مصادر أميركية: إدارة أوباما ستستأنف المحاكم العسكرية بغوانتانامو بعد تعديل القواعد

تشيني يواصل هجومه على الرئيس الأميركي ويتهمه بارتكاب خطأ فادح بإغلاق المعسكر

TT

قالت مصادر حكومية أميركية إن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما ستصدر إعلانا خلال الأسبوع الحالي تعلن فيه عزمها اللجوء مجددا إلى المحاكم العسكرية الاستثنائية التي أنشأها الرئيس السابق جورج بوش لمحاكمة بعض المعتقلين في غوانتانامو ولا سيما المتهمين في إطار اعتداءات 11 سبتمبر(أيلول) 2001، ولكن بعد تعزيز حقوق الدفاع فيها.

وقال مصدر قريب من الملف لوكالة الصحافة الفرنسية إن أوباما «سيطلب من الكونغرس تعديل القواعد» المعتمدة للحد من اللجوء إلى الشهادات غير المثبتة ضد المتهمين ومنع استخدام الاعترافات التي تجمع تحت التعذيب والسماح للمتهمين باختيار محاميهم بأنفسهم.

ولم يتم اللجوء إلى هذه المحاكم الاستثنائية المعروفة بـ«اللجان العسكرية» عمليا سوى ثلاث مرات منذ أن أنشئت بموجب قانون صدر عن الكونغرس عام 2006 وقد أثارت جدلا محتدما.

والملفات الرئيسية المعنية بهذا القرار هي ملفات المتهمين الخمسة بتنظيم وتدبير اعتداءات 11 سبتمبر وبينهم خالد شيخ محمد الذي يشتبه بأنه الرأس المدبر لها، وجميعهم يواجهون عقوبة الإعدام.

وأفادت مصادر متطابقة أن الإدارة ستطلب تمديد إجراء تعليق عمل المحاكم التي توقفت عن العمل في 20 يناير (كانون الثاني) بطلب من أوباما حتى يتسنى رفع القضية إلى الكونغرس.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن جون جاكسون المحامي العسكري لأحد المتهمين الخمسة مصطفى احمد الحوساوي، أن أوباما سيخطئ إن اختار الحل الأسهل القاضي بالاحتفاظ بالمحاكم الاستثنائية.

وقال: «من السهل على الرئيس أن يختار اللجان العسكرية لأنها قائمة.. الصعوبة تكمن في محاكمة هؤلاء الرجال أمام محكمة عادية مثل محكمة فيدرالية أو محكمة عرفية».

وجوهر المسألة هو أن بعض المعتقلين الذين يعتبرون من الأبرز تعرضوا للتعذيب بأيدي محققي وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) وكشفت بهذا الصدد مذكرات داخلية خاصة بوزارة العدل نشر مضمونها في منتصف أبريل (نيسان) أن خالد شيخ محمد خضع 183 مرة لعملية إيهام بالغرق.

وقالت سارة مندلسون الخبيرة في مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية في واشنطن لوكالة الصحافة الفرنسية معلقة على القضية «إن الأمر الوحيد الذي تحظره حكومة فيدرالية هو استخدام العناصر التي تجمع تحت التعذيب» مشيرة في المقابل إلى أن الاتهام يملك ما يكفي من الأدلة المادية لإجراء محاكمة.

لكن خبراء آخرين يشيرون إلى أن المشكلة أكثر تشعبا وتعقيدا. وقالوا إن المعاملة التي خضع لها بعض المعتقلين قد تسمح لهم بالحصول على أحكام مخففة أمام محاكم فيدرالية، مما يحتم الالتفاف على المسألة.

وقالت شارون برادفورد فرانكلين الخبيرة في منظمة «كونستيتيوشن بروجيكت»: «سيكون من دواعي السخرية والأسف أن نصل إلى مرحلة نبرر فيها استخدام اللجان العسكرية تحديدا بحجة التعذيب الذي مارسناه» بحق هؤلاء المعتقلين.

ورأى توم باركر من منظمة العفو الدولية أن «هذا سيضر أكثر بصورة الولايات المتحدة وسيقضي على فكرة أن إدارة أوباما تطوي صفحة ممارسات الماضي». غير انه يعود للكونغرس أن يبت في المسألة، وهو المهتم الأول بها.

وقال جون ماكين خصم أوباما الجمهوري السابق في الانتخابات الرئاسية «لقد ارتكبوا خطأ فادحا بإعلانهم المدوي إغلاق غوانتانامو دون أن تكون لهم خطة متكاملة».

