وزراء تبادلوا الاتهامات بالتعطيل ومصادر حكومية تعتبر أن بري يسعى إلى «السيطرة»

«التصويت الأول» داخل مجلس الوزراء اللبناني يعيد النقاش حول «الثلث المعطل»

TT

أثار «التصويت الأول» داخل الحكومة اللبنانية منذ تأليفها، مجددا قضية المشاركة في السلطة وفقا للصيغة القائمة في لبنان منذ اتفاق الدوحة الذي أعطى المعارضة اللبنانية ثلث أعضاء الحكومة وهو ما يمكنها عمليا من تعطيل أي قرارات أساسية لا توافق عليها. وهو ما تعتبره قوى «14 آذار» فشلا لنظرية «الثلث» الذي تسميه «الثلث المعطل» وتسميه المعارضة «الثلث الضامن».

فبعد نجاح قوى المعارضة ليل أول من أمس في منع إقرار تعيين محافظين جديدين لبيروت وجبل لبنان، بالإضافة إلى مدير الشؤون السياسية في وزارة الداخلية، وهي تعيينات تقول الأكثرية إنها «ضرورية لإجراء الانتخابات»، هاجمت مصادر حكومية رئيس مجلس النواب نبيه بري واتهمته بالسعي إلى «تعطيل الدولة والسيطرة على رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء». كما اتهمته بالسعي إلى تأجيل التعيينات إلى الحكومة المقبلة، مراهنا على أن تكون السلطة قد انتقلت إلى المعارضة بعد الانتخابات.

وتطالب المعارضة من داخل الحكومة، بإقرار التعيينات والموازنة في «سلة واحدة» في محاولة للضغط على الأكثرية لتمرير الموازنة وتعيينات المجلس الدستوري، بعدما رفضت الأكثرية «التوازن» في تعيينات المجلس الدستوري فانتخبت حصة مجلس النواب من أعضائه من دون التوافق معها ففاز خمسة من مرشحيها مقابل مرشح واحد من «8 آذار». ورأت مصادر حكومية لبنانية أن ما حصل في مجلس الوزراء يعني أنه لم يعد هناك نظام ديمقراطي في لبنان. وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن تعطيل أعمال الحكومة يهدف عمليا إلى «تعطيل السلطة والسيطرة على رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء» مستغربة أن يعمد رئيس مجلس النواب إلى «إبلاغ رئيس الجمهورية، والتصريح بذلك علنا، بعدم القبول بتمرير التعيينات إلا بسلة واحدة». واتهمت بري بـ«تجاوز سلطاته وتعطيل رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء وتعطيل البلاد». وقالت المصادر إنه كان «من المفروض أن يتم إقرار هذه التعيينات ليصار الأسبوع المقبل إلى تعيين أعضاء المجلس الدستوري». وأوضحت أن مشروع الموازنة العامة تم الاتفاق عليه مع الرئيس بري، لكن الاخير عاد ليرفض مشروع وزير المال محمد شطح الذي وافق على مبلغ 63 مليار ليرة (42 مليون دولار) كموازنة لمجلس الجنوب بدلا من 60 مليار يطالب بها بري (40 مليونا) شرط أن يتم دفع الأموال لعائلات الشهداء من قبل وزارة المال السنة المقبلة وأن يتم دفع بدلات العقارات المستأجرة من القوات الدولية من قبل وزارة الدفاع بدلا من مجلس الجنوب، بالإضافة إلى ضرورة إبلاغ رئاسة مجلس الوزراء بالمشاريع التي ينوي مجلس الجنوب القيام بها، باعتباره تابعا لها، بدلا من تلزيم المشاريع وتنفيذها من دون أن يعلم رئيسه المباشر.

ورأى وزير الصناعة غازي زعيتر، القريب من الرئيس بري، أن المطلوب أن تتم التعيينات وفقا لسلة كاملة. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إذا أردنا إجراء تعيينات، فلماذا تكون مبتورة؟ أما الموازنة فهي أهم شيء فيها، فهل نعين موظفا ولا نقر موازنة الدولة العامة؟». وقلل من أهمية حصول التعيينات في هذا التوقيت مقارنة بتعيينات المجلس الدستوري أو إقرار الموازنة العامة. وأفاد بأنه «عندما يصدر قرار بتعيين موظف، يحتاج الأمر إلى صدور مرسوم ومباشرة عمل. فلو تم تعيين موظف ما في جلسة أمس (أول من أمس) لاحتاج صدور المرسوم إلى 3 أيام كحد أدنى لتوقيعه من الوزراء المعنيين. ويحتاج إلى 10 أيام أخرى لمباشرة عمله، فيما تفصلنا عن الانتخابات 3 أسابيع فقط. ومن جهة ثانية، فإن الموازنة تم التوافق عليها من النواحي كافة. وتوجت بغداء رئاسي (جمع رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان والرئيسين نبيه بري وفؤاد السنيورة) فلماذا لم يرسل مشروع الموازنة إلى مجلس الوزراء للتصويت عليه وإقراره؟ وإذا قيل إن التعيينات ضرورية من أجل إجراء الانتخابات، فالمجلس الدستوري هو الأكثر أهمية لإجراء هذه الانتخابات لأن المحافظين بالوكالة يقومون بأعمالهم وفريق عمل وزير الداخلية يقوم بواجباته بالكامل. ليس هناك ما هو مطلوب من المحافظ لإجراء الانتخابات». وردا على سؤال عن وجود «دوافع سياسية وتعطيلية» وراء هذا الموقف، أجاب: «هذا سؤال يوجه إلى من يمتنع عن عرض الموازنة والتعيينات كاملة على مجلس الوزراء».

