روكسانا صابري ترغب في الراحة.. وواشنطن تنفي عقد صفقات سرية مع إيران لإطلاقها

مصادر إسرائيلية: واشنطن حددت أكتوبر كمهلة للتجاوب الإيراني.. وإلا ستتجه للتشدد

روكسانا صابري ووالدها يتحدثان للصحافة أمس (أ.ب)
TT

قالت الصحافية الأميركية ـ الإيرانية روكسانا صابري التي أفرج عنها بعد أن أمضت أكثر من ثلاثة أشهر في سجن إيراني، إنها تريد أن تستريح وأن تكون مع عائلتها بعد تبرئة ساحتها من تهمة التجسس لحساب الولايات المتحدة. ويأتي ذلك فيما قالت مصادر مطلعة إن إطلاق صابري جاء بعد تدخلات أميركية ويابانية مكثفة، موضحة أن السلطات الإيرانية تلقت اتصالات من واشنطن خلال الأيام الماضية تحذر من تأثير استمرار الاعتقال على بدء اتصالات بين طهران وواشنطن. وأوضحت المصادر أنه كان هناك جدال في طهران حول إطلاق روكسانا بين جناح متشدد كان يريد استمرار احتجازها واستغلالها كورقة ضغط، وجناح آخر رأى ضرورة إطلاقها كمؤشر على اعتدال طهران ومنعا لتعقد الموقف مع واشنطن. من ناحيته قال مصدر اميركي مطلع انه لم تحدث اى صفقات سرية مع طهران لاطلاق روكسانا. وظهرت صابري التي تبلغ من العمر 32 عاما، والتي قال والدها إنها أضربت عن الطعام لمدة أسبوعين علنا للمرة الأولى أمس منذ أن أفرج عنها أول من أمس، بعد تخفيض الحكم الصادر ضدها بالسجن ثماني سنوات إلى السجن عامين ووقف التنفيذ لمدة خمس سنوات. وأزال الإفراج عنها مشكلة كانت تعترض جهود الرئيس الأميركي باراك أوباما لتحسين العلاقات الأميركية الإيرانية بعد ثلاثة عقود من انعدام الثقة بين الجانبين. ورحب أوباما أول من أمس بهذا الإجراء من جانب إيران بالإفراج عن صابري، ووصفه بأنه «لفتة إنسانية».

وقال رضا صابري والد روكسانا إن ابنته «أدلت بأقوال تحت تأثير بعض الضغوط»، بعد اعتقالها في يناير (كانون الثاني)، ثم تراجعت عنها في وقت لاحق، وقبلت محكمة الاستئناف ذلك. وقال دون أن يخوض في تفاصيل: «زعم أنها أقرت بأنها مذنبة في البداية ثم تراجعت عن أقوالها»، ورغم أنها بدت وقد فقدت وزنا في أثناء وجودها بالسجن فإنه كان واضحا أنها أكثر إحساسا بالاسترخاء والراحة عما كانت لدى وصولها إلى محكمة في طهران الأحد للنظر في الطعن الذي قدمته في إدانتها في الثامن عشر من أبريل (نيسان)، وبعد يوم واحد أفرج عنها. وقالت صابري وهي تبتسم للصحافيين خارج مسكنها في العاصمة طهران، بينما كانت ترتدي غطاء رأس أزرق: «إنني سعيدة للغاية أن أكون مع والدي ووالدتي مرة أخرى». وقالت صابري ملكة جمال نورث داكوتا سابقا: «إنني أتوجه بالشكر إلى جميع الأشخاص في أنحاء العالم، الذين عرفوني أو لم يعرفوني لكنهم ساعدوا في الإفراج عني. وفي الوقت الراهن أريد فقط أن أكون مع والدي وأصدقائي وأن أستريح قليلا». وقال رضا والد روكسانا الذي انتقل إلى الولايات المتحدة في السبعينات لكنه عاد مع زوجته بعد قضية ابنته، إن أسرته تزمع مغادرة إيران، لكنه لم يذكر متى. وقال: «في الليلة الماضية نامت جيدا وتناولت الطعام»، وأضاف: «بالطبع السجن ليس مكانا لطيفا لأي إنسان».

