باكستان: تباين داخل مخيمات تستوعب 1.3 مليون مواطن نزحوا بسبب القتال

الجنرال إشفاق كياني: إدارة شؤون النازحين في نفس أهمية العملية العسكرية

طابور الفارين من عنف وادي سوات في مخيم سوابي ينتظرون الحصول على المساعدات الغذائية أمس. (أ.ف.ب)
TT

أمام مدخل مخيم «حضرت عثمان» جنوب وادي سوات، تقف لجنة للترحيب بالمواطنين النازحين بسبب أعمال العنف، التي نشبت بين الحكومة والمسلحين، وتقدّم هذه اللجنة للنازحين الماء المثلج والوجبات الغذائية وأماكن ينامون داخلها تحتوي على مراوح وأدوية. ومع أن منظمي المخيم لا يبدون صراحة تعاطفهم مع طالبان، فإن لهم وجهة نظر واضحة مفادها أن الأزمة برمتها من صنع الحكومة والجيش. وعلى بعد ميلين من هذا المخيم يوجد مخيم «جلالا»، وهو مخيم أكبر حجما بدرجة كبيرة تديره الحكومة، ودرجة الحرارة داخله مرتفعة وينتشر فيه البعوض، كما أنه مزدحم ولذا يتم رفض بعض القادمين الجدد. وثمة نقص في المياه والطعام والدواء، ويضطر الكثير من المواطنين إلى النوم في العراء، وهو أمر مهين وخاصة بالنسبة للنساء في هذا المجتمع الإسلامي.

وإذا كانت مواجهة التمرد أمرا ذا صلة بالقلوب والعقول، فإن الطريقة السريعة الفاعلة التي تتبعها بعض التنظيمات الإسلامية في تقديم المساعدة للمحتاجين خلال العدوان الأخير من قبل الجيش ضد حركة طالبان توحي بأن المتشددين يمكن أن ينتصروا في المعركة. وتستفيد الجهود الخاصة المتنوعة، على غرار مخيم «حضرت عثمان»، من حالة الرضا التي تسود عند مساعدة آلاف قليلة من المواطنين. وفي المقابل، فإن الحكومة تواجه الانتقاد إذا ما قصرت في أي جانب عند معالجتها احتياجات الملايين. ويقدم كلا المخيمين ملاذا لبعض من 1.3 مليون مواطن نزحوا بسبب القتال بين الجيش الباكستاني وحركة طالبان منذ الخريف، حسب ما تفيد به تقديرات الأمم المتحدة. ومع أن الكثير من النازحين خلال الصراع الأخير نأوا بأنفسهم عن مثل هذه المخيمات، وفضّلوا العيش على صعوبته مع الأقارب عندما يكون ذلك ممكنا، ما زالت المخيمات أمرا هاما لعدد كبير من الأسر التي لا يوجد لها بديل. ويقول سيد جلال الدين، المفوض الحكومي الإقليمي المسؤول عن شؤون النازحين، إن النازحين من منازلهم يواجهون صعوبات وأمورا مثيرة للإحباط، ولكن تقدم المخيمات الحكومية الخدمات الضرورية. ويضيف أنه مع أن تسجيل المواطنين، وهو مطلب لحصولهم على مساعدات، يستغرق وقتا، فإنه يساعد على منع حدوث مشكلات مثل عمليات الاختلاس. ويقول جلال الدين: «يكون المواطنون غضبى عندما يتركون منازلهم، ولكن تشهد الأوضاع تحسنا وتعتني الحكومة بكافة المستلزمات». وحتى الآن، يستمر الدعم الشعبي في مختلف أنحاء البلاد وراء الحكومة خلال قتالها ضد المسلحين. وفي وسط حالة القلق المتنامية بين المواطنين بخصوص تعامل الدولة مع الأزمة الإنسانية، أمر الجنرال أشفاق كياني، رئيس أركان الجيش الباكستاني، يوم الأربعاء الجنود بتقليل الإصابات بين المدنيين في سوات والمناطق المجاورة حتى لو أدى ذلك إلى تعريض حياتهم أنفسهم للخطر. وقال كياني في رسالة وجهها للجنود إن إدارة شؤون النازحين أمر في نفس درجة أهمية العملية العسكرية. وخلال الـ24 ساعة الماضية قُتل 11 مسلحا و5 جنود، حسب ما قاله الجيش يوم الأربعاء، كما عثر على خمس جثث مقطوعة الرأس في مدينة مينغورا الرئيسة في سوات. ولم يتسن التثبت من هذه التقارير من مصدر مستقل. ويقول حاجي غل وإسماعيل شاموزيا، وهما منظمان رئيسيان في مخيم «حضرت عثمان» إنهما بدءا جهود الإغاثة فور بدء المدنيين في النزوح لأن الحكومة لم تقم بإجراء. واتصلا بمتعهد للحصول على موافقة لاستخدام مستشفى لم يتم الانتهاء منه واستحوذا على مدرسة ابتدائية تقع مباشرة خلف معلم محلي هام وهو شركة كلاشنكوف للمنظفات، وهي شركة تديرها إحدى العائلات ولا تبيع سوى الصابون على الرغم من البندقية التي تظهر على شعارها. وبعد مرور سبعة أيام، كان مخيم «حضرت عثمان» يقدم الطعام والمسكن لـ700 شخص، ويقدم وجبات غذائية لـ300 مدني آخرين يمرون به ويوزعون مصاريف انتقال على المسافرين الفقراء الذين يحاولون اللحاق بأقاربهم أو أصدقائهم. وتعتمد مثل هذه الجهود المحلية على التبرعات وتجار في المنطقة وأشخاص يتبرعون بمواد المساعدة. ويقول غل: «يشعر الجميع هنا بالحنق على الحكومة». ويضيف: «يأتي تمويلنا من متبرعين محليين، ومن الله، الذي يمدنا بما نحتاج». ويقول شاموزيا إنهم حصلوا على ما تصل قيمته إلى عشرات الملايين من الدولارات في صورة عصائر وأرز وأدوية وإمدادات أخرى من المتبرعين المعنيين، حيث تصل التكلفة إلى نحو 5000 دولار يوميا. ويقول ساردار رحيم، وهو خياط من سوات يبلغ من العمر 20 عاما هرب من أعمال العنف مع سبعة من أفراد عائلته: «رأيت المخيم الحكومي، ولم أحبه، فنحن نزحنا بسبب الجيش الذي يلقي بالقنابل علينا، لا توجد مشكلات أواجهها في حضرت عثمان، فهم يقدمون ما نحتاج دون مقابل».

وعلى الرغم من أنه لا يتم دفع رسوم نظير الاستفادة من مخيمات الحكومة، يقول قاطنوها إن الإمدادات دائما ما تكون محدودة. ويشير محمد أنور، وهو عامل من مدينة مينغورا يبلغ من العمر 56 عاما إلى أن: «الجيش لم يكن يركز على طالبان، ولكنه يلقي بالقذائف دون تمييز». ويذكر أن مدينة مينغورا أكبر المدن في سوات وما زالت تحت سيطرة حركة طالبان.

* خدمة «لوس أنجليس تايمز» خاص بـ«الشرق الأوسط»