التحالف الحاكم في الهند يبدأ مشاورات لتشكيل الحكومة

4 من عائلة غاندي ــ نهرو على مقاعد البرلمان الهندي.. في معسكرين متنافسين

الصحف الهندية تحتفل أمس بفوز حزب المؤتمر الحاكم بالانتخابات العامة (أ. ب)
TT

حقا، إنه لحدث فريد! من المقرر أن يجلس أربعة من عائلة غاندي نهرو في وقت واحد على مقاعد داخل البرلمان الهندي، لكن سوف يكونون في معسكرين متنافسين، وعلى الرغم من أن رئيسة حزب المؤتمر سونيا غاندي وابنها راؤول سوف يكونان جزءا من الائتلاف الحاكم «التحالف التقدمي الموحد»، سوف تكون مانيكا غاندي، القيادية بحزب «بهاراتا جاناتا» وابنها فارون غاندي على كراسي المعارضة تبعا لمجموعة الائتلاف الديمقراطي القومي. وسونيا هي أرملة رئيس الوزراء الأسبق راجيف غاندي، ومانيكا هي أرملة سانجيا غاندي، الابن الأصغر لرئيس الوزراء الأسبق أنديرا غاندي. وستكون هذه هي المرة الأولى التي يكون فيها هناك أربعة من أفراد العائلة داخل البرلمان، على الرغم من أنهم ضمن فصيلين متنافسين. احتفل حزب المؤتمر الهندي بانتصاره الحاسم في الانتخابات العامة فيما يقوم بمهمة اختيار الحلفاء وتشكيل حكومة جديدة امس.

وعقب انتخابات جرت على مراحل لمدة شهر، فاز التحالف التقدمي المتحد بقيادة حزب المؤتمر بعدد 262 مقعدا، حصل منها حزب المؤتمر على 205 مقاعد. وحصل التحالف الديمقراطي الوطني الذي يقوده حزب بهاراتيا غاناتا المعارض على 159 مقعدا.

وفازت جبهة ثالثة مكونة من ثمانية أحزاب من بينها اليساريون بعدد 80 مقعدا، بينما حصل خليط رابع من حزبين إقليميين في شمال الهند بعدد 26 مقعدا. وفازت خمسة أحزاب صغيرة ومستقلون بعدد 14 مقعدا.

ولم تعلن بعد نتيجة مقعدين حيث هناك بعض المشاكل الفنية مع عدد قليل من ماكينات فرز الأصوات طبقا للجنة الانتخابات الهندية. ووفقا لبيانات من اللجنة الانتخابية فقد حقق ائتلاف رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ الفوز على عكس التوقعات بمنافسة شرسة، إلا أنه لم يتمكن من تحقيق الاغلبية المطلقة في البرلمان المؤلف من 543 مقعدا، حيث لم يفصله عنها سوى 12 مقعدا. وفي بلد باتت فيه التحالفات الصعبة روتينا يوميا وسياسة معرقلة، فإن حكم صناديق الاقتراع هذه المرة يعني ان حزب المؤتمر يتمتع بسلطة بناء التحالف، ولن يعتمد على بوادر حسن النوايا من احزاب إقليمية. وبإمكان ائتلاف سينغ المفاضلة بين حزبين صغيرين ومجموعة من المستقلين لتحقيق أغلبية برلمانية. ويتعين ان يشكل حزب المؤتمر الحكومة بحلول الثاني من يونيو حزيران.

وبينما يعطي تفويض قوي للاