البابا يدعو لقيام دولة فلسطينية ويصلي في «المهد» من أجل اللاجئين ورفع الحصار عن غزة

مر من بوابة الجدار وتلقى وشاحا مطرزا بمفتاح العودة

TT

دعا البابا بنديكتوس، من مدينة بيت لحم في الضفة الغربية، أمس إلى قيام دولة فلسطينية، «ذات سيادة»، مؤكدا، أنه يقف إلى جانب أولئك الذين خسروا كل شيء، في إشارة إلى اللاجئين الفلسطينيين. وقال البابا بنديكت موجها كلامه للرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) الذي استقبله في مقره في بيت لحم، «سيدي الرئيس.. الفاتيكان يؤيد حق شعبكم في وطن فلسطيني ذي سيادة في أرض أجدادكم يعيش في أمان وسلام مع جيرانكم داخل حدود معترف بها دوليا».

وأضاف البابا «أدرك حجم المعاناة التي تعرضتم لها وما زلتم تتعرضون لها نتيجة هذا الاضطراب العظيم في هذه الأرض طوال عقود. قلبي مع كل الأسر التي خسرت الكثير».

وأضاف «أؤكد.. لمن فقد من بينكم فردا من أسرته أو أحبائه في المعارك خاصة الصراع الأخير في غزة.. تعاطفي العميق.. أذكركم في صلاتي، أدعو إلى السلام العادل والدائم في الأراضي الفلسطينية، ولا يمكن أن يكون سلاما من دون عدالة و لا عدالة من دون تسامح».

واتهم أبو مازن في المؤتمر الصحافي المشترك مع البابا، إسرائيل بمحاولة طرد المسلمين والمسيحيين من خلال فرض إجراءات أمنية شاقة، داعيا إلى إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني وإقامة الدولة الفلسطينية، وعاصمتها الأبدية القدس، إلى جانب إسرائيل وعودة اللاجئين».

وشجب أبو مازن المعاناة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، وقال «شعبنا ما زال حتى يومنا هذا يطالب بتحقيق العدالة ويسعى صادقا لتحقيق السلام القائم على العدل وقد آن الأوان لإنهاء المعاناة».

وأضاف أبو مازن مخاطبا البابا «أنتم تعرفون أنهم يمارسون ضد مواطني هذه البلاد العرب مسلمين ومسيحيين كل أشكال القمع والاضطهاد ومصادرة الأرض ومنع البناء وهدم البيوت وفرض الضرائب الباهظة في سبيل تكريس ضم إسرائيل للقدس العربية إليها ولكن القدس العربية هي درة التاج وهي العاصمة الأبدية لدولة فلسطين».

وفي ساحة كنيسة المهد، حيث ولد السيد المسيح، عزفت فرق موسيقية أنشودة للسلام والتعايش بين المسيحيين والمسلمين في الأرض المقدسة، في استقبال البابا، الذي تجمع لاستقباله حوالي 30 ألفا من مسيحيي فلسطين والخارج.

وتحولت بيت لحم إلى ثكنة عسكرية وانتشر ألاف من حرس الرئاسة والأجهزة الأمنية وأغلقت الطرقات الرئيسة ومنع مرور السيارات في المنطقة، وخضع الجميع إلى إجراءات أمنية مشددة. ولم يسمح بدخول كنيسة المهد إلا لأولئك الذين يحملون بطاقات خاصة. وهي إجراءات لم تشهدها المدينة من قبل، حتى عند زيارة رؤساء، ومن بينهم الرئيس الأميركي السابق جورج بوش.

وقوبل البابا بتصفيق حاد حين قال، وهو يصلي تحت علم فلسطيني كبير، في ساحة المهد، «قلبي يهفو لحجاج غزة الذي تعصف به الحرب». وتابع «أصلي من أجل رفع الحصار قريبا».

واستقبل الفلسطينيون البابا في مخيم عايدة للاجئين الفلسطينيين، شمال بيت لحم، في زيارة يرون أنها الأكثر دلالة على موقف البابا الداعم للقضية الفلسطينية.

وفي ساحة تطل على الجدار الفاصل والأسلاك الشائكة، جلس البابا والرئيس الفلسطيني، واستهل الفلسطينيون بداية زيارة البابا بإطلاق 61 بالونا أسود في السماء، بعدد سنين نكبة الفلسطينيين، وقال عريف الحفل للبابا «صل لنا». ولم يكن البابا بحاجة إلى من يشرح له كيف يخنق الجدار الفاصل والاحتلال مدينة «مهد المسيح»، فقد مر عبر هذا الجدار من بوابة حديدية كبيرة، لا تفتح أبدا للفلسطينيين، ومن تحت أبراج إسرائيلية للمراقبة، شمال المدينة. واستقبل الفلسطينيون البابا بصيحات «يعيش البابا.. يعيش بنديكت.. تعيش فلسطين». واستقبل الفلسطينيون، في مخيم عايدة، البابا بالدبكة، وكبروا ودقت أجراس الكنائس، بينما كان البابا مبتسما لكل ما يدور. وقال أبو مازن في كلمة له في المخيم، «أمامكم أتوجه للإسرائيليين برسالة سلام وأدعوهم للتخلي عن الاحتلال.. فأمنهم يتحقق من خلال السلام». وقال البابا في مخيم عايدة «تتيح لي هذه الزيارة لأن أطلع على معاناة الفلسطينيين الذين يعيشون بدون مأوى وأتمنى أن يعودوا إلى ديارهم». وتابع «أعلم أنكم تعانون من التشتت.. وأؤكد لكم دوام صلاتي من أجل اللاجئين وخصوصا الذين فقدوا أحباءهم خلال الحرب الأخيرة على غزة».

وسلم أهالي المبعدين وأبناء أسرى فلسطينيين، رسائل إلى البابا يدعونه فيها إلى التدخل من أجل إنهاء معاناة المبعدين والأسرى. وقال عريف الحفل للبابا، في إشارة إلى زيارته أسرة الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شليط، «إذا كان عندهم شاليط فلدينا 11 ألف أسير وأقدم أسير في العالم وأصغر أسير في العالم». وتقدمت طفلة عمرها 7 سنوات اسمها غزالة، ويقضي أبوها وأمها أحكاما بالمؤبد برسالة إلى قداسة البابا.

وقدم أهالي المخيم، للبابا هديتين، وشاحا فلسطينيا مطرزا بمفتاح العودة ونجمة بيت لحم الثمانية (الكنعانية) وقبة الصخرة وكنيسة المهد، وقدم هذا الوشاح داوود الأزرق والد أقدم أسير في المخيم. أما الهدية الثانية، فكانت عبارة عن خريطة فلسطين مصنوعة من حجارة فلسطين من مدينة طبريا.