وألقي القبض على صابري التي تحمل الجنسيتين الأميركية والإيرانية في أواخر يناير (كانون الثاني) لاستمرارها في العمل في إيران بعد انتهاء أجل اعتمادها الصحافي، ووجهت إليها في وقت لاحق تهمة التجسس. وقالت الولايات المتحدة إن تهمة التجسس الموجهة إلى صابري لا أساس لها، وطالبت بالإفراج عنها فورا. وقالت طهران التي لا تعترف بالجنسية المزدوجة إن على واشنطن أن تحترم استقلال القضاء الإيراني.

ورأى محللون أن الإفراج عن صابري جاء نتيجة ضغوط دولية ومناورة سياسية داخلية قبل انتخابات الرئاسة الإيرانية التي ستجرى في 12 يونيو (حزيران)، موضحين أن الإفراج عن صابري بعد الحكم عليها بالسجن ثماني سنوات كان نتيجة مبادرات قام بها البيت الأبيض وطوكيو، إضافة إلى الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الذي يسعى للحصول على فترة رئاسة ثانية. وذكر محمد سلطانيفار المحلل المعتدل القريب من الجماعات الإصلاحية في إيران، أن «الخطوات والضغوط الدولية كان لها بعض التأثير على الحكم». وقال: «ولكن يجب ألا ننسى أننا على عتبة انتخابات رئاسية، وهؤلاء الذين لهم نفوذ على مثل هذه القضية الدولية المهمة يحاولون نسب الفضل إليهم»، في إشارة مبطنة إلى أحمدي نجاد. والشهر الماضي كتب أحمدي نجاد رسالة إلى القضاء حثه فيها على منح صابري الحرية والحق بالدفاع عن نفسها في هذه القضية.

وجاء رد فعل الصحف الإيرانية متفاوتا على إطلاق روكسانا. ووصفت صحيفة «جمهوري إسلامي» المحافظة صابري بأنها «جاسوسة أميركية»، أما صحيفة «سورمايه» الإصلاحية فقد نشرت على صفحتها الأولى صورة قديمة لصابري وهي ترتدي شادور إيراني أسود وكتب تحتها «الإفراج عن روكسانا صابري»، وقالت إن شخصية صابري، الأميركية المولد، التي تحمل الجنسيتين الإيرانية والأميركية، ساعدت في إطلاق سراحها. وأضافت: «في الماضي سجن العديد من الصحافيين الإيرانيين.. والطلاب بمختلف التهم، ولكن الذي جعل قضية صابري تختلف عن غيرها هي أن والدتها يابانية، كما أنها تحمل الجنسية الأميركية». وتابعت أن الإفراج عن صابري جاء نتيجة الدعوات المتكررة من مسؤولين في البيت الأبيض ورسالة كتبها أحمدي نجاد. وأضافت: «يبدو أن أحمدي نجاد كان يرسل هذه الرسائل إلى أوباما، رغم أنه يقول رسميا إنه ينتظر تغييرات عملية» في موقف واشنطن تجاه طهران.

أما صحيفة «اعتماد مللي» الإصلاحية فقد نشرت رسما كاريكاتوريا لصابري على صفحتها الأولى تقول إن الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الياباني هيروفومي ناكاسون عجلت كذلك في الإفراج عن صابري (32 عاما). وكتب محمد علي أبطحي في مقال الصحيفة الافتتاحي يقول: «لم أكن أعتقد أبدا أن هذه الفتاة الصغيرة والبسيطة ستصبح شخصية عالمية.. ولكنها أصبحت كذلك بفضل فوز أوباما والانتخابات الإيرانية المقبلة». فيما نشرت صحف محافظة أخرى مثل «وطن امروز» و«جام جام» الخبر بإيجاز على صفحاتها الأولى. وعلى صعيد آخر ذكرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أن أميركا وضعت شهر أكتوبر (تشرين الأول) كمهلة زمنية للمفاوضات الأولى مع إيران حول ملفها النووي. ووفقا لـ«هآرتس» فإن المبعوث الأميركي لإيران دنيس روس أبلغ مسؤولين أوروبيين أن أميركا وضعت شهر أكتوبر (تشرين الأول) كمدى زمني كي تتضح ملامح جولة المفاوضات الأولى بين أميركا وإيران. ونقلت الصحيفة عن روس قوله للمسؤولين الأوربيين: «ما لم ترَ أميركا تغييرا في موقف إيران النووي بحلول ذلك الوقت، فإن الموقف الأميركي نحو إيران سيتشدد».