كرسي لأوباما داخل محل لمصفف شعره الخاص يشجع السياحة في شيكاغو

الزوار يبحثون عن مؤشرات وعلامات مرتبطة بشخصيته داخل الأماكن التي عاش بها

إسماعيل الأمين يقوم بقص شعر زبون في صالون الحلاقة الذي كان يذهب إليه أوباما في شيكاغو (أ.ف.ب)
TT

على الرغم من أنه لم يمر على وجود باراك أوباما في الرئاسة سوى 3 شهور وبضعة أيام، نجد أنه داخل حيه القديم، يجري عرض الكرسي الذي اعتاد الجلوس عليه داخل محل مصفف الشعر الخاص به، كما لو أنه قبعة وينستون تشرشل أو البيانو الخاص بألفيس بريسلي. ويحمل الكرسي توقيع أوباما بأحرف كبيرة. في هذا الصدد، قال كرس غولدين، مصفف الشعر: «لقد وقع عليه.. وجلس عليه.. إنني على ثقة تامة بأن الكرسي عليه بعض من الحامض النووي الخاص به». وأثناء إلقائه لتلك الكلمات اندفعت سيدة تدعى بيتي هاريس إلى داخل المحل الذي يحمل اسم «هايد بارك هير سالون» وسألت عما إذا كانت هناك أي مقتنيات تذكارية متعلقة بأوباما معروضة للبيع. لكن السيدة التي تنتمي إلى سياتل ووصفت نفسها بأنها «جدة أوباما» عندما كانت في صفوف المتطوعين في حملته الانتخابية، لم تجد ما يمكن شراؤه، وخرجت من المحل وبحوزتها بعض الصور التي التقطتها داخل المحل، إحداها لظريف، الحلاق الخاص بالرئيس. وفي هذا السياق، أكد غولدين أنه: «يفد الناس من مختلف أرجاء البلاد. ويملكهم شعور بالانبهار». والملاحظ أن معدلات السياحة داخل المدينة الأصلية التي ينتمي إليها أوباما في تنام مع سعي الزائرين للبحث عن مؤشرات وعلامات مرتبطة بشخصيته داخل الأماكن التي عاش وعمل ومشى وتناول طعامه بها، بل وتلك التي شهدت قبلته الأولى لزوجته ميشيل. في المقابل، نهض رجال الأعمال لتلبية الطلب على هذا النوع من السياحة. على سبيل المثال، أوضحت مارشا غولدستين، التي تتضمن الجولة التي تنظمها شركتها، «ماي كيند أوف سيتي»، منزل أسرة أوباما بمنطقة ساوث سايد، أنه: «أدركنا في نوفمبر (تشرين الثاني) أن هذا الأمر سيصبح هائلا. ومن بين أكثر التساؤلات التي تطرح علينا: الآن، بالنظر إلى أنه أصبح الرئيس، من هو في حقيقة الأمر؟ إنهم يرغبون في الاطلاع على قصص جيدة. ويرغبون في زيارة مواقع جيدة والمرور بتجربة مناسبة. ويرغبون في الشعور بأنهم اقتربوا أكثر من أوباما». جدير بالذكر أن شيكاغو شكلت منذ أمد بعيد أهمية رئيسية في حياة أسرة أوباما، حيث التقى أوباما زوجته للمرة الأولى هنا في مطلع التسعينات ولم يغادرا المدينة إلا عند انتقالهما إلى البيت الأبيض. كما تضم شيكاغو أصدقاءهما المقربين، أو على الأقل من لم يتمكن منهم من اللحاق بهما في واشنطن. إضافة إلى ذلك، ترتبط جذور الصعود السياسي لأوباما بالمدينة التي تنتشر بها اللافتات التي تحمل صورته. وخلال الحملة الانتخابية الرئاسية، تحدث أوباما وزوجته ميشيل كثيرا عن المدينة كمؤشر على ترسخ جذورهما بها. رأى الكثيرون في إبدائهما