الصومال: حركة الشباب تسيطر على مدينة جوهر الإستراتيجية بعد ساعتين من القتال

تحذيرات من سقوط «الدولة المنسية» في قبضة تنظيم القاعدة.. مبعوث الجامعة: الوضع خطير

TT

نجحت حركة الشباب المجاهدين المناوئة للرئيس الانتقالي الشيخ شريف شيخ أحمد، وللوجود الأجنبي في الصومال، في إحكام سيطرتها على مدينة جوهر الإستراتيجية، التي تتحكم في الطريق بين العاصمة الصومالية مقديشو، وبقية المناطق الوسطي والجنوبية، في وقت قلل فيه الشيخ شريف، من أهمية هذا التطور، وأكد في المقابل أن قوات حكومته قادرة على استعادة المدينة، والدفاع عن مقرات ترويكا السلطة الانتقالية (الرئاسة والبرلمان والحكومة) في مقديشو.

وانتشرت قوات الشباب في محيط جوهر وداخلها بعد ساعتين فقط من القتال، الذي استخدمت فيه كافة أنواع الأسلحة الثقيلة، بينما فرت القوات الحكومية إلى خارج المدينة. وقال سكان محليون في جوهر لـ«الشرق الأوسط» هاتفيا، إن الأعلام السوداء الخاصة بالحركة يمكن مشاهدتها على كافة المباني الحكومية في المدينة، بما في ذلك مقرات قوى الأمن والإدارة المحلية. واستغل الشيخ مختار روبو (أبو منصور)، الناطق الرسمي باسم حركة الشباب، هذا الانتصار المهم لحركته ميدانيا، لكي يعلن في تصريحات له أمس بالاستمرار في القتال لإسقاط السلطة الانتقالية برئاسة الشيخ شريف، وإجبار قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي على الانسحاب من البلاد.

وحذر دبلوماسي غربي في العاصمة مقديشو، من سقوط الصومال في قبضة تنظيم القاعدة، مؤكدا أن أنصار «القاعدة» يوجدون حاليا بشكل مكثف وعلني في أنحاء مترفقة من العاصمة مقديشو. وأضاف الدبلوماسي الذي طلب عدم تعريفه، «القاعدة موجودة أساسا في جنوب البلاد في مدينة كيسمايو ناحية الحدود مع كينيا، العدد مختلف فيه، هناك فكرة أن يكون الصومال ملاذا آمنا لمجموعة من «القاعدة» يبدأون عملهم في نشر وإقامة الدولة الإسلامية في الصومال على الطراز القاعدي».

واعتبر أن هذا الأمر ممكن أن يحدث إذا لم تتحرك الحكومة الصومالية بأشكال مختلفة لمواجهة هذا التفكير. وقال: «الموقف خطير، ولم يتم أبدا مواجهته لكي يتم حسمه، وطبعا استشرى وازداد، وما زالت الفرصة قائمة، لكن في حاجة إلى المزيد من العمل المكثف، المطلوب أن يسقط الصومال، ويكون هناك نظام كحكم طالبان في أفغانستان»، وأضاف «الصومال كدولة منسية يصلح فيها إقامة هذا الشيء».

من جهته، وصف إبراهيم الشويمي، مبعوث الجامعة العربية الخاص للصومال، الوضع الراهن في مقديشو بأنه «خطير للغاية»، محذرا من اندلاع المزيد من المواجهات الدامية بين قوات الحكومة والمعارضة المناوئة لها.

وقال الشويمي، لـ«الشرق الأوسط»، في اتصال هاتفي من العاصمة مقديشو: الوضع الأمني فيه خلل شديد، كل فئة موجودة في مكان وتحافظ عليه كموقع.

وأكد الشويمي، أن سقوط الصومال في قبضة «القاعدة» من شأنه أن يهدد أمن وسلامة البلاد ووحدتها، معربا عن أمله في أن يتوقف القتال وأن يسود الحوار بين جميع الأطراف. وأضاف «الموقف الآن مرحلة عائمة، وأتصور أن تدخل رجال القبائل وعلماء الدين ممكن أن يساعد على أن لا يكون القتال عنيفا، وفقط للمحافظة على الواقع، وليس للامتداد إلى مناطق أخرى، ثمة معارك مستمرة وليست فاصلة».

وكمؤشر على تزايد خطر المتمردين الإسلاميين، الذين يسعون للإطاحة به، اضطر الشيخ شريف، أمس، إلى إلغاء زيارة كانت مقررة لمقر قوات الشرطة المحلية في العاصمة مقديشي، بعدما قصفت حركة الشباب الموقع بقذائف الهاون، مما أسفر عن سقوط عشرة أشخاص ما بين قتيل وجريح معظمهم من المدنيين العزل، وفقا لمصادر الحكومة الصومالية. وفى إطار التحضيرات التي تجرى على قدم وساق تمهيدا على ما يبدو لمعركة فاصلة وحاسمة، وفقا لتوقعات المراقبين بين الفرقاء المتناحرين في مقديشو، تواصلت حرب محاولة استقطاب قيادات عسكرية وأمنية بارزة من الطرفين، حيث انضم الشيخ يوسف محمد سياد، الشهير باسم انديهو، إلى معسكر الشيخ شريف، برفقة 12 عربة عسكرية لمناصرته، بعد ثلاثة أيام فقط على إعلان انديهو انضمامه إلى معسكر الشيخ حسن طاهر أويس، زعيم المعارضة الصومالية، وتسليمه أسلحته إليه. في تلك الأثناء يحاول زعماء محليون وممثلون لقبيلة الهوية، التي ينتمي إليها كل من أويس وشريف، الوساطة بين الطرفين لمنع اندلاع المزيد من المواجهات العسكرية في العاصمة، لكن مصادر مقربة من أويس وشريف، قالت لـ«الشرق الأوسط»، إن الهوة بين الرجلين تتسع باستمرار، وأن محاولة تقريب وجهات النظر بينهما تحتاج إلى معجزة على حد تعبيرها.

وفيما قال قياديون في حركة الشباب لـ«الشرق الأوسط» من مدينة جوهر، التي تبعد نحو تسعين كيلو مترا شمال العاصمة مقديشو، إن قوات الحركة باتت تسيطر سيطرة كاملة وفعلية على المدينة، فإن مصادر في الحكومة الصومالية أكدت أن معارك عنيفة ما زالت تجرى رحاها حاليا بين الطرفين، نافية سقوط المدينة بشكل كامل في قبضة حركة الشباب.

وبالإضافة إلى أهميتها الإستراتيجية في وسط الصومال، فإن جوهر، التي كانت تعتبر أول معقل للسلطة الانتقالية في عهد الرئيس السابق عبد الله يوسف، تحمل أهمية رمزية، كونها مسقط رأس الرئيس الصومالي شريف شيخ أحمد. وأبلغ مسؤول في حركة الشباب «الشرق الأوسط» أن الحركة بصدد تطبيق الشريعة الإسلامية في مدينة جوهر، على غرار ما تفعله في كل المناطق الخاضعة لسيطرتها حتى الآن في جنوب ووسط الصومال.

وكانت الحركة قد أعلنت في بيان منفصل لـ«الشرق الأوسط» أن معارك وصفتها بالشرسة قد اندلعت في إقليمي هيران، وجلجدود، وسط الصومال بين عناصرها وقوات تابعة للحكومة الصومالية، بعد أن هاجمت الأخيرة، معاقل الحركة في المنطقة بغرض تخفيف الضغط عن الحكومة الانتقالية والقوات الأفريقية، التي تحاصرها المعارضة في العاصمة مقديشو.