السودان يتهم تشاد بغارة جوية ثالثة على دارفور.. ويعتبرها خطوة لتدخل دول كبرى

القيادة السودانية تدرس خياراتها العسكرية و«تحافظ على شعرة معاوية».. وأمين الجامعة العربية في الخرطوم

TT

تصاعد التوتر بين تشاد والسودان بعد أن اتهمت الخرطوم الحكومة التشادية بشن غارة جوية ثالثة على أراضيه في منطقة جبل سندو بغرب دارفور أمس بعد يوم من وصفها غارتي قصف جوي شنتهما تشاد بأنهما «عمل من أعمال الحرب» من دون ذكر خسائر في الأرواح من الغارات الثلاث. وأشارت إلى أن تشاد تنفذ سياسة، تعمد من خلالها دول كبرى للتدخل في الشأن السوداني. ودخلت القيادة السياسية في الخرطوم في مشاورات لاتخاذ خيارات الرد الذي لن يطول حسب تأكيد الخرطوم، على الرغم من إشارتها إلى أنها ما زالت تمارس سياسة ضبط النفس تجاه الانتهاكات التشادية والتعدي على الأراضي السودانية. واعتبر الناطق الرسمي باسم الجيش السوداني العميد محمد عثمان الأغبش في مؤتمر صحافي أمس أن ما تقوم به الحكومة التشادية استدراج لجر السودان إلى صراع تتدخل بموجبه دول أخرى أجنبية. وقال إن الجيش لم يقم بالرد لجهة أن التحركات التشادية دائما استفزازية ونوع من الاستدراج إلى حرب بين الطرفين، مشيرا إلى أن بلاده سجلت كثيرا من الخروقات التشادية وتحليق الطائرات العسكرية في الأراضي السودانية خلال الفترة الماضية، واتهم الأغبش دولا لم يسمها بالوقوف وراء الأعمال التشادية ضد البلاد.

من جهته أكد مستشار الرئيس السوداني عبد الله علي مسار حرص حكومته على تحسين العلاقات مع تشاد لأهمية ذلك بالنسبة للسودان، وقال إن حكومته ما زالت تتعامل مع تشاد بمبدأ حسن الجوار ولم ترد حتى الآن ردا غليظا على الانتهاكات حفاظا على ما وصفه «شعرة معاوية»، مشيرا إلى أن من أسباب تدهور العلاقات بين البلدين هو تعامل تشاد كمركز للوجود الغربي ضد السودان، ونفى أن يكون في أراضي بلاده أي وجود للمعارضة التشادية، أدى لتنفيذ تشاد للغارة الأخيرة لحاقا بمتمرديها في الأراضي السودانية، وأضاف أن السودان لن يسمح باستغلال حدوده لأي أعمال عسكرية.

وقال مسار إنه جاء وقت نشر المراقبين بين حدود الدولتين وتدخل وسطاء لحل المسألة، وأوضح أن السودان يسعى لعدم الدخول في صراع مع دول الجوار، موضحا أن الصراع الداخلي بتشاد من أهم أسباب تطور الأمور بين البلدين، بجانب أن معظم قادة الحركات بدارفور من الضباط التشاديين السابقين، ويتواجدون بتشاد ويستعملون مطار انجمينا وإمكانيات وزارة الدفاع التشادية ضد السودان.

وقال وزير الدفاع السوداني الفريق الركن مهندس عبد الرحيم محمد حسين، ردا على الغارات التشادية، إن السودان يحتفظ بحق الرد في الوقت وبالطريقة المناسبين، وأضاف أن الطائرات التي أغارت على بلاده فرنسية الصنع. من جهته قال وكيل وزارة الخارجية السودانية بالإنابة ومدير المراسم علي يوسف أحمد لـ«الشرق الأوسط» إن غارة جوية جديدة تعتبر الثالثة وقعت في نحو العاشرة من صباح يوم أمس (السبت) بالتوقيت المحلي، وأضاف أن هذا العدوان مستمر وأنه يجعل الموقف أكثر صعوبة، وتابع: «حتى هذه اللحظة لم ترد الحكومة السودانية عسكريا على ذلك العدوان، ولكننا مؤكد سنرد وسريعا جدا)، غير أنه قال إن هناك اتصالات تجريها بعض الدول والمنظمات من الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية تدعو السودان لضبط النفس، مشيرا إلى أن القيادة السياسية في حكومته تدرس الخيارات كافة وستتخذ قرارها للرد على العدوان.

وقال: «ظهر أن تشاد مستمرة في غيها بانتهاك السيادة السودانية ولا يمكن أن نصمت أكثر من ذلك»، معتبرا مبررات الحكومة التشادية القائلة إن المتمردين الذين هاجموا مواقعها في شرق البلاد دخلوا الأراضي السودانية، لا يعطيها الحق في الدخول إلى الأراضي السودانية. وتابع: «نحن أيضا لدينا متمردون في الأراضي التشادية، لكننا لم ندخل وراءهم هناك». من جانبه سخر وزير الإعلام التشادي والناطق الرسمي باسم الحكومة محمد حسين في تصريح لـ«الشرق الأوسط» من اتهامات الخرطوم لبلاده، لكنه شدد على أن لحكومته «كامل الحق في مطاردة من وصفهم بالمرتزقة المدفوعين من نظام البشير في الرابع من الشهر الجاري ودحرتهم قوات الحكومة في شرق تشاد»، وقال: «نستغرب من ادعاءات الحكومة السودانية بأننا قمنا باختراق مجالها الجوي وهي التي أرسلت المرتزقة قبل أيام لغزو بلادنا»، وشدد على أن لبلاده الحق في مطاردة المتمردين برا وجوا في أي مكان، من دون أن يؤكد أو ينفي صحة إغارة طائرات قوات حكومته على الأراضي السودانية، وقال إن «المجتمع الدولي أدان المتمردين الذين هاجموا بلادنا ومن يقف خلفهم وهم حكومة السودان».

وقال حسين إنه بالتأكيد اللص الذي يطلب نجدة لإنقاذه من لصوص، وتابع «إذا حدث تجاوز في المواجهات، فهو ليس إلا نتيجة الهجوم الذي نظمه السودانيون ضد تشاد باستخدامهم كمرتزقة مسلحين ومدربين وممولين وموجهين عبر القمر الاصطناعي من قبل نظام الخرطوم».

ووصل إلى الخرطوم أمس الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، والمفوض العام للاتحاد الأفريقي جون بنج لإجراء لقاءات مع المسؤولين السودانيين قد تكون لها علاقة بالتطورات بين الخرطوم وانجمينا. وكانت الخارجية السودانية قد استدعت القائم بالأعمال التشادي لديها أول من أمس وأبلغته احتجاجها الشديد، وأن السودان لن يسمح بأي انتهاك لسيادته، كما أن الأجهزة المختصة لن تقف مكتوفة الأيدي حيال الانتهاكات التي تقوم بها بلاده.