إعجابهما بشيكاغو مؤشرا على عشقهما للمناطق الحضرية. والآن، بدأت المدينة في حصد بعض الثمار من وراء ذلك. في هذا السياق، أكد جان كوستنر، نائب مدير مكتب إلينوي للسياحة: «إن هذا حراك على صعيد العلاقات العامة والدعاية لا يمكنك تحقيقه بالمال»، مشيرا إلى أن المدينة والولاية عمدا إلى رسم مسار محدد للزائرين الراغبين في تتبع تطور الحياة المهنية لأوباما. وقال: «إننا نعمل على تسويق ذلك». يذكر أن مكتب السياحة في شيكاغو قام بتدريب 30 متطوعا لتولي قيادة الجولات السياحية المرتبطة بأوباما. ومن المقرر نشر لافتة ترحاب أيام السبت بداية من الشهر المقبل في حي هايد بارك الذي كان يقطنه أوباما لتوجيه وفود الزائرين للحي في جولات سياحية تتضمن زيارة مبنى «روبي هاوس» وجامعة شيكاغو. ومع أنه من المستحيل تحديد حجم التأثير الذي خلفه أوباما على مدينة مثل شيكاغو تتسم باتساعها البالغ وإقبال السائحين عليها، فإن الأرقام تشير إلى أن 15 شركة على الأقل داخل شيكاغو معنية بتنظيم جولات سياحية للطلاب والسياح أضافت أماكن مرتبطة بأوباما أو أضافت جولة كاملة تتعلق به إلى قائمة خدماتها المعروضة. ويتوقع معظم المعنيين بهذا المجال تنامي الطلب على هذه الجولات مع اقتراب فصل الصيف. من جهتها، لاحظت ليزلي هيرستون، عضو مجلس مدينة شيكاغو، تزايدا في أعداد مرتادي الحي الذي تقطنه، وتتوقع أن تشهد الأعداد مزيدا من الارتفاع في الصيف. وقالت إنه عندما يزورها أقاربها «يبدون رغبتهم في المرور بالسيارة من أمام منزله، وتناول الإفطار في (فالوا) والسير عبر الحي الذي اعتاد أوباما وميشيل العيش به». في أحد أيام الربيع، قامت حافلة تتبع شركة «أميريكان سايتسيينغ» للسياحة بجولة بوسط المدينة ومرت أمام غرانت بارك، التي ألقى بها أوباما خطاب إعلانه الفوز في الانتخابات الرئاسية في 4 نوفمبر (تشرين الثاني)، ثم توجه إلى داخل منطقة ساوث سايد.

ولفت السائق انتباه الركاب إلى الكنيسة التي كانت ترتادها جنيفر هدسون والمنازل القائمة بمنطقة هايد بارك، حيث كان يعيش بطلا الملاكمة السابقان في الوزن الثقيل، جو لويس ومحمد علي. كما أشار السائق إلى منزل لويس فرخان، زعيم منظمة «أمة الإسلام»، الواقع على بعد أربعة منازل من مسكن أسرة أوباما، وكذلك المقر الرئيسي لمنظمة «ائتلاف رينبو بوش» التي يتولى جيسي جاكسون رئاستها. وهدأت الحافلة سرعتها لدى مرورها من أمام منزل آل أوباما البالغة قيمته 1.6 مليون دولار، والواقع بالقرب من نهاية مجموعة من المباني التي تفرض عليها قوات الشرطة عددا من المتاريس حتى في الفترات التي لا يوجد فيها الرئيس في منزله. وشرح السائق للركاب مشيرا إلى منزل أوباما: «إنه ليس هنا. لم نكن لنمر من هذا الطريق حال وجوده». ومع استمرار الجولة، عمد 20 راكبا دفع كل منهم 25 دولارا مقابل الجولة إلى تفحص إحدى الزوايا بين شارعين خارج محل لبيع