من جهته، اعتبر وزير الدولة جان أوغاسبيان أن رئيس الجمهورية ميشال سليمان بإصراره على التصويت أعاد الاعتبار للاحتكام للأصول الدستورية لحل المسائل المطروحة على طاولة مجلس الوزراء ومارس حقه الدستوري بالرغم من إصرار قوى «8 آذار» على تأجيل التصويت وسحب المشروع من التداول وطرح سلة متكاملة تشمل التعيينات وإقرار الموازنة.

وأكد أوغاسبيان لـ«الشرق الأوسط» أن «فريق الأكثرية مع إقرار كل التعيينات والموازنة في اقصى سرعة وإعطاء الأولوية لاستكمال المجلس الدستوري، متهما قوى «8 آذار» بالسعي إلى تأجيل التعيينات عبر ربط الأمور بسلة كاملة، وهو أمر غير ممكن». وأشار إلى أنه لو تم إقرار هذه التعيينات ، لكان ممكنا أن يتم طرح موضوعي المجلس الدستوري والموازنة في الأسابيع المقبلة ولتم إقرارهما.

وقال: «إذا كان البعض يعتقد أن من خلال التعطيل أمس (أول من أمس) يستطيع إضعاف رئيس الجمهورية فهو مخطئ» معتبرا أن «ما حصل يعيد التأكيد على أن موضوع الثلث المعطل داخل الحكومة تجربة غير ناجحة، ربما كانت ضرورية عندما اعتمدت. لكن يجب إعادة النظر فيها».

واعتبر وزير الدولة خالد قباني أنه «لا يصح إجراء الانتخابات النيابية في غياب المجلس الدستوري. وان وجوده قبل بدئها مهم وله الاولوية على القضايا الاخرى». وقال: «نحن نتمنى ان تجرى هذه التعيينات التي تشكل رافعة للعملية الانتخابية لأنها ترتبط ارتباطا وثيقا بها».

وتمنى «على الأقل، أن يتمكن مجلس الوزراء من استكمال تعيين الأعضاء في المجلس الدستوري قبل 7 يونيو (حزيران) ليكتمل عقده لان المجلس الدستوري هو العنوان للديمقراطية ولنزاهة الانتخابات ولوجود دولة القانون. وأهمية استكمال المجلس الدستوري تشكل رمزية ودلالة على ان الانتخابات قد أحيطت بكل الضمانات اللازمة». واعتبر نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري أن «ما حصل في جلسة مجلس الوزراء أمس (أول من أمس) في ما يتعلق بالتعيينات يظهر بوضوح أن قوى«8 آذار» مستمرة في انتهاج سياسة تعطيل تسيء في آن واحد إلى انتظام العمل في مؤسسات الدولة وإلى مصالح المواطنين، كما يثبت مرة جديدة عقم صيغة الثلث المعطل». وقال: «لقد سقط أمس (أول من أمس) ما تبقى ما أقنعة تختبئ وراءها قوى «8 آذار».

وفهم الجميع من يعطل التعيينات ومن يمنع ملء الشواغر ومن يضع تاليا العصي في مسيرة عهد الرئيس ميشال سليمان، استكمالا للهجوم المركز عليه من بعض مدعي الحرص على صلاحيات رئاسة الجمهورية، وللكلام عن تقصير ولايته». ووضع عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب أنطوان سعد تعطيل فريق «8 آذار» التعيينات الإدارية «في إطار تعطيل عمل المؤسسات والتأثير على سير الانتخابات النيابية المقبلة» معتبرا أن «هذا الفريق يريد الاستئثار عبر نسف كل قواعد التقارب والتفاهم، وبالتالي تعطيل شؤون الناس وشل الإدارات العامة وإيصال الرسائل المفخخة إلى رئيس الجمهورية وعمل الحكومة».