«مركزية فتح» ترد على أبو مازن بتأكيد عقد المؤتمر في الخارج

اعتبرت في بيان لها تصريحات بعض مسؤولي الأقاليم عاملا من عوامل البلبلة

TT

«تمر حركة فتح في الوقت الحاضر بحالة مخاض حقيقي، فإما التشرذم إلى زوال وإما الصمود واكتساب مزيد من القوة عبر ضخ دماء جديدة لهيئاتها القيادية (لجنة مركزية ومجلس ثوري)، وذلك من خلال حسم الخلاف القائم، الذي يشكل قمة جبل الثلج، بين أركان الحركة حول مكان وزمان عقد مؤتمرها العام المغيب منذ أكثر من 20 عاما وعضويته».

هذا ما قاله مسؤول كبير في الحركة طلب عدم ذكر اسمه لـ«الشرق الأوسط». ورغم أن المصدر يميل إلى التفاؤل بأن الحركة ستخرج من هذه الأزمة أكثر قوة وتماسكا، فإن المعطيات على الأرض تشير إلى أن الوضع سيزداد تأزما بعد بروز موقفين متمايزين حتى داخل اللجنة المركزية للحركة. هذا من جهة، ومن الجهة الثانية الموقف على صعيد الأقاليم الذي يبدو وكأنه هو أيضا منشق طوليا كما «المركزية».

فبالأمس أصدرت اللجنة المركزية بيانا واضحا ردا على ما أعلنه الرئيس محمود عباس (أبو مازن)، وهو أيضا رئيس فتح، عن تحديد عضوية المؤتمر (أكثر بكثير من 1200)، وكذلك مكان انعقاده (الضفة الغربية)، بينما اللجنة التحضيرية للمؤتمر المجتمعة في عمان لم تحسم أمرها في هذين البندين.

فعضوية المؤتمر، أي عدد المشاركين فيه، أصبحت مصدر الخلاف الرئيسي في أطر الحركة، لا سيما في الداخل الفلسطيني، كما قال مصدر آخر في فتح، بعد أن ارتأت اللجنة إمكانية تقليصه من العدد المقترح في الأصل، وهو 1500 عضو، إلى 650 عضوا. وبرر أنصار هذه الفكرة هذا التغيير بأنه سيسمح باستضافة هذا العدد في بلد عربي، بعد أن رفضت مصر استضافته وكذلك الأردن. وأثار هذا التغيير ردات فعل قوية ممن يمكن وصفه ببعض قيادات فتح الداخل، التي أصدرت بيانات وتهديدات بالانقلاب على الحركة, مبررة هذا الموقف بأن هذا التقليص في العدد سيكون على حساب تمثيل فتح الداخل.

والبند الثاني للخلاف هو مكان انعقاد المؤتمر، فهناك فريق بقيادة أبو مازن يريد عقد المؤتمر بالداخل على أساس أن ثقل الحركة أصبح موجودا فوق الأراضي الفلسطينية كما قال أحد المؤيدين لـ«الشرق الأوسط». وهناك فريق بقيادة فاروق القدومي (أبو اللطف) الخصم اللدود لـ(أبو مازن)، وعدد آخر من كبار قادة الحركة التاريخيين أمثال محمد غنيم (أبو ماهر)، يريدون عقده في الخارج، انطلاقا من أن العديد من أعضاء المؤتمر وفي مقدمتهم أبو اللطف وأبو ماهر وغيرهما، لن يسمح لهم بالعودة للمشاركة، ناهيك عن ضغوط ومضايقات الاحتلال الإسرائيلي. وحسب قول مصدر للحركة فإن العديد من قيادات الداخل نشروا على شكل إعلانات في الصحف المحلية (لا يسمح تنظيميا لهم بإصدار بيانات)، يؤيدون عقد المؤتمر في الخارج.

ورغم أن أبو مازن كان واضحا في إعلانه أمام حشد من قادة فتح في رام الله أول من أمس، فإنه لم يوصد الباب بالكامل، بل ترك لنفسه خطا للرجعة، إذ ربط عقد المؤتمر في الأراضي الفلسطينية بشرط أن تسمح إسرائيل لجميع أعضاء المؤتمر بالمشاركة.

وفي بيانها أكدت اللجنة المركزية في ختام اجتماع لها عقد على هامش اجتماعات اللجنة التحضيرية المتواصلة في عمان، «قرارها السابق بعقد المؤتمر العام السادس في الخارج حرصا على وحدة الحركة ودورها النضالي ووحدة شعبنا في الوطن والشتات بعيدا عن الاحتلال الإسرائيلي وممارساته وضغوطه ومخططاته».

وبينما اختلفت اللجنة المركزية مع أبو مازن حول المكان، فإنها اتفقت معه في مسألة العضوية، إذ أكدت في بيانها أن «عضوية المؤتمر كما قررتها اللجنة التحضيرية بما لا يزيد عن 1550 عضوا وفق النظام الداخلي للحركة ومعايير الاختيار».

كما أكدت اللجنة أيضا قي بيانها في إشارة إلى تصريحات بعض مسؤولي الأقاليم التي هددوا فيها بالانقلاب على اللجنة المركزية، من بينهم هيثم الحلبي مسؤول إقليم فتح في نابلس، وهو من أكبر الأقاليم، «أن بعض البيانات والتصريحات التي صدرت أو تصدر خارج قرارات اللجنة المركزة والمجلس الثوري دون تفويض منها، لا تعبر عن مواقف الحركة ولجنتها المركزية». واعتبرت اللجنة هذه البيانات والتصريحات «عاملا من عوامل البلبلة يجب عدم الالتفات إليها». وناشد البيان «جميع أبناء الحركة بكافة المواقع والأقاليم والأطر إلى رص الصفوف وتغليب مصلحة شعبنا وقضيتنا».

وبخصوص اللجنة التحضيرية أكد البيان استمرارها في عملها حتى لحظة انعقاد المؤتمر، «وذلك وفق النظام الأساسي للحركة وأحكامه». ودعا البيان إلى اجتماع للجنة المركزية بكامل أعضائها (أبو مازن يتغيب عن هذه الاجتماعات) في أوائل يونيو (حزيران) المقبل للبت في جميع القضايا المتعلقة بالمؤتمر.