مصادر فرنسية لـ «الشرق الأوسط»: نريد من أوباما خطة سلام واضحة ومنهج تحرك وأجندة زمنية

باريس: الرئيس الأميركي بحاجة لمساعدة العرب أكثر من حاجتهم لمساعدته

TT

دعت مصادر دبلوماسية فرنسية الدول العربية إلى «مساعدة» الرئيس الأميركي باراك أوباما و«تسليحه» بأوراق يمكن أن يستخدمها في مساعيه لإعادة إطلاق مسيرة السلام، إن داخل إدارته والمجموعات المؤثرة على القرار الأميركي أو في سعيه لدفع إسرائيل ليس فقط قبول مبدأ الدولتين بل لتحقيق ذلك.

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن أوباما «بحاجة لمساعدة الدول العربية بقدر حاجتها إليه إن لم يكن أكثر» من أجل تمكينه من «التغلب» على الذين يدعونه داخل الإدارة والحزب الديمقراطي «للحذر» وعدم المغامرة في الخوض في ملف معقد عمره عشرات السنوات وله نتائجه السياسية داخل أميركا وخارجها.

ويصل جيفري فيلتمان، مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط إلى باريس الأسبوع المقبل لإجراء محادثات مع المسؤولين الفرنسيين ستتركز بشكل خاص على الموضوع الفلسطيني ـ الإسرائيلي والخطط الأميركية. وسيلتقي الرئيسان أوباما والفرنسي نيكولا ساركوزي في 5 يونيو (حزيران) للاحتفال بذكرى إنزال الحلفاء في منطقة النورماندي الذي عجل بنهاية الحرب العالمية الثانية واندحار ألمانيا. وترى باريس أن واشنطن اكتفت حتى الآن بإرسال إشارات ولكنها لم تكشف عن مقاربة متكاملة لن ترى النور، وفق مصادرها، إلا مع خطاب الرئيس الأميركي في القاهرة في 4 يونيو(حزيران) المقبل، وذلك بعد سلسلة من لقاءات قمة سيعقدها مع رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو والرئيسين الفلسطيني محمود عباس والمصري حسني مبارك. وأشارت المصادر إلى أن خطاب أوباما سيكون المعيار لمعرفة ما إذا كانت إدارته تريد فعلا التنكب لوضع حد للصراع العربي ـ الاسرائيلي أم أنها ستبقى في إطار «خطاب مثالي» عن الإسلام وحوار الحضارات مما سيعني عندها أن الصراع المذكور ليس من ضمن أولوياتها في الوقت الحاضر ويتعين الانتظار لتنتهي من الملف العراقي والحرب الأفغانية والوضع في باكستان والإرهاب.

وقالت المصادر إن باريس ومعها العواصم الأوروبية والعالم العربي والإسلامي تتساءل عما إذا كانت لدى أوباما الشجاعة السياسية لتقديم «التزام حقيقي وحسي» في موضوع الشرق الأوسط يتضمن ثلاثة عناصر أساسية هي: خطة سلام، ومنهج تحرك، وأجندة زمنية محددة.

وفي موضوع الخطة، تريد باريس أن تعرف ما هي عناصر السلام كما يفهمه أوباما خصوصا في موضوع الحل النهائي والمسائل الخلافية من القدس إلى اللاجئين والحدود ووضع الدولة الفلسطينية. وفي مسألة المنهج، تريد باريس والعواصم الأوروبية من واشنطن استنباط شكل تحرك «مختلف عما عرفناه حتى الآن» بحيث يجمع العناصر الناجحة في كل من مؤتمر مدريد وكامب ديفيد ومسار أنابوليس. ومن هذا المنطلق يتعين أن ينص التصور الأميركي على الإطار الدولي والإقليمي الضروري لتوفير الضمانات المسهلة للحل «مدريد» والمفاوضات المباشرة على كل المسارات «كامب ديفيد» والتفاوض من غير تأخير على مسائل الحل النهائي «أنابوليس». أما الأجندة، فإن باريس تشدد على ضرورة ألا يطول التفاوض وأن يتم الوصول إلى الحل في فترة لا تزيد على عام ونصف العام. وفي أي حال، تصر باريس على أن يتم إطلاق الدينامية السلمية الجديدة سريعا جدا وهي تتوقع أن يعلن أوباما في خطابه المنتظر في القاهرة موعد مؤتمر السلام في موسكو. وترجح باريس أن يلتئم في يوليو (تموز)، يتبعه في سبتمبر (أيلول) مؤتمر في باريس من غير أن يعني ذلك غياب أو تأجيل المفاوضات المباشرة بين الأطراف بدعم وتدخل أميركي مباشر بما في ذلك المسارين السوري واللبناني.

وتحذر باريس من أن الوضع الفلسطيني الحالي والوضع في المنطقة يحتمان التحرك السريع، قبل بداية العام المقبل موعد انتهاء ولاية الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) وما سينتج عنه من فراغ في السلطة لا يستبعد أن تستغله حماس، وهذا من شأنه أن يفتح الباب أمام عودة العنف وربما نشوب حرب جديدة.

وتؤيد باريس ما اقترحه العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني من بادرات عربية لمواكبة خطوات السلام وحث إسرائيل على تجميد توسيع وبناء المستوطنات لتوفير أوراق إضافية للرئيس أوباما من أجل تحقيق اختراق في عملية السلام. ومن بين ما تفكر به باريس معاودة التواصل مع إسرائيل من قبل دول كانت فتحت فيها تل أبيب ممثليات تجارية وفتح جزئي للأجواء أمام الطيران الإسرائيلي وخلاف ذلك. وتنظر باريس لهذه الخطوات «المرغوب بها» على أنها جزء من المبادرة العربية وأهميتها تكمن في أنها تأتي بمبادرة من العرب وليس تلبية لمطلب خارجي. وكشفت باريس أن موضوع هذه الخطوات ناقشه الوزير برنار كوشنير وأمين عام الجامعة العربية عمرو موسى في نيويورك، في سبتمبر (أيلول) الماضي كما ناقشا الملك عبد الله الثاني مع مجموعة من وزراء الخارجية العرب في عمان قبل سفره لواشنطن. وكان الوزراء العرب رفضوا في اجتماعهم الأخير في القاهرة تعديل المبادرة العربية. وتعارض بعض الدول العربية تقديم تنازلات مجانية لإسرائيل في الوقت الحاضر خصوصا مع حكومة يمينية ترفض حتى الآن مبدأ الدولتين وتؤكد تمسكها بهضبة الجولان.

غير أن مصادر واسعة الإطلاع في باريس قالت لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة الإسرائيلية أبلغت مؤخرا عواصم غربية أنها غير منغلقة تماما في موضوع الدولتين، لكنها تريد أن يكون ذلك نهاية لمسار السلام وليس مقدمة له، متحججة بالوضع الداخلي الإسرائيلي ووزن الأحزاب اليمينية المتطرفة ومنها «إسرائيل بيتنا» الذي يرأسه وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان.