لندن: استقالة أول مسؤول في «فضيحة نفقات النواب» البريطانيين.. وتجميد عضوية آخر

كاميرون وبراون اعتذرا بشدة.. و120 ألف إسترليني أعادها النواب منذ كشف ملابسات القضية قبل أسبوع

اندرو ماكاي يتحدث الى الصحافيين بعد تقديم استقالته أمس (رويترز)
TT

في تواصل لفعاليات «فضيحة نفقات» النواب البريطانيين، التي كشفتها أخيرا صحيفة الـ«ديلي تلغراف»، البريطانية، قدم النائب عن حزب المحافظين المعارض اندرو ماكاي استقالته من منصبه كمساعد برلماني لرئيس الحزب ديفيد كاميرون بسبب ما وصفه الحزب بمطالبة نفقات «غير مقبولة». فيما أصدر رئيس الوزراء غوردن براون أمرا بتجميد عضوية النائب العمالي اليوت مورلي (وزير سابق) بسبب حصوله على 16 ألف جنيه إسترليني كبدل لقرض عقاري كان سدده بالفعل. واعتذر كل من براون وكاميرون.. وماكاي بشدة للبريطانيين عما حدث.

وتعد استقالة ماكاي هي الأولى التي تأتي كنتاج لتفاعلات هذه القضية. وكان كاميرون قال إن على كل نواب حزبه أن يكونوا قادرين على تبرير مطالباتهم ببدلات الإنفاق، إثر سلسلة من الاتهامات بشأن مطالبات مبالغ فيها. ووافق عدد من كبار نواب حزب المحافظين على إعادة أموال حصلوا عليها كبدلات نفقات. وماكاي متزوج من نائبة برلمانية عن حزب المحافظين أيضا هي جولي كيركبرايد. وكان ماكاي حصل على بدل لمنزل ثان وكذلك زوجته لمنزلين منفصلين على مدى ثمان أو تسع سنوات. وقال حزب المحافظين إن النائب تقدم بإيصالات بدلاته طواعية للمسؤولين في الحزب، والتي كشفت عن «وضع غير مقبول يصعب أن يصمد أمام تمحيص الرأي العام». وقال ماكاي في تصريحات، إنه لم يكن يدرك خطأ ما فعل حتى أبلغ به، إذ إنه استند إلى نصيحة مكتب التعويضات في البداية. وبسؤاله عن رأيه في مطالبته غير المبررة، قال إنها أمر غريب، ولذلك قرر الاستقالة من منصبه. وفي تصريحات لـ«سكاي نيوز»، قال ماكاي: «تلقيت نصيحة من أبرز المسؤولين آنذاك في مكتب شؤون الأجور واقترح علي انتقاء منزلنا العائلي في شمال ورسسترشير، داخل الدائرة الانتخابية لزوجتي جولي». وأضاف: «أما منزلي الثاني الذي طلبت المال بشأنه، فيقع في ويستمنستر، بالقرب من مجلس العموم. وبالمثل، تلقت جولي مشورة تفيد بأن نذكر أن المنزل الرئيسي في لندن، وأن المنزل الإضافي في برومسغروف». وأكد أن: «كل هذا جرى في إطار من الشفافية، وحصل جميعه على الموافقة واتسم بالوضوح حتى جرى لفت انتباهي إليه، حيث لم يرد بخاطري أن الأمر يتجاوز الحد المعقول. والآن، عندما أتطلع إلى ما سبق، يبدو الأمر غريبا. والواضح أنني اقترفت خطأ في التقدير أقدم عنه اعتذاري البالغ، لكنني فعلت حينها الأمر الذي حسبت أنه صواب». ويواجه مجلس العموم (البرلمان البريطاني) يوما سابعا من الجدل بشأن بدلات نفقات النواب التي تنشرها صحيفة الـ«ديلي تلغراف» اليومية. وتعهد ماكاي برد أي مبلغ من المال تقرره لجنة التدقيق الجديدة التي شكلها حزب المحافظين. يذكر أن ماكاي صرح لصحيفة «براكنيل فورست ستاندرد» المحلية يوم الأربعاء أنه على ثقة من أنه «لا يوجد أي شيء غير معقول» في طلباته المالية. وقال: «لم يطلب مني رد أية أموال، بينما هناك آخرون تلقوا مثل هذا الطلب». واستطرد قائلا: «تفحصت جميع طلباتي المتعلقة بالنفقات على امتداد السنوات الأربع الماضية ولم أجد بها ما يلفت الانتباه. أنا على ثقة من أنه لا يوجد أي شيء غير معقول بها مطلقا». وأضاف: «العام الماضي، كنت بين الثلث الأقل من أعضاء البرلمان من حيث مطالب النفقات المالية، ولا زلت عاقد العزم على تحقيق المزيد من الترشيد بالعام المالي القادم». وباعتباره مستشارا بارزا للشؤون البرلمانية لكاميرون، وقع الاختيار على ماكاي كي يتوجه إلى ستراسبورغ العام الماضي لنقل مطالب زعيم حزب المحافظين الصارمة لضرورة تحلي الأعضاء البرلمانيين بالشفافية بشأن نفقاتهم. وعلق رئيس الوزراء غوردن براون، زعيم حزب العمال الحاكم، عضوية الوزير السابق اليوت مورلي، بعد حصوله على 16 ألف جنيه إسترليني كبدل لقرض عقاري كان سدده بالفعل. وتشير التقارير إلى أن مورلي أجر شقته اللندنية لنائب عمالي آخر طالب ببدل لإيجارها في الوقت الذي حصل مورلي على بدل سكن ثان عن الشقة نفسها. وذكرت صحف بريطانية، أمس أن معظم الأحزاب الرئيسية في بريطانيا أمرت نوابها بإعادة المصروفات الزائدة والتعهد بإنهاء أسوأ استغلال لنظام المطالبات المالية على الفور. ونشرت صحيفة الـ«ديلي تليغراف» التي فجرت القضية قبل خمسة أيام صورا لاثني عشر نائبا ونائبة وافقوا على إعادة جزء من المبالغ التي حصلوا عليها. وفي مقدمة هؤلاء كاميرون نفسه الذي وافق على إعادة مبلغ 680 جنيها إسترلينيا كان طالب بها من أجل إصلاحات في منزله.