الحلوى المثلجة، حيث طلب أوباما من ميشيل قبلة. والتقط الركاب صورا للمطعم الذي كان يفضل أوباما تناول الإفطار به، وتطلعوا بأنظارهم باتجاه المبنى الذي عاش فيه خلال عمله بمجال التنظيم الاجتماعي والشقة التي اشتراها وزوجته معا. ومرت الحافلة أمام المدارس التجريبية التابعة لجامعة شيكاغو التي ارتادتها طفلتا أوباما. ونوه السائق بالوظيفة البارزة التي تقلدتها ميشيل أوباما داخل هيكل النظام الصحي بالجامعة. وبالقرب من ليك ميتشغان، توجد الساحة الأسفلتية المخصصة لكرة السلة، حيث طلبت ميشيل من شقيقها الأكبر، كريغ، النجم السابق في برنستون، اصطحاب حبيبها الجديد واختبار مستوى قدراته في لعب كرة السلة. لكن لم يرد خلال الجولة ذكر أنطوان توني ريزكو، المدان حاليا بتهمة استغلال النفوذ والذي عمل من قبل في مجال جمع التبرعات، وقدم المشورة إلى أوباما فيما يتعلق بشرائه منزله واشترى منطقة فضاء بجوار المنزل. لكن الحافلة لم تتحرك باتجاه الجنوب للمرور أمام كنيسة الثالوث المتحدة للمسيح. من ناحيته، قالت غولدستين إن العملاء الذين يشاركون بجولات «ماي كيند أوف سيتي» غالبا ما يوجهون أسئلة حول المبجل جيرمياه رايت، القس الراعي سابقا لأوباما، لكن المرشدين العاملين لديها لا يبادرون بذكر اسمه أولا. وينطبق القول ذاته على ريزكو. وأوضحت غولدستين أن الهدف من وراء ذلك «توفير معلومات وتحقيق الترفيه»، وليس تشويه سمعة آخرين. وأضافت: «لدي جيران تعرضوا للسجن، لكنهم كانوا جيرانا طيبي العشرة». واعترفت غولدستين بأنه ليس كل من يقوم بزيارة شيكاغو مفتونا بأوباما، مشيرة إلى أن: «أحد الأشخاص قال لي: ننتمي إلى بلدة ماكين. ونحن من أنصار الحزب الجمهوري. ولن نقضي اليوم بأكمله في الحديث عن باراك أوباما». أما أكثر المزارات التي يقبل عليها رواد المدينة المهتمون بأوباما فهي محل «هايد بارك هير سالون» وصاحبه ظريف، الذي عكف على حلاقة شعر أوباما لما يزيد عن اثني عشر عاما. وبعد الانتخابات، أبدت أعداد كبيرة من الأفراد الجلوس على المقعد الذي اعتاد أوباما الجلوس عليه، لدرجة دفعت ظريف إلى نقله أمام المحل، حيث قامت إحدى الشركات ببناء صندوق عرض له لحمايته من الحشود الملتفة حوله. وقال ظريف: «لقد رغب الكثيرون في لمسه والجلوس عليه والتقاط الصور له طوال الوقت. نود الإبقاء على الطابع العادي للمكان، لكن قيمة هذا الرجل هائلة». أما عملاء ظريف، فأصبح يتعين عليهم الآن الجلوس على مقعد مختلف. وباستطاعتهم طلب الحصول على «قصة شعر أوباما» مقابل 21 دولارا. من جانبها، لم تطلب بيتي هاريس تصفيف شعرها، وإنما اكتفت بالشعور بالسعادة للسير في ذات المكان الذي سبق لأوباما السير به، والتحدث إلى الأشخاص الذين خالطهم لسنوات. وقالت هاريس (71 عاما) لدى مغادرتها المحل، إنه: «من المثير أن أكون هنا».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»