لاريجاني في مسقط: قوة إيران لصالح دول المنطقة.. ولا نشكل تهديدا أو نسعى لإيجاد امبراطورية

في زيارة متزامنة مع مباحثات يجريها خالد مشعل مع المسؤولين العمانيين

TT

قال رئيس البرلمان الإيراني على لاريجاني إنه بحث مع المسؤولين في سلطنة عمان عددا من القضايا الإقليمية والدولية، موضحا أن التعاون السياسي والاقتصادي والثقافي، خاصة مشروع الغاز بين سلطنة عمان والجمهورية الإيرانية، كان على رأس القضايا التي تمت مناقشتها، مؤكدا أن السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان لديه نظرة إيجابية وداعمة لتنفيذ المشروع. وجاءت زيارة لاريجاني لسلطنة عمان متزامنة مع زيارة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل الذي بدأ أمس بدوره زيارة لسلطنة عمان. وأوضح لاريجاني أن مباحثاته في مسقط تناولت القضايا الراهنة على المستوى الإقليمي والدولي، مشيرا إلى «تطابق المواقف ووجهات النظر بين البلدين الصديقين فيما يخص الظروف التي تمر بها المنطقة»، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء العمانية أمس. وأكد لاريجاني على عمق العلاقات العمانية الإيرانية، وقال إن كلا البلدين تربطهما علاقات سياسية واقتصادية وثقافية مشتركة، موضحا أن علاقات البلدين تسير بشكل جيد على كافة الأصعدة.

وحول العلاقات الإيرانية مع الدول العربية، قال لاريجاني إن إيران لا تشكل خطرا أو تهديدا على المنطقة العربية وإنما تسعى لتعزيز التعاون المشترك لمجابهة التحديات التي تمر بها المنطقة، مؤكدا أن إيران لا تسعى لإيجاد امبراطورية في المنطقة وإنما تسعى لإيجاد علاقات أخوية، وإذا ما تحقق ذلك سيتحقق التناغم والتعايش بين أبناء المنطقة، مشيرا إلى أن قوة إيران لصالح جميع دول المنطقة.

وفيما يتعلق بالجزر الإماراتية والعلاقات مع البحرين، قال لاريجاني إن إيران تواصل التحاور مع أصدقائها في الإمارات والبحرين، مشيرا إلى موقف الملك حمد بن عيسى ملك مملكة البحرين وحديثه عن العلاقات الطيبة بين إيران والبحرين، مؤكدا حرص إيران على حل المسائل والقضايا العالقة في المنطقة.

وحول الملف النووي الإيراني، أكد لاريجاني أن النشاطات النووية الإيرانية واضحة للجميع، حيث إن إيران عضو في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتبدي تعاونا ملموسا مع مفتشي الوكالة، كما رحب بالمفاوضات مع الاتحاد الأوروبي وبما يحمله خافيير سولانا ممثل السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي من مقترحات عقلانية للتباحث في هذا الشأن. ودعا لاريجاني الدول الإسلامية إلى تبني موقف موحد في مواجهة مؤامرات إسرائيل في المنطقة. مؤكدا أن الإمكانيات المتوفرة تسمح للبلدين بتنمية وتوسيع علاقاتهما السياسية والاقتصادية، معتبرا دور سلطنة عمان بأنها عامل توازن في قضايا المنطقة أمر مفيد. واعتبر لاريجاني أن آيديولوجية الجمهورية الإيرانية آيديولوجية تخلق الوحدة بين الدول الإسلامية، داعيا الدول الإسلامية إلى تبني سلوك يعزز الوحدة من أجل مواجهة فتن إسرائيل في المنطقة. وأشاد لاريجاني بموقف سلطنة عمان الداعم لأهالي غزة المظلومين، مؤكدا أن موقف عمان في أحداث غزة كان موقفا ممتازا وأن إيران تثمن هذا الموقف.

من ناحيته، أكد رئيس مجلس الشورى العماني أحمد بن محمد العيسايي أن بلاده لا تشعر بأي قلق من الإنجازات النووية الإيرانية وأنها تسعى للاستفادة من الطاقة النووية لأغراض سلمية. وأشاد العيسايي بمواقف إيران الداعمة للشعبين الفلسطيني واللبناني ولحزب الله اللبناني، معربا عن أسفه للوضع الذي يشهده العراق، داعيا إيران إلى بذل مساعيها للمساعدة على إرساء الهدوء والأمن في هذا البلد. وشدد رئيس البرلمان العماني على أنه لم تكن توجد في العراق أية خلافات بين الشيعة والسنة، معتبرا أن هذه الخلافات هي في الأساس من صنع أميركا.

