تململ وسط الديمقراطيين الأميركيين من سياسات أوباما للأمن القومي

مجلس النواب يصوت على ميزانية إضافية لتمويل العمليات في باكستان وأفغانستان.. والشيوخ الأسبوع المقبل

TT

صوت أمس مجلس النواب الأميركي على الميزانية الإضافية التي طلبها الرئيس باراك أوباما والبالغ قدرها 96.7 مليار دولار لتمويل العمليات العسكرية، خاصة لباكستان وأفغانستان وعمليات أخرى، وتزامن ذلك مع انتقادات ـ حتى وسط الديمقراطيين ـ بشأن سياسة الرئيس الأميركي في مجال الأمن القومي، في حين سيصوت مجلس الشيوخ الأسبوع المقبل على الميزانية نفسها، بيد أن النواب الديمقراطيين تساورهم المخاوف من أن حرب أفغانستان ستتحول نحو الأسوأ، بحيث يجد أوباما نفسه في وضعية صعبة على غرار الوضعية التي وجد فيها الرئيس السابق جورج بوش نفسه بعد غزو العراق.

ويحظى أوباما حاليا بدعم لافت في الكونغرس، لم يتمتع به رئيس ديمقراطي سابق، على الرغم من أن الاتهامات التي وجهت إلى نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب حول معرفتها بتقنيات التعذيب التي استعملتها إدارة بوش ألقت بظلالها على حرية حركتها، خاصة أنها من أكبر المساندين للرئيس أوباما في الكونغرس.

وعبر بعض النواب الليبراليين في مجلس النواب عن تحفظهم على فكرة توسيع نطاق الحرب في أفغانستان، وفي هذا الصدد تقول ليون ويلسي النائبة الديمقراطية من كاليفورنيا «نفهم دواعي الرئيس أوباما لإرسال مزيد من القوات إلى أفغانستان لكن يجب أن نتوخى أقصى درجات الحذر من أن ينزلق جنودنا هناك في حرب إقليمية أو عمليات طويلة الأمد». لكن على مستوى مجلس الشيوخ، فإن التأييد أكثر وضوحا ليس وسط الديمقراطيين بل حتى على مستوى الجمهوريين، وفي هذا السياق قال السيناتور جون ماكين إن ما فعله الرئيس أوباما حول الوضع في أفغانستان هو القرار الصائب.

ويتوقع الديمقراطيون أن ترتفع تكلفة الحرب في أفغانستان في السنة المقبلة، وحذر عدد من القادة الديمقراطيين من بينهم ديفيد وبي، رئيس لجنة الاعتمادات في مجلس النواب، من عواقب إطالة أمد الحرب، وقال في هذا الصدد «سيمنح الديمقراطيون سنة واحدة إضافية للسيطرة على الوضع العسكري، وذلك قبل أن يبدأوا في التململ».

وقالت صحيفة «نيويورك تايمز» إن تصريحات وبي «تعكس الاستياء المتزايد تجاه سياسات إدارة باراك أوباما في مجال الأمن القومي، خاصة الالتزامات المفتوحة في أفغانستان وما يمكن عمله لمعتقلي غوانتانامو».

يشار إلى أن إدارة أوباما كانت طلبت مبلغ 80 مليون دولار لإغلاق معتقل غوانتانامو في 22 يناير (كانون الثاني) الماضي، وأثناء بحث الطلب في لجنة الاعتمادات قال نواب ديمقراطيون إن الإدارة لم تتقدم بخطة واضحة حول معرفة مصير 200 معتقل. وعلى صعيد مجلس الشيوخ يقول الديمقراطيون إنهم سيضمون المبلغ المطلوب لإغلاق غوانتانامو للميزانية العسكرية الإضافية، لكن مع إجراءات صارمة تمنع نقل أي معتقل إلى الأراضي الأميركية، وقبل التصرف في تلك الاعتمادات على الإدارة أن تقدم خطة مفصلة للكونغرس حول الطريقة التي ستغلق بها المعسكر. ومن جانب الجمهوريين هناك خلافات داخلية مع الديمقراطيين، وفي هذا السياق يتحدث السيناتور ميتش ماكونيل يوميا حول مخاطر إغلاق معتقل غوانتانامو.

ويتشكك الديمقراطيون أن يستطيع أوباما تحقيق إنجاز كبير في أفغانستان خلال سنة، حيث تقول إدارته إنها تريد القضاء على حركة طالبان وتنظيم القاعدة. وفي هذا الصدد يقول وبي، وهو نائب منذ عام 1969، وكان من أبرز معارضي حرب فيتنام بعد أن فشل الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون في حسمها خلال سنة كما وعد: «نحن نحترم أفغانستان وباكستان، لكنني أتشكك في أن تحقق إدارة أوباما ما تريد تحقيقه»، وأضاف «المشكلة ليست سياسة الإدارة وأهدافها، المشكلة أنني أشك في أن نتوفر على الوسائل التي تجعلنا قادرين على تطبيق أي سياسة في المنطقة» وذكر وبي بموقفه من حرب فيتنام، وقال إنه سيتبع نفس الموقف إن لم تستطع الإدارة تحقيق إنجاز خلال سنة. ويطالب مجلس النواب أن تتقدم إدارة أوباما العام المقبل بتقرير مفصل حول التقدم الذي تحقق في كل من أفغانستان وباكستان، على الرغم من أنها لم تضع علامات طريق للقوات الأميركية هناك.

وصوت أمس بعض النواب الديمقراطيين ضد اعتمادات جديدة لتمويل العمليات العسكرية في العراق وأفغانستان، وفي هذا الصدد قال أحد هؤلاء وهو النائب آلن غرايسون عن ولاية فلوريد «لا حاجة في القرن الواحد والعشرين للقيام بذلك حتى نشعر بالأمن، هذه استراتيجية كانت تصلح للقرن التاسع عشر ويتم تطبيقها الآن بتكلفة مالية مرتفعة وكذلك بتضحية مرتفعة على صعيد الأرواح في القرن الحالي وفي الوقت الخطأ وفي المكان الخطأ».

ومن جانبه قال جون مارثا من ولاية بنسلفانيا وهو رئيس لجنة الاعتمادات الدفاعية الفرعية إن إدارة الرئيس أوباما لم تتقدم بخطة واضحة تقدم تأكيدات للنواب حول العمليات في أفغانستان، وأضاف «بقينا نطالب بالخطة، وأعتقد أن الديمقراطيين يشعرون بالاستياء لأنه لا توجد خطة بعد». وأشار إلى خشية الديمقراطيين من أن تتخذ الإدارة أي خطوات لإطالة أمد الحرب في العراق، وقال إن الحملة الانتخابية كانت تركز فقط على الانسحاب من هناك. وحتى في جانب المؤيدين، هناك من يقول إنهم يريدون تحقيق تقدم في العمليات العسكرية ما وراء البحار، وقال النائب الديمقراطي توم بيريلو من ولاية فرجينيا «الفرق بين هذه الإدارة والإدارة السابقة هو الفرق بين الليل والفجر، لكننا نتطلع لنرى النهار».