فضيحة مخصصات النواب البريطانيين تهز الحكومة والمعارضة

كاميرون يعتذر.. ويهدد أعضاء حزبه بإرجاع الأموال أو الطرد

رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون أثناء استجوابه أمس وزعيم المحافظين ديفيد كاميرون أثناء مؤتمر صحافي أمس (رويترز)
TT

في محاولة لامتصاص الغضب الشعبي البريطاني، اعتذر رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون عن إساءة أعضاء البرلمان في حجم إنفاقهم الذي يتكفل به دافعو الضرائب، ومنها نفقات تشمل طعام كلاب، ونظافة حديقة، وتغيير مصابيح الكهرباء. واعترف براون بالأخطاء وطالب بإعادة النظر في القوانين والثغرات في بنود الإنفاق المخصصة للنواب لتأدية مهامه، وهذه الخطوة هزت بعنف الثقة في سلطة الحكومة والبرلمان وتدني شعبية حزب العمال الحاكم.

ومن جانبه اعتذر زعيم المحافظين ديفيد كاميرون علنا أمس قائلا إن ما تم الكشف عنه من تفاصيل في نفقات مخصصات النواب أخيرا يعتبر «مروعا وتخاذلا أمام الرأي العام البريطاني»، وأضاف بأنه طلب من جميع أعضاء حكومته في الظل (المعارضة) بتسديد كل الأموال التي أخذت كنفقات من المخصصات، والذين يرفضون سيتم طردهم من اللجنة البرلمانية للحزب.

وقد أبدى 3 أعضاء من مجلس وزراء الظل بالفعل استعدادهم أمام زعيم حزب المحافظين لسداد الأموال التي أنفقوها من أموال دافعي الضرائب في أعقاب الكشف عن طلبات النفقات التي تقدموا بها.

وفي وقت سابق قال كاميرون إنه عاقد العزم على اتخاذ إجراء عملي للتعامل مع ما وصفه بـ«سوء استغلال» النظام. وفي تصريحات له لقناة «سكاي نيوز» في أثناء مغادرته منزله صباح أمس، أكد كاميرون: «أشعر بالغضب إزاء ما حدث»، مضيفا أن: «هذا الأمر يتنافى مع النظام، وبعض منه يشكل إساءة استغلال لأموال دافعي الضرائب، وسوف أتعامل مع هذا الأمر».

ومن بين الأعضاء الذين خصتهم «تليغراف» بالذكر في هذا الإطار وزير الزراعة السابق، دوغلاس هوغ، ورئيس اللجنة المنتخبة لشؤون الدفاع داخل مجلس العموم، سير جيمس أربثنوت، ورئيس لجنة 1922 لأعضاء المقاعد الخلفية بالبرلمان من حزب المحافظين، سير مايكل سبيسر، وأحد أبرز الأصوات المنتقدة للاتحاد الأوروبي، ديفيد هيثكوت أموري، ورئيس حزب المحافظين السابق، مايكل أنكرام. علاوة على ذلك فقد أثارت «تليغراف»، بناء على المعلومات التي حصلت عليها حول نفقات أعضاء البرلمان، التساؤلات حول طلبات النفقات التي تقدم بها وزير داخلية الظل السابق، ديفيد ديفيز، الذي تنافس في مواجهة كاميرون على رئاسة الحزب عام 2005.

من جهته، تقدم هوغ بطلب نفقات تضمن ذكر 2.000 جنيه إسترليني باعتبارها تكاليف تطهير خندق مائي حول ضيعته الريفية. أما سبيسر فادعى إنفاقه 5.650 جنيه إسترليني خلال 9 شهور على العناية بحديقته. وبلغت نفقات أنكرام السنوية أكثر من 14.000 جنيه إسترليني، في الوقت الذي يملك ثلاثة عقارات لا يخضع أي منها للرهن العقاري، وتصل قيمتها مجتمعة إلى 8 مليون جنيه إسترليني.

وتشير إدعاءات إلى أن نائب رئيس مجلس العموم، سير آلان هيزلهيرست، ادعى إنفاقه 142.119 جنيه إسترليني على منزله الريفي على مدار السنوات السبع الماضية، رغم عدم خضوعه لرهن عقاري.

يذكر أن البعض اعتبروا هيزلهيرست مرشحا لرئاسة مجلس العموم حال تنحي مايكل مارتن قبل الانتخابات.

وتأتي تحركات كاميرون الحالية في أعقاب إعلان نتائج استطلاع للرأي أوضحت أن شعبية حزب المحافظين تضررت بذات القدر الذي أصاب شعبية حزب العمال جراء الكشف عن طلبات النفقات التي تقدم بها أعضاء البرلمان.

وكسائر الكثير من دول العالم، تقدم الحكومة البريطانية علاوات سكن لنواب البرلمان في مناطق إقامتهم الأصلية التي يمثلونها في البرلمان، بالإضافة إلى سكن آخر في العاصمة، حيث مقر المجلس. وتابعت الصحيفة هجومها: «علاوة النفقات الإضافية هذه صممت لمساعدتهم (النواب) في ملاقاة التكاليف الإضافية للإقامة في بيت ثانٍ، إلا أنه وبإجماع مشترك تم استغلال النظام». وأضافت: «نتحدث عن استغلال متعمد لنظام يفتقد الرقابة، بواسطة عدد كبير من النواب، لما قد يبدو للناخبين ما يشبه عملية إثراء لأنفسهم بفساد وعلى حساب الشعب».

ومن بين التسريبات التي نقلتها الصحيفة مطالبة رئيس المجلس لنفقات بلغت 4 آلاف جنيه إسترليني عن استخدامه وزوجته سيارات الأجرة في رحلات تسوق، بالإضافة إلى إنفاقه 150 ألف جنيه إسترليني من أموال دافعي الضرائب في التنقلات إلى المحكمة العليا لمحاولة منع الكشف عن كيفية إنفاق النواب لأموال دافعي الضرائب. ودفع الكشف المواطنين للمطالبة بتبرير مطالبة النواب بعلاوة طعام تصل إلى نحو 400 جنيه إسترليني شهريا، فيما يتمتعون بوجبات من مطاعم مدعومة من قبل الحكومة، في وقت يعاني فيه الشعب من ضائقة حادة جراء الأزمة الاقتصادية الخانقة.

وأظهر استطلاع للرأي حديث تراجع شعبية حزب العمال بأربعة نقاط عن معدلات مطلع أبريل (نيسان) المنصرم إلى 26 في المائة، أعلى بقليل عن أدنى مستويات الصيف الفائت.