كلمة نصر الله عن تمجيد «7 مايو» تستفز خصومه وتحرج حلفاءه السنة.. ونواب بري صامتون

الحص يراه «يوما مفجعا» وكرامي «مؤلما» وميقاتي يرى أنه يستحضر أجواء التشنج والتباعد

TT

أثارت الكلمة التي ألقاها الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله أول من أمس عاصفة من ردود الفعل في لبنان، وتحديدا اعتباره يوم 7 مايو (أيار) الذي قامت فيه المعارضة بعملية عسكرية ضد الموالاة في بيروت والجبل لإسقاط قرار الحكومة الذي يرفع الشرعية عن شبكة اتصالات الحزب «يوما مجيدا للمقاومة».

وانتقد حلفاء نصر الله السنة والمحايدون خطابه، كل على طريقته، فيما أيده أعضاء تكتل «التغيير والإصلاح» الذي يرأسه العماد ميشال عون المتحالف مع «حزب الله» وهاجمه بعنف قياديو «14آذار»، وابتعد نواب كتلة رئيس مجلس النواب نبيه بري «عن السمع» مفضلين عدم التعليق.

واعتبر رئيس الوزراء سابقا سليم الحص أن «يوم 7 أيار (مايو) كان يوما أليما»، معلنا أنه لا يتفق مع نصر الله في قوله إنه كان يوما مجيدا، «فالاقتتال بين الأخوة، لا بل بين أبناء الشعب الواحد والجماعة الواحدة، أمر موجع وفاجع من حيث المنطلق، ولا ينجم عنه بطبيعة الحال، كما برهنت الأيام وكذلك السجال المدمر الذي ما زال يحتدم حول ما وقع في ذلك اليوم المشؤوم، سوى تعميق حال الانقسام الوطني وإتاحة الفرصة أمام أصحاب المآرب الخبيثة في الداخل والخارج لاستغلال الحدث للنيل من وحدة الشعب والوطن». وإذ رأى أنه «لا ريب في أن حركة المقاومة التي يقودها السيد حسن نصر الله هي حركة تاريخية مقدَّرة كل التقدير على الصعيد الوطني اللبناني وكذلك على الصعيد العربي العام، ولكن هذه الحركة المشرفة ينبغي أن تقتصر على مواجهة العدو الصهيوني والتصدي لاعتداءاته الغاشمة على لبنان أرضا وشعبا». وقال: «من حق قائد المقاومة أن يبدي وجهة نظره في المسببات، ولكن مع إبداء الأسف لما حصل، وليس بتصنيف ما وقع بالعمل المجيد. نقول هذا مع تأكيد اعتزازنا بالدور التاريخي الذي قامت المقاومة وتقوم به في مواجهة العدو الإسرائيلي (...). فلتكن المقاومة متفرغة لهذا الدور المميز حصرا، أما الساحة الداخلية، فلا حكم فيها إلا للوفاق الوطني والتفاهم الأخوي. والأمن لن يستقيم إلا في حال من الاستقرار والوئام السياسي وفي كنف ديمقراطية حقيقية». وبدوره تمنى رئيس الوزراء السابق نجيب ميقاتي لو أن نصر الله، من دون أن يسميه، لم يمجد هذا التاريخ. وقال: «في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ لبنان، نحن في أشد الحاجة إلى تمتين الوحدة الوطنية وتعزيز التضامن والابتعاد عن الكلام المتشنج. ولكننا سمعنا كلاما يستحضر من جديد أجواء التشنج والتباعد، ويفسح في المجال أمام المتضررين من وحدتنا الوطنية لمحاولة الاصطياد في الماء العكر. حبذا لو لم يعطََ المجد لتاريخ السابع من أيار (مايو) 2008، وماذا تركنا للخامس والعشرين من أيار (مايو) 2000 تاريخ الانسحاب الإسرائيلي من لبنان؟ وماذا تركنا لتاريخ هزيمة العدو الإسرائيلي في حرب تموز (يوليو) عام 2006؟ حبذا لو كان البديل موقفا يعزز التلاحم الوطني، لأننا في حاجة إلى الكلمة التي تقرب لا التي تفرق، وأن نضع نصب أعيننا المصلحة العامة وبناء الدولة القوية الحاضنة للجميع ودعمها».

أما رئيس الوزراء الأسبق عمر كرامي فاعتبر أن كلام نصر الله «رد فعل على كلام قيل على لسان رئيس كتلة المستقبل وفحواه «ما بننسى والسما زرقا». ورأى أن «مصلحة لبنان هي في التهدئة»، وجدد دعوته إلى «عدم إدخال البلد في تكرار الفعل وردات الفعل»، متمنيا أن «ينذكر يوم 7 أيار (مايو) وما ينعاد». أما نائب رئيس الحكومة عصام أبو جمرا المقرب من عون المتحالف مع حزب الله، فقد أشار إلى أن الأمين العام لحزب الله أوضح أن يوم «7 أيار» أوقف مشروع حرب أهلية في البلاد. ورأى أنه بنتيجة «7 أيار» تم اتفاق الدوحة وانتخاب رئيس للجمهورية، وأضاف: «لكل حدث سلبية وإيجابية، فلماذا نأخذ السلبية وليس الإيجابية من أحداث 7 أيار؟». وأسف وزير الاقتصاد والتجارة محمد الصفدي لوصف الأمين العام لحزب الله «الذي نقدره ونحترمه» أحداث السابع من أيار (مايو) بأنها «يوم مجيد»، واعتبره على العكس من ذلك «يوم نكسة للوحدة الوطنية في تاريخ لبنان ومستقبله وما نتج عن ذلك اليوم من انقسام يهدد الوجود اللبناني». وقال: «كنا نتمنى أن لا يحصل ما حصل ذلك اليوم، لأننا كنا نعتبر أن سلاح المقاومة موجه ضد إسرائيل، ولكن تبين أن هذا السلاح يمكن توجيهه إلى الداخل أيضا، وهذا ما غير المعطيات الداخلية والتوازن السياسي داخل البلد». وإذ أشار الصفدي إلى أنه «من الممكن أن يكون حصل خطأ في الخامس من أيار»، رأى أن «ما حصل في السابع منه كان خطأ أكبر».

ورد عضو كتلة المستقبل النيابية النائب هاشم علم الدين على كلام نصر الله، فوصفه بـ«البعيد كل البعد عن منطق الحوار، والقريب جدا إلى إعلان حالة حرب جديدة في الداخل اللبناني وعودتنا إلى 7 أيار (مايو) من نوع آخر، في وقت نسعى فيه إلى ضبط الشارع وإجراء انتخابات ديمقراطية على قياس لبنان السيادة والحرية والاستقلال». وقال: «إن كلام نصر الله في هذا الوقت بالذات، وتمجيده لاجتياح العاصمة بيروت، هما دليل قاطع على أنه قد توصل بتوقعاته الهستيرية إلى نهاية انتخابات غير سعيدة له ولحلفائه من خلال الاستطلاعات التي حصل عليها، لأن مشروع بناء الدولة والمؤسسات ومشروع سلاح الجيش اللبناني والقوى الأمنية هو الفائز الوحيد في هذه الانتخابات حتما».

ودعا النائب مصباح الأحدب، نصر الله إلى «ألا ينسى أن لبنان لم يسقط، وطرابلس وقفت في 7 أيار (مايو) عندما تحولت المقاومة إلى ميليشيا»، سائلا أعضاء لائحة «التضامن الطرابلسي» (التي تضم تيار المستقبل إلى ميقاتي والصفدي) عن موقفهم في حال تكررت أحداث 7 أيار (مايو)، و«هل سيقفون بجانب أهل طرابلس أم إنهم سيغادرون المدينة ويختفون كما فعلوا في 7 أيار الماضي». وقال: «إن ما حصل بالأمس حكما ليس يوما مجيدا، بل إنه يوم أسود، ويوم الاستعلاء والاستكبار، وهو يوم الخطيئة، إذ إنه يعيد إلى الذاكرة المرحلة السابقة التي مرت بها البلاد في العام الماضي». ورأى عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب سليم سلهب أن خطاب نصر الله تضمن رسائل واضحة لجميع الأفرقاء حول المرحلة الراهنة ومرحلة ما بعد الانتخابات ورؤيته لها، معربا عن أمله أن «لا تؤخذ هذه الرسائل بانفعالات وردات فعل عصبية». ودعا لقراءة «مضمون رسائل السيد نصر الله بكل جدية»، مشيرا إلى أن هناك مجالا للحوار البناء بعد الخطاب، معربا عن أمله في أن تكون ردات الفعل على الخطاب حوارية أكثر منها انفعالية.

وردا على سؤال عن وصف البعض للخطاب بأنه تصعيدي وناري، رأى سلهب أن نصر الله وضع النقاط على الحروف «وبالتالي، فمن الطبيعي أن يطلق بعض من لا تناسبه هذه النقاط توصيفات على نحو تصعيدي وغير ذلك». وإذ اعتبر أن ردات الفعل لا تزال انفعالية حتى اللحظة، دعا الجميع لـ«التروي ودرس الرسائل التي أطلقها السيد نصر الله للوصول إلى نقاط تلاق».

واعتبر النائب السابق جهاد الصمد المتحالف مع «حزب الله» والمرشح في قضاء الضنية في شمال لبنان ضد لائحة «تيار المستقبل»، أن كلام نصر الله «أتى ليسهم في تراكم التصعيد والتوتر في الخطاب الانتخابي ببعديه الطائفي والمذهبي، ما يجعلنا نطرح تساؤلا أساسيا: هل فعلا ستجرى انتخابات نيابية مع ازدياد حملات الشحن المذهبي والتوتير السياسي الذي يشارك فيه جميع الأطراف دون استثناء، وأين هي هيئة الإشراف على الانتخابات، وأين هي صدقية الدولة وجديتها في حماية السلم الأهلي؟». وناشد «جميع القيادات، وعلى رأسهم سماحة السيد حسن نصر الله والنائب الشيخ سعد الحريري، تحكيم العقل وروح الوفاق والوحدة، واتباع خطاب التهدئة، ولتكن بيننا كلمة سواء أساسها احترام الذاكرة الجماعية، وتأكيد المسامحة المتبادلة، ولنبني معا دولة الحق والاستقلال».