سعود الفيصل عن البنك المركزي الخليجي: نسعى لمعرفة مجالات التحفظ الإماراتي وكيف يمكن إزالتها

قال بعد مباحثات مع وزير الخارجية الهولندي: لا عودة لتحالفات القرن الـ18 المؤدية للحروب

TT

قال الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي إن بلاده والدول الخليجية لا تنوي العودة إلى القرن الـ18، حيث التحالفات والارتباطات والمواجهات، نافيا بذلك أن تكون الرياض وبقية عواصم دول مجلس التعاون تفكر بالدخول في تحالفات ما للرد على أي تقارب أميركي ـ إيراني محتمل.

وكان وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس قد زار الأسبوع الماضي كلا من السعودية ومصر، ضمن مساع أميركية لطمأنة هذين البلدين العربيين، بعدم وجود صفقة بين واشنطن وطهران على خلفية مبادرة الرئيس الأميركي باراك أوباما تجاه إيران.

وسبق زيارة المسؤول الأميركي الرفيع للرياض، موقف خليجي على مستوى قادة السعودية والإمارات وعمان وقطر والبحرين والكويت، يرفضون فيه أن تكون مبادرة أوباما تجاه طهران على حساب المصالح العربية والخليجية.

ورد وزير الخارجية السعودي، عما إذا كانت الدول الخليجية تنوي الدخول في تحالفات مع دول الاتحاد الأوروبي للرد على أي تقارب محتمل بين أميركا وإيران، بقوله «لن نعود للقرن الـ18، حيث التحالفات التي أدت إلى الحروب كما عرفنا ذلك من التاريخ الأوروبي. ليس هناك تحالفات، ولا ارتباطات، ولا مواجهات».

وجاء كلام الأمير سعود الفيصل، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الهولندي ماكسيم فيرهاخن، الذي يزور السعودية في زيارة هي الأولى له منذ مجيئه على رأس الدبلوماسية الهولندية.

وقال وزير الخارجية الهولندي للصحافيين، إن مباحثاتهم ناقشت التقدم المحرز في موضوع حقوق الإنسان، وأشار إلى أن بلاده سرت باهتمام الحكومة السعودية المتنامي بهذا الموضوع.

غير أن الأمير سعود الفيصل علق على كلام نظيره فيرهاخن، قائلا «نحن نرعى حقوق الإنسان لأنها جزء من معتقداتنا، وليس لإثبات حسن السلوك».

ونوه وزير الخارجية السعودي بمبادرة خادم الحرمين الشريفين للحوار بين أتباع الديانات والثقافات المعتبرة بين علماء ورجال الدين، ودورها في نشر قيم التسامح والحوار المتبادل، واحترام الديانات والمعتقدات الإنسانية ورموزها الدينية في ظل ما يجمع بينها من قيم إنسانية مشتركة تدعو إلى المحبة والسلام والخير والصلاح وتنبذ الشر والكراهية والعدوان.

وفي إجابة على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول دعوة بابا الفاتيكان للبدء في حوار جديد ومدى الحاجة لمثل هذه الخطوة في ظل وجود مبادرة مطروحة من خادم الحرمين الشريفين حول هذا الأمر، قال الفيصل «اجتماع مدريد للحوار رسخ أهداف صودق عليها في الجمعية العمومية للأمم المتحدة على مستوى قادة الدول في أكتوبر الماضي. الخطوة الثانية هي اتفاق جميع الأطراف التي حضرت مدريد على أن يكون لها مندوب في لجنة تكون هي معنية باستمرار الحوار وتحديد جدول أعماله ومكان انعقاده، وسيحاول أن يكون هناك وقفية لهذه اللجنة حتى تكفل لها استقلاليتها الكاملة من أي مؤثرات سياسية، ويركز الحوار على الأشياء التي تقرب الديانات ويترك الاختلاف جانبا حتى يبني حدا من التفاهم بين هذه الديانات بما يصب في مصلحة الإنسانية».

وسيطرت موضوعات مكافحة الإرهاب والقرصنة البحرية على المباحثات بين وزيري خارجية السعودية وهولندا، والتي استمرت لنحو 3 ساعات.

وأشار سعود الفيصل إلى أن مكافحة الإرهاب، تعد أحد أهم مجالات التعاون بين الرياض وأمستردام، مؤكدا أهمية الجهود الأمنية في هذا الملف.

لكنه شدد على أهمية اقتران مكافحة الإرهاب بالعمل على اقتلاع هذه الظاهرة العالمية من جذورها وما يستدعيه الأمر من سياسات تتمثل في مكافحة مصادر تمويل الإرهاب، ومحاربة فكر التعصب والتطرف المحرض عليه، بما في ذلك التصدي للأفكار المشحونة بمضامين الكراهية والإقصاء والعنصرية، ونزعة الازدراء بين الشعوب والثقافات والديانات.

ويشكل موضوع مكافحة الإرهاب، طبقا للفيصل، «امتدادا لمشاركة هولندا الفعالة في المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب الذي استضافته الرياض في عام 2005، والذي تبنى مقترح خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لإنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب، بهدف إيجاد قناة للتعاون والتنسيق بين كافة الأجهزة الأمنية في دول العالم، ومحطة لتبادل المعلومات والخبرات وبرامج التدريب، علاوة على مساعدة الدول ذات الإمكانات المحدودة في هذا المجال».

