفيذ وعودهم.