وكانت جلسة مباحثات قد عقدت أمس بين رئيس مجلس الشورى العماني الشيخ العيسائي ولاريجاني. وذكرت وكالة الأنباء العمانية الرسمية (أونا) أنه جرى خلال جلسة المباحثات أيضا تبادل الآراء ووجهات النظر حول العديد من الموضوعات والقضايا ذات الاهتمام المشترك بين الجانبين على الساحتين الإقليمية والدولية. وقالت الوكالة إن الجلسة تطرقت إلى الأوضاع في الأراضي الفلسطينية «المحتلة» والممارسات ضد الشعب الفلسطيني الأعزل وأهمية إيجاد حل عادل وشامل لهذا الموضوع بما يحفظ للشعب الفلسطيني حقه في العيش الكريم. وأكد الجانبان في ختام الجلسة على ضرورة الاستمرار في دعم وتعزيز العلاقات الثنائية بين مجلس الشورى العماني ومجلس الشورى الإيراني. كما أكد الجانبان على السعي لرؤى إيجابية تهدف إلى إيجاد مناخ من الاستقرار والأمن في المنطقة يقوم على الاحترام المتبادل والتفاهم والحوار والسعي إلى تبادل المنافع والخبرات والاستفادة من التجارب الإيجابية المتبادلة لما فيه خير وتقدم شعوب المنطقة.

وجاءت زيارة لاريجاني لمسقط بعد أيام من إعلان مصدر بصناعة الغاز في سلطنة عمان أن السلطنة ستؤجل لمدة عام على الأقل مشروعا مشتركا مع إيران لتطوير حقل كيش للغاز بسبب نقص التمويل.

وتكافح عمان لتمويل مشروعات تنمية في قطاع الطاقة عقب الأزمة المالية العالمية التي زادت من صعوبة الحصول على اعتمادات. وتبلغ تكلفة تطوير حقل الغاز الإيراني ما يصل إلى 12 مليار دولار وقد وافقت عمان على تمويل عملية التطوير بالكامل. وقال المصدر العماني يوم الثلاثاء الماضي لـ«رويترز» شريطة عدم الكشف عن هويته «لن يبدأ الإنتاج في عام 2012 كما كان مخططا. اضطرت عمان نظرا لحالة عدم اليقين بسبب الأزمة المالية العالمية لتأجيل المشروع لمدة عام.

وتوقع مسؤول في قطاع الطاقة في عمان العام الماضي توقيع اتفاق تطوير حقل كيش في ديسمبر (كانون الأول) عام 2008 وأن تموله عمان بالكامل. ويشمل المشروع مد خط أنابيب بطول 200 كيلومتر من الحقل ويمتد معظمه تحت الماء من مدينة مسندم العمانية قرب خليج هرمز إلى صحار في عمان أيضا. وتنقل المرحلة الأولى من المشروع الغاز لعمان بمعدل مليار قدم مكعب يوميا ترتفع في وقت لاحق إلى ثلاثة مليارات قدم مكعب.

وإيران بها ثاني أكبر احتياطي من الغاز في العالم ولكنها بطيئة في تنمية صادرات الغاز وليس لديها منشآت لإنتاج غاز طبيعي مسال. ويزداد توجه إيران لآسيا وأماكن أخرى لتطوير قطاع النفط والغاز بها، إذ تمنع الضغوط الأميركية والعقوبات الشركات الأميركية والأوروبية من الاستثمار بها. لكن المفاوضات المطولة التي تسبق إبرام العقود والشروط الموضوعة ترجئ تنفيذ الكثير من صفقات تصدير الغاز التي وقعتها إيران بصفة مبدئية.

إلى ذلك، استقبل فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء العماني، ويوسف بن علوي بن عبد الله الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية، أمس، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل الذي يزور سلطنة عمان. وذكرت وكالة الأنباء العمانية أن المسؤول العماني والوفد المرافق له استعرض مع مشعل الجهود المبذولة من أجل القضية الفلسطينية، مؤكدا استمرار وقوف سلطنة عمان إلى جانب الشعب الفلسطيني في مساعيه الرامية لاستعادة حقوقه الوطنية المشروعة، مشيرا إلى أهمية توحيد مواقف القيادات الفلسطينية في هذه المرحلة التي تتطلب تضافر كل الجهود من أجل التوصل إلى النتائج المرجوة.

كما تناولت المباحثات الأوضاع الراهنة التي تشهدها المنطقة وانعكاساتها على القضية الفلسطينية، وتم استعراض تطورات الحوار الفلسطيني والمساعي المبذولة لتقريب وجهات النظر وجمع الشمل.

من ناحيته، أعرب مشعل عن سعادته بزيارة سلطنة عمان، مشيرا إلى أنه يحمل الشكر والتقدير من القيادات الفلسطينية لسلطان عمان «للدعم الكامل والمتواصل الذي تقدمه السلطنة لإخوانهم في فلسطين ومساندتها الدائمة لحقوقهم المشروعة في كافة المحافل الدولية». وأوضح مشعل أن الهدف من زيارته هو توضيح التطورات التي تشهدها الساحة الفلسطينية والمهام التي تضطلع بها حماس وكافة الفصائل لمعالجة تلك الأوضاع.