باريس: سليمان «خط أحمر» وعلى سورية أن تحسن قراءة نتائج الانتخابات اللبنانية

حددت 4 أهداف للدبلوماسية الفرنسية تجاه لبنان

TT

قالت مصادر فرنسية رسمية إن باريس تنظر إلى الرئيس اللبناني ميشال سليمان على أنه يمثل «خطا أحمر» بالنسبة للسياسة والدبلوماسية الفرنسيتين، وإنها «لا يمكن أن تقبل بأي حال من الأحوال أن يستهدف أو يتم السعي لهز موقفه أو الإساءة لموقعه» بسبب الانتخابات التشريعية أو النتائج التي ستترتب عليها باعتباره يمثل الشرعية اللبنانية ومؤسسات الدولة وموضع إجماع لبناني.

وأفادت المصادر الفرنسية، في لقاء ضيق أمس، أن الأولويات الفرنسية للمرحلة التي تلي مباشرة الانتخابات اللبنانية تتمثل بأربعة أهداف هي التالية: استمرار عمل المؤسسات وتحديدا رئاسة الجمهورية وعدم التشكيك لا بشرعيتها ولا بالاستحقاقات المرتبطة بها، الامتناع عن التعرض للبرلمان اللبناني الجديد وعدم التهجم على شرعيته وقبول ما سيخرج من صناديق الاقتراع من قبل الأطراف كافة ومهما تكن النتائج شرط أن تتم الانتخابات في مناخ من الديمقراطية والشفافية، قيام حكومة اتحاد وطني تشارك فيها جميع القوى السياسية، وأخيرا استمرار الحوار الوطني الذي يرعاه رئيس الجمهورية وبما طرحه حتى الآن من مسائل رئيسية بينها تطبيق كافة فقرات القرارات الدولية بما فيها الوصول إلى نزع السلاح من كل الجهات غير الشرعية. ولا تبدي باريس، حتى الآن، قلقا من الانتخابات النيابية ولا من قبول الجهات اللبنانية كافة بنتائجها. وتقول المصادر الفرنسية إن باريس «جاهزة للتعامل» مع هذه النتائج «مهما تكن ومهما تكن هوية الجهة التي تفوز بها» في إشارة ضمنية إلى حزب الله. وبالنسبة إلى ما توافر لباريس من معطيات واستطلاعات للرأي وتقارير، فإن الفرضية الغالبة أن تحالف المعارضة مرشح للفوز بالانتخابات بنسبة 50 إلى 60 في المائة، فيما تبدو حظوظ حصول الطرفين على نتائج متقاربة مع فارق بسيط بينهما واردة بنسبة 30 إلى 40 في المائة. أما فوز فريق «14 آذار» فتبدو نسبته لباريس ضئيلة ولا تتجاوز الـ10 في المائة. غير أن فرنسا تبدو واثقة من أن المشهد السياسي اللبناني في صيغته الحاضرة وانقسامه إلى معسكرين متقابلين «لن يبقى على حاله بعد الانتخابات» وأن لبنان مقبل على «إعادة تشكيل المسرح السياسي وتداخل التحالفات وتبدلها» خاصة إذا أفضت الانتخابات إلى نتائج متقاربة.

وترى باريس أن فوز فريق «8 آذار» «لن يكون نهاية العالم» خاصة أنها مقتنعة أن الحكومة القادمة ستكون إلى حد ما مشابهة للحكومة الحالية، أي حكومة وفاق وطني. غير أن ما تتخوف منه باريس هو الأثر النفسي والسياسي الذي يمكن أن يترتب على فوز «8 آذار»، أي حزب الله، على جهات عربية وإقليمية ودولية، وبالتالي طريقة تعاطيها مع نتائج هذه الانتخابات وإمكانية تسخيرها في استراتيجياتها الإقليمية. وفي هذا السياق، تساءلت المصادر الفرنسية عما سيكون عليه موقف الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي ودول مثل مصر والسعودية وإيران وسورية من هذه النتائج، منبهة إلى كيفية التعاطي الإعلامي معها وتأثيراته السياسية. ولفتت إلى أن الإعلام قد يتحدث عن «حزب الله لاند» وأن إسرائيل ستستغل الفرصة.

ووجهت المصادر الفرنسية رسالة واضحة إلى سورية داعية إياها إلى أن «تقرأ بشكل جيد» نتائج الانتخابات اللبنانية، وأن «تحسن التصرف» وأن «تعي» أن ما سيجري في لبنان في مرحلة ما بعد الانتخابات «سيكون له أثره على طريقة تعاطينا معها وعلى استمرار الانفتاح الأميركي عليها». وقالت هذه المصادر: «إذا أرادت دمشق التعاون معنا والحوار مع الولايات المتحدة الأميركية، يتعين عليها أن تتصرف باعتدال، خاصة أنها لم تقم منذ بداية العام الحالي ببادرات إيجابية، وأن كثيرا من الدول الأوروبية تتساءل عن الأداء السوري، إن في لبنان أو في غزة أو في العراق». وترى الأوساط الفرنسية أنه إذا عرف اللبنانيون أن يتعاطوا مع نتائج الانتخابات بعقلانية ورصانة وتصرفوا بوعي، فسوف «تمر الأمور بسلام». أما إذا سعى هذا الفريق أو ذاك «لاستغلال الفوز» و«تسجيل نقاط، فسنكون مجددا بحاجة إلى مؤتمر الدوحة 2».

وفي أي حال، تريد باريس أن تلعب بقوة ورقة الرئيس سليمان، التي ترى فيه الضمانة للاستقرار واستمرار عمل المؤسسات، وأن توفر له الدعم السياسي والدبلوماسي. وتبدو فرنسا ميالة إلى اعتبار أن حزب الله فهم أن مصلحته «ليست في وضع اليد على السلطة، ولا أن يضع نفسه في الواجهة». لكنها تنظر في الوقت عينه بارتياب إلى ما ينسب إلى هذا الفريق أو ذاك من نية لاستغلال النتائج لتغيير النظام اللبناني.

وتترقب باريس ثلاثة استحقاقات رئيسية في المنطقة بما لها من نتائج متداخلة، وهي خطاب الرئيس أوباما في القاهرة في 4 يونيو (حزيران)، والانتخابات اللبنانية في السابع منه، وأخيرا الانتخابات الرئاسية الإيرانية.