وجاء ضمن أبرز ما تناولته مباحثات وزيري خارجية السعودية وهولندا الأزمة المالية العالمية، ومشاركة الرياض وأمستردام ضمن اجتماعات قمة العشرين الأخيرة التي عقدت في لندن. وأمل الفيصل أن تؤدي الجهود الدولية إلى استعادة الثقة في الاقتصاد الدولي، وتوفير أسباب نموه وازدهاره، مع إدخال الإصلاحات المطلوبة في النظام المالي الدولي. وأشار وزير الخارجية السعودي، إلى أن بلاده تعكف حاليا على تنفيذ برامج تنموية طموحة في الداخل توظف فيه معظم احتياطياتها، وهو البرنامج الذي قال إنه حظي باهتمام في قمة العشرين لأثره الإيجابي المتوقع في تحفيز الطلب وجذب الشركات والمؤسسات العالمية للإسهام في التنمية القائمة.

وأضاف «نأمل أن تتيح هذه الفرصة زيادة عدد المشاريع السعودية الهولندية المشتركة التي تبلغ حاليا 73 شركة تعمل في قطاعات الاستثمار، والبناء والتشييد، والنقل والمواصلات، والتصنيع وغيرها من المجالات».

وبحث وزيرا خارجية السعودية وهولندا، طبقا للفيصل، «القضايا التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط وعلى رأسها النزاع الفلسطيني ـ الإسرائيلي وتداعياته». وأشار الأمير سعود إلى أنه أكد من جانبه أن حل هذا النزاع من شأنه المساهمة الكبيرة في حل عدد من المشكلات التي تعانيها منطقة الشرق الأوسط.

وأضاف وزير الخارجية السعودي «أعتقد أننا متفقون على أهمية التحرك الفوري نحو إحياء عملية السلام من حيث توقفت، وفق المرجعيات المعتمدة والمتمثلة في مبادئ الشرعية الدولية وقراراتها، وخطة خارطة الطريق، وتفاهمات أنابوليس، ومبادرة السلام العربية التي توفر عرضا فريدا للسلام ليس فقط بين إسرائيل وجيرانها، بل وجميع الدول العربية والإسلامية التي أقرتها مقابل انسحاب إسرائيل من الأراضي العربية التي احتلتها في عام 1967، وإعادتها للحقوق الفلسطينية المشروعة، وذلك في إطار تحقيق أهداف السلام العادل والشامل والدائم المفضي إلى قيام دولتين مستقلتين».

وأعرب الأمير سعود الفيصل عن ترحيب بلاده بالتأكيدات الأميركية لإطلاق عملية السلام وفق هذه الأسس. وقال إن السعودية «ترى أهمية أن تثبت إسرائيل جديتها ومصداقيتها تجاه عملية السلام، وتفي بالتزاماتها نحوها بخطوات عملية»، مشيرا إلى أن من أهمها «وقف بناء المستوطنات أو توسيعها، وإيقاف كافة الإجراءات القائمة لتهويد القدس، وتغيير المعالم على الأرض، ورفع الحصار الجائر المفروض على الشعب الفلسطيني».

وبدوره، أكد وزير خارجية هولندا على أن بلاده تعتقد أن مبادرة السلام العربية من شأنها إحداث تسوية شاملة لمشكلات الشرق الأوسط، لافتا إلى محاولة الدفع بها مع اللجنة الرباعية الدولية للمضي قدما لتحقيق السلام، وانتهاز كل فرصة لإحداث التسوية على الأرض، بما يؤمن لإسرائيل دولة في حدود 67، ويضمن دولة فلسطينية كذلك.

وفي موضوع يتصل بالتوتر الذي تشهده بعض المحافظات الجنوبية في اليمن، أكد الأمير سعود الفيصل وقوف بلاده إلى جانب صنعاء، مؤكدا أن استقرار أي من البلدين هو استقرار للبلد الآخر، وما يهز استقرار أي بلد يهز استقرار الآخر. وأضاف الفيصل: «وحدة اليمن عزيزة وغالية، ونأمل أن تكون التضحيات التي قدمت لهذه الوحدة حافزا للإبقاء عليها».

وفيما يخص الأحداث التي يشهدها وادي سوات، والمعارك التي تدور رحاها بين قوات الأمن الباكستانية ومسلحين يتبعون لحركة طالبان، قال الفيصل «نحن دولة صديقة لباكستان، ولا نتمنى لها إلا التقدم والازدهار والاستقرار لهذا البلد، وكانت آخر مساهمة لاستقرار باكستان الدعم الذي قدمته السعودية والتزمت به في اجتماعات أصدقاء باكستان الأخير. نحن نتمنى أن يعم الاستقرار هناك، والذي هو بأشد الحاجة إليه، حتى يبدأ عملية النمو من جديد».

وعما إذا كان هناك تعارض بين الرؤيتين السعودية والقطرية، لتفعيل دور مجلس التعاون الخليجي، نفى الفيصل وجود هذا التعارض. وحول التحفظ الإماراتي حول مقر البنك المركزي الذي تقرر أن يكون في الرياض، أشار وزير الخارجية السعودي إلى سعي بلاده لمعرفة مجالات التحفظ الإماراتي، وكيف يمكن إزالتها، مؤملا أن تسود الإرادة المشتركة للدول الست لإقامة هذا البنك.