في المقابل اعتبر السيناتور الديمقراطي شيلدون وايتهاوس أن اللجان العسكرية «يمكن أن تشكل بديلا ذا مصداقية لن أستبعده في المرحلة الراهنة، طالما أنها لا تتبع القواعد نفسها التي كانت تتبعها في ظل إدارة بوش».

في غضون ذلك صعد نائب الرئيس الأميركي السابق ديك تشيني هجومه على الرئيس باراك أوباما، محذرا من انه يرتكب أخطاء «فادحة» على صعيدي الاقتصاد وحماية الولايات المتحدة من الإرهاب.

كما رأى تشيني الذي يدافع بشدة عن الإدارة الأميركية السابقة، بينما التزم الرئيس جورج بوش الصمت، أن خطة أوباما لإغلاق معتقل غوانتانامو هي «فكرة رهيبة».

وقال نائب الرئيس الأميركي السابق في مقابلة مع تلفزيون «فوكس بيزنس نتوورك»: «نجحنا في الدفاع عن الأمة لمدة سبع سنوات ونصف السنة في مواجهة هجمات أخرى بعد اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001».

وأضاف تشيني: «إنه انجاز كبير. لا أحد كان يتصور أن هذا الأمر ممكن لكنه تم. أعتقد أن هذا الأمر كان ممكنا بفضل السياسات التي اتبعناها ويقومون حاليا بتفكيكها».

كما دافع تشيني عن وسائل الاستجواب القاسية التي طبقت على المعتقلين للاشتباه بتورطهم بالإرهاب واعتبرها منتقدوها تعذيبا. وقد أمر أوباما بوقفها.

وحول إغلاق معتقل غوانتانامو الذي يريد الرئيس الأميركي باراك أوباما أن يتم هذه السنة، قال تشيني «إنها فكرة رهيبة».

وأضاف «إذا نقلتم هؤلاء الناس إلى الولايات المتحدة، فلا اعتقد انه سيكون ثمة برلماني واحد سيقف ويقول أرسلوا لنا بعض الإرهابيين. أريد أن يعيش بعض عناصر القاعدة في منطقتي».

يذكر أن هذا هو الهجوم الثاني خلال ثلاثة أيام الذي يشنه تشيني على إدارة أوباما وخصوصا في ما يتعلق بالسياسات التي اتبعتها إدارة بوش في مكافحة الإرهاب.

وقال «أعتقد أننا نحرم أنفسنا من بعض القدرات التي استخدمناها لمنع أو لزعزعة نشاطات القاعدة التي كان يمكن أن تؤدي إلى هجمات إضافية».

ودعا نائب الرئيس الأميركي السابق إدارة أوباما مجددا إلى رفع السرية عن مذكرات عدة لوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) وتثبت ان عمليات الاستجواب القاسية سمحت بالحصول على معلومات مهمة. ورد الناطق باسم البيت الأبيض روبرت غيبس على انتقادات تشيني بشأن غوانتانامو مؤكدا ان هذا المعتقل لم يجعل الولايات المتحدة أكثر أمانا وأضر بصورتها في الخارج.

وأضاف غيبس أن سياسة أوباما لمكافحة الإرهاب أفضل من تلك التي اتبعها بوش موضحا أن الرئيس يوظف موارد إضافية في أفغانستان وباكستان حيث تم التخطيط لاعتداءات سبتمبر 2001.

وتابع أن «أفضل طريقة لضمان أمن البلاد هو استهداف التهديد الإرهابي وهو أمر لم تفعله الإدارة السابقة».

وفي المقابلة التي أجريت الثلاثاء، قال تشيني إن إدارة أوباما ترتكب «خطأ فادحا» بتعزيز سلطة الحكومة على القطاع الخاص من اجل إنقاذ القطاع المالي.

وكانت ليز تشيني ابنة النائب السابق للرئيس الأميركي التي كانت مسؤولة في إدارة بوش أيضا دافعت عن موقف أبيها وانتقاداته لإدارة أوباما. وقالت لشبكة «إم إس إن بي سي» إنه «يشعر أن من واجبه التكلم».

وأضافت أن «والدي يشعر أن ما تفعله الإدارة الأميركية يجعل البلاد أقل أمانا، كان من الأسهل عليه أن يترك كل شيء ويذهب لصيد السمك وقضاء الوقت مع أحفاده».