يذكر أن لجنة مراجعة النفقات داخل حزب المحافظين، والتي تنتظر تعيين عضو آخر مستقل بها قبل الشروع في العمل، أسسها كاميرون في وقت سابق من هذا الأسبوع لتفحص الطلبات المالية «المبالغ فيها». وتعهد كاميرون بتجريد أي عضو يرفض النتائج التي تخلص إليها اللجنة ويمتنع عن رد أموال سبق وأن حصل عليها من سوط الحزب. وأعلن متحدث رسمي باسم كاميرون: «كشفت عملية تفحص البدلات السابقة التي تلقاها ماكاي عن وضع غير مقبول لن يتمكن من الصمود في مواجهة أي تفحص عام على نحو ملائم». وأضاف أنه: «على الرغم من إصرار ماكاي على أن تلك الترتيبات وافق عليها مكتب شؤون الأجور، فإنه تقدم باستقالته صباح اليوم (أمس) بحيث تصبح الاستقالة سارية على الفور. كما وفق ماكاي على المثول أمام لجنة التدقيق لمناقشة حجم أموال البدلات التي ينبغي عليه سدادها». وفي وقت لاحق، أعرب كاميرون عن اعتقاده بأن ماكاي اتخذ القرار الصائب بتنحيه عن منصبه واعترف بأن فضيحة النفقات أضرت بسمعة حزبه. وقال: «من الواضح أن جميع الأحزاب تضررت جراء هذا الأمر». واستطرد قائلا: «اتخذت جميع الأحزاب إجراءات لمحاولة تسوية هذا الأمر وقد حددت ما سيقوم حزبي بعمله». وكان ماكاي أحد المحنكين القلائل داخل الدائرة المحيطة بكاميرون، إذ شغل منصب نائب كبير حاملي السوط في حكومة جون ميجور، فضلا عنه كونه مسؤولا متمرسا في ويستمنستر.

من ناحية أخرى، عمد عدد كبير من أعضاء البرلمان إلى التحرك قبل الكشف فعليا عن نفقاتهم، حيث وافق مارك لازارويسز ـ العضو البرلماني عن حزب العمال في أدنبره نورث وليث، والذي لم يتم نشر اسمه في تحقيق الـ«تليغراف» ـ على رد الأتعاب الخاصة «بنزاع قانوني طويل الأمد» البالغة 2.675 جنيها إسترلينيا، والمتعلق بمنزله الثاني في لندن. وأعادت ليدي هيرمون ـ عضو البرلمان عن حزب «ألستر» الوحدوي في نورث داون ـ تكاليف تأجيرها لشقة في لندن البالغة 2.730 جنيها إسترلينيا. وقالت إنها تكبدت نفقات أكثر مما يجب عن شهري إيجار فيما بين 2005 ـ 2006. وألقت باللوم على مكتب الأجور حيال هذا الخطأ، والذي تقدم إليها باعتذار. ويوم الثلاثاء، وجه كاميرون أوامره إلى الأعضاء الآخرين في مجلس وزراء حكومة الظل برد بعض هذه النفقات، بمن فيهم ألان دنكان، والذي طالب بـ5.000 جنيه إسترليني لسداد فواتير تزيين حديقته، وأوليفر لتوين، الذي رد مبلغ 2.145 جنيها إسترلينيا نظير تكلفة إصلاح ماسورة ترشح المياه أسفل ملعب التنس الخاص به، وجورج أوسبورن ـ وزير الخزانة في حكومة الظل ـ الذي أعاد مبلغ 440 جنيها إسترلينيا أجر السائق الخاص الذي يصحبه من دائرته الانتخابية في تشيشير إلى لندن.

ووافق أندرو لانسلي ـ وزير الصحة في حكومة الظل ـ على رد مبلغ 2.600 جنيه إسترليني نظير بعض أعمال التجديدات في منزله، ويوم الأربعاء قدم اعتذارا لناخبيه داخل دائرته الانتخابية بساوث كامبريدج شير. وأعاد كريس هوهن ـ الناطق باسم وزارة الداخلية وعضو الحزب الديمقراطي الليبرالي ـ مبلغ 119 جنيها إسترلينيا، التي تمثل تكلفة جهاز كي للملابس، فيما أعاد نيك كليغ ـ زعيم الحزب ـ مبلغ 80.20 جنيه إسترليني نظير مكالمات دولية. وفي المجمل، أعاد أعضاء البرلمان ما يزيد على 120.000 جنيه إسترليني منذ أن بدأت صحيفة «تلغراف» تحقيقها الأسبوع الماضي.