رئيسة مجلس النواب الأميركي توشك أن تغرق في تحقيقات حول تقنية «الإيهام بالغرق»

تتعرض لوابل من الانتقادات بسبب معلومات عن علمها بتقنين إدارة بوش التعذيب ضد المعتقلين

TT

تتعرض نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأميركي إلى وابل من الانتقادات في وقت يتجه الكونغرس لإجراء تحقيق حول ممارسة التعذيب في عهد إدارة الرئيس السابق جورج بوش ضد معتقلين. وتعالت الأصوات في الكونغرس بأن يطال التحقيق بيلوسي على اعتبار أنها متواطئة بالصمت لأنها أبلغت من طرف إدارة الرئيس جورج بوش باستعمال تقنية «الإيهام بالغرق» وهو نوع من أنواع التعذيب ضد معتقلين في معسكر غوانتانامو وكذا في سجون سرية خارج الأراضي الأميركية، لكنها لم تعترض على ذلك.

ودعا ستاني هوير زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس النواب لإجراء تحقيق حول ما إذا كانت إدارة بوش رخصت باستعمال التعذيب ضد معتقلين متهمين بالتورط في قضايا إرهابية. لكن هوير قال إن تركيز الجمهوريين على بيلوسي بأنها كانت تعلم بالأمر مجرد محاولة لصرف الانتباه عن الموضوع الأساسي. وقال السيناتور الجمهوري جون ماكين المرشح الذي خسر السباق الرئاسي الذي يعتبر من أشد المناهضين لاستعمال التعذيب ضد السجناء «أخطرت (بيلوسي) بالأمر ولو كانت تعتقد بأنه إجراء خاطئ لكانت تحركت ضده».

وعندما سأل الصحافيون ستاني هوير بشأن ما تردد من أن بيلوسي أخطرت بالأمر عام 2002 خلال إيجاز استخباراتي قدم لها، قال إن جلسات الاستماع المرتقبة في الكونغرس يجب ان تركز على التقنيات التي استعملت خلال الاستجوابات، وأضاف يقول «ماذا قيل ومتى قيل ومن الذي قال، هذا الذي يتطلب ان يكون موثقا».

وعاد ماكين أمس ليقول حول عدم تحرك بيلوسي «أخطرت بالأمر (استعمال تقنية الإيهام بالغرق) وعارضت ذلك بشدة، وكنا وقفنا مع قانون معاملة السجناء وكان طبيعيا أن أقف ضده».

تجدر الإشارة إلى أن ماكين نفسه كان سقط أسيرا خلال حرب فيتنام لدى الفيتناميين وتعرض لتعذيب قاس. وقال ميتش ماكونيل زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ إن جميع الشخصيات المهمة أبلغت بالموضوع بعد الفترة التي أعقبت هجمات سبتمبر 2001. وأضاف يقول «إذا أجري تحقيق حول الموضوع فإن أي شخص تورط سواء كان في الإدارة أو الكونغرس يجب أن يخضع للتحقيق». وكان موقع نانسي بيلوسي نسب إلى مصادر مقربة من رئيسة مجلس النواب أنها علمت بموضوع استعمال تقنية الإيهام بالغرق عام 2003، وطبقا لهذه المصادر فإنها لم تعترض أو تحتج على وكالة المخابرات المركزية (سي آي إيه) انطلاقا من احترام القنوات التشريعية الملائمة. وكانت التقارير أشارت إلى مسؤولين من «سي آي إيه» ابلغوا ميشال شيهي أحد مساعدي بيلوسي، والنائبة الديمقراطية جين هارمان في فبراير (شباط) 2003 عن تقنيات الاستجواب القاسية بما في ذلك الإيهام بالغرق التي استعملت ضد «أبو زبيدة» أحد أعضاء القاعدة. وذكر أن «سي آي إيه» أبلغت الكونغرس 40 مرة بشأن تقنيات الاستجواب المثيرة للجدل. وقالت بيلوسي الأسبوع الماضي «خلال 40 مرة قدمت فيها سي آي إيه إفادات للكونغرس، أبلغت مرة واحدة في سبتمبر (أيلول) 2000 عن الموضوع»، وأشارت إلى انه خلال تلك الإفادة قال مسؤولو «سي آي إيه» إنه على الرغم من وجود مذكرة داخلية بشأن استعمال تلك التقنيات فإنها لم تكن استخدمت تلك الفترة. كما أن بيلوسي قالت في ديسمبر (كانون الأول) عام 2007 إنها أخطرت عام 2002 عن أساليب التحقيق التي تعتزم إدارة بوش استعمالها في المستقبل.

وكان الجدل انطلق الشهر الماضي عندما كشفت إدارة الرئيس باراك أوباما النقاب عن مذكرات سرية في الفترة ما بين 2002 و2005 حيث أضفت إدارة بوش الطابع القانوني على أساليب مثل الإيهام بالغرق، ولطم الوجه، والحرمان من النوم، واستخدام حشرات لتخويف السجناء، واعتبرته لا يدخل في إطار التعذيب. وكان النائب الجمهوري بيت هوكستا طلب من إدارة باراك أوباما نشر جميع الوثائق التي تبين من هم أعضاء الكونغرس الذين اخطروا بتقنيات الاستجواب القاسية، وفي الوقت نفسه شرح الظروف التي أحاطت بهذه الإفادات.

يشار إلى أن بيلوسي التي تعتبر من أهم حلفاء الرئيس باراك أوباما كانت تقف خلف اقتراح بتكوين «لجنة للحقيقة» حول ممارسات إدارة جورج بوش، لكن عندما كشف النقاب من أنها كانت تعرف بموضوع الإيهام بالغرق اضطرت إلى الانتقال من موقف الهجوم إلى الدفاع.

يذكر أن أسلوب الإيهام بالإغراق هو طريقة تحقيق واستجواب قاسية يتم وضع المعتقل فيها تحت ظروف تجعله يخشى على نفسه من الغرق، وذلك بربطه إلى لوح خشبي مع وضع شريط على عينيه ثم جعل رأسه إلى أسفل ورجليه إلى أعلى وسكب المياه على رأسه حتى يصل درجة الاختناق ويعتقد أنه يغرق. واستعملت هذه التقنية خاصة في معتقل غوانتانامو ضد قيادات تنظيم القاعدة.