الأفغان يحثون القائد الأميركي الجديد على خفض عدد القتلى المدنيين

على خلفية تردى الأوضاع.. أميركا تغير قيادتها العسكرية في أفغانستان

TT

أعلنت أفغانستان أمس أنها تأمل أن يبذل قائد القوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي الذي عين حديثا المزيد لتفادي وقوع قتلى في صفوف المدنيين وهو الأمر الذي أدى إلى توتر العلاقات في ظل القائد السابق الجنرال ديفيد مكيرنان. وفي خطوة مفاجئة أعفى وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس قائد القوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان الجنرال ديفيد مكيرنان من منصبه أول من أمس، واختار قائدا سابقا للقوات الخاصة كي يشرف على استراتيجية الرئيس باراك أوباما ضد تمرد طالبان المتصاعد. وأعفى غيتس مكيرنان من منصبه بعد أقل من عام من توليه هذا المنصب الذي يستمر شاغله عادة فيه ما بين 18 و24 شهرا. وجاء هذا التغيير وسط توتر متصاعد بين واشنطن وكابل بشأن تقارير قالت إن عشرات المدنيين قتلوا في غارات جوية أميركية في إقليم فراه بغرب أفغانستان الأسبوع الماضي. ويقول الرئيس الأفغاني حميد كرزاي إن 130 مدنيا ربما يكونون قتلوا في الحادث، وطالب الولايات المتحدة بوقف الغارات الجوية. ودون إعطاء أي أرقام، تقول واشنطن ان عدد القتلى ربما يكون اقل وأنها لا تستطيع القتال دون الاعتماد على القوة الجوية.

ووصف متحدث باسم كرزاي تغيير القيادة بأنه شأن إداري يتعلق بالحكومة الأميركية. ولكنه قال إن الأفغان يريدون من القائد الجديد اللفتنانت جنرال ستانلي مكريستال إحراز تقدم بشأن قضية الضحايا المدنيين. وقال «نتوقع أن يولي الشخص الجديد.. اهتماما جادا بقضية خفض عدد الضحايا المدنيين والغارات الجوية لان سقوط قتلى من المدنيين يثير تساؤلات بشأن شرعية الحكومة ووجود القوات الأجنبية». ولم يعط غيتس تفصيلات تذكر بشأن أسباب هذا التغيير. ومن شبه المؤكد أن هذا القرار اتخذ قبل سقوط القتلى المدنيين في فراه. ولم يظهر كرزاي الذي يرشح نفسه لإعادة انتخابه في أغسطس (آب) علامة على تراجعه عن دعوته لوقف الهجمات الجوية، كما دفع البرلمان الأفغاني الحكومة أمس لوضع خطة في غضون أسبوع لتطبيق القوانين الأفغانية على القوات الأجنبية. وتقول الأمم المتحدة إن القوات الأميركية والحكومية الأفغانية قتلت أكثر من 800 مدني العام الماضي فيما يمثل زيادة بواقع الثلث عن العام السابق. وكان مكيرنان قد أمر قواته باتخاذ خطوات لخفض عدد الضحايا المدنيين وان تكون أكثر استجابة لتقديم اعتذارات عندما تقع. ولكن ثبت صعوبة ذلك في بيئة تعتمد فيها قوة مجهدة اعتمادا كبيرا على سلاح الجو لحمايتها فوق مساحات واسعة. وهذه القوة على وشك أن تصبح اكبر. وستزداد القوات الأميركية من 45 ألف جندي إلى 68 ألف جندي بحلول نهاية العام. ويتوقع القادة نشوب قتال عنيف لا سيما في الجنوب في الأشهر القليلة المقبلة مع نشر قوات أميركية إضافية في مناطق تسيطر عليها طالبان. وقالت طالبان إعفاء مكيرنان جاء نتيجة فشل الولايات المتحدة في أفغانستان. وقال قاري محمد يوسف وهو من المتحدثين باسم طالبان: «هذه سياستهم. الحرب في أفغانستان والمقاومة الحالية أجبرتهم على تغيير الناس عندما يرون أنهم لا ينتصرون. إذا رحلوا فسيكون أفضل لهم (القوات الأجنبية وللأفغان)».

ويرث ماكريستال وضعا متوترا قبل أسابيع من الانتخابات الرئاسية الأفغانية التي ستجرى في 20 أغسطس (آب) وتصاعد أعمال العنف التي يقوم بها المتمردون منذ سنتين. وقال غيتس إن هذا التغيير في قيادة القوات الأميركية في أفغانستان يندرج في اطار الاستراتيجية الجديدة في المنطقة التي قررها الرئيس باراك أوباما. وقال غيتس «لدينا اليوم سياسة جديدة وضعها رئيسنا الجديد (باراك أوباما) ولدينا استراتيجية جديدة ومهمة جديدة وسفير جديد» هو الجنرال كارل ايكنبيري. وأضاف «أعتقد أننا بحاجة أيضا إلى قيادة عسكرية جديدة». واكد الناطق باسم البيت الأبيض روبرت غيبس في بيان أن «الرئيس (أوباما) موافق على فكرة أن وضع استراتيجية جديدة في أفغانستان يتطلب قيادة عسكرية جديدة». وأكد أن الرئيس الأميركي «معجب» بالعمل الذي أنجزه الجنرال ماكيرنان «ويعبر له عن شكره لأدائه»، موضحا أن استبداله «لا يقلل إطلاقا من احترام الرئيس له ولخدمته لعقود» في الجيش الأميركي. وستانلي ماكريستال، خريج الكلية العسكرية العريقة في ويست بوينت، على معرفة بأرض المعركة في أفغانستان لأنه قاد الخلية الخاصة التي قادت عملية «الحرية الدائمة» في أفغانستان في 2001. كما حقق نجاحا كبيرا في العراق حيث تمكن من القضاء على زعيم الفرع المحلي لتنظيم القاعدة أبو مصعب الزرقاوي في يونيو حزيران 2006. إلا أن القوات الخاصة واجهت انتقادات واتهامات بممارسة العنف حيال معتقلين في العراق.

وسيحاول ماكريستال تخفيف الخسائر البشرية في صفوف المدنيين التي تثير استياء متزايدا لدى السكان. وأكد غيتس انه لم يطرأ أي عامل سلبي خلال مهمة الجنرال ماكيرنان لكن أصبح من الضروري اعتماد «مقاربة جديدة» لمجهود الحرب. ورأى وزير الدفاع الأميركي أن النزاع وصل إلى «طريق مسدود» في مواجهة تنامي قوة طالبان وخصوصا في جنوب أفغانستان.