سينغ أول رئيس وزراء هندي لا ينتمي لعائلة غاندي ـ نهرو

اقتصادي معروف بأسلوبه الأكاديمي من مواليد البنجاب الباكستاني قبل التقسيم

TT

وهو يستعد لقيادة أكثر من مليار هندي للمرة الثانية، يدخل رجل الاقتصاد مان موهان سينغ، الذي اتجه للعمل السياسي، التاريخ، حيث يصبح أول رئيس وزراء لا ينتمي لعائلة غاندي- نهرو يتم انتخابه مرة أخرى بعد انتهاء ولايته التي بلغت مدتها خمسة أعوام.

ويعد أول رئيس وزراء هندي جواهر لال نهرو الشخص الوحيد الذي فعل بذلك.

وكمفكر وباحث له شأنه فإن سينغ معروف باجتهاده وأسلوبه الأكاديمي في عمله بالإضافة إلى تفتحه وعدم انطلاقه من افتراضات مسبقة. وخلال عمله كوزير للمالية أطلق سينغ برنامج إصلاح اقتصادي غير مسبوق في الهند الذي حظي بدعم قوي من رئيس الوزراء حينذاك ناراشيما راو الذي كان ينتمي لحزب المؤتمر. وعمل سينغ على القضاء على البيروقراطية وعلى تبسيط نظام الضرائب وإلغاء القيود الاخرى في محاولة لخلق مناخ ملائم لانتعاش الاقتصاد. وانتعش الاقتصاد والصناعة في الهند وتقلص التضخم واستمرت معدلات النمو مرتفعة في التسعينات. وزاد نمو الاقتصاد الهندي خلال قيادة سينغ لدفته بنسبة سبعة بالمائة سنويا. والأشخاص الذين عرفوا أو عملوا مع سينغ لأكثر من عقد يصفونه بأنه معاد للسياسيين، هادئ، يعمل بجدية ومفكر ينأى بنفسه عن الاستفادة المالية والفساد المتورط فيه العديد من السياسيين.

ولد سينغ في 26 سبتمبر (أيلول) 1932في قرية في إقليم البنغاب الباكستاني في الهند قبل التقسيم. وكشاب كان سينغ واحدا من «لاجئي التقسيم» الذين بلغت أعدادهم الملايين واضطروا إلى ترك منازلهم في ما يعرف الآن بباكستان 1947 هروبا إلى الهند من حمام الدم الذي أريق عندما وافقت بريطانيا على استقلال شبه القارة وحددت باكستان كدولة مستقلة للمسلمين.

وسينغ ليس رجلا ذا مال أو جاه أو ميراث يرتكن إليه، بل هو رجل حلو الكلام، مقتصد غير متباه، لكنه يمتاز بذكائه المتقد وحكمته الهادئة والتصميم الراسخ لخدمة بلاده.

درس سينغ رجل الاقتصاد الماهر الذي لا يزال غير متقبل لطرق الحكم في الهند في كامبريدج وأكسفورد ثم أصبح حاكما لبنك الاحتياطي الهندي.

ولأنه رجل اقتصاد في المقام الأول، عمل سينغ قبل ذلك في صندوق النقد الدولي والأمم المتحدة وتكفي نظرة سريعة إلى سجله الدراسي ومدة عمله لكي تخطف الأنفاس. لا عجب إذن في أن سيرته الذاتية تعتبر من أفضل السير الذاتية بين رؤساء الوزراء حاليا في العالم أجمع.

ونظرا لمنزلته الرفيعة في المجتمع الدولي فإنه أثناء انعقاد اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة التي شهدت حضور العديد من رؤساء العالم وبينهم الرئيس جورج بوش الذي رغم أنه كان غارقا فى الأزمة المالية فإنه اعترف برغبته بلقاء الدكتور مان موهان سينغ للتشاور حول أزمة الركود العالمي.

ولعجزهم عن إيجاد تفسير لأعمال رئيس الوزراء العظيمة وقدرته على تحقيق صفقات تبدو مستحيلة وسمعته كرجل مستقيم، فإن المعارضة كانت تظهره دائما بمظهر رئيس الوزراء الضعيف. ولكن إذا كان إثبات قوته يتطلب عملا واحدا فإن ذلك العمل هو الصفقة النووية بين الهند والولايات المتحدة التي استطاع إتمامها على الرغم من سحب أحد حلفاء الحكومة الرئيسيين «الشيوعيون» لتأييدهم.

ويعترف سينغ بأنه دخل عالم السياسة بالمصادفة أو بتدابير القدر. ولسينغ ابنتان تعمل إحداهن مدرسة وتشتغل الأخرى بالمحاماة وتذكر البنتان أن أباهما غرس فيهما اهتمامهما بالأدب.

وعلى الرغم من أنه معروف بمخافة الله، إلا أن موقفه من الدين يعد موقفا معتدلا وينعكس ذلك على عائلته، فبنتاه متزوجتان من خارج جماعته.

أصبحت صحة سينغ أخيرا محل اهتمام عقب معاناته بمشاكل قلبية. وقضى دكتور سينغ خمس سنوات في الفترة من 1991 إلى 1996 كوزير مالية في الهند وهو ما كان يمكن أن يعتبر نقطة تحول في تاريخ الهند المستقلة. وتم الاعتراف الآن بدوره في وضع سياسة شاملة للإصلاح الاقتصادي في جميع أنحاء العالم.

وبالنسبة لعمله السياسي فإن دكتور سينغ عضو الغرفة العليا داخل البرلمان الهندي (راجيا سابها) منذ عام 1991، وكان زعيم المعارضة في الفترة من 1998 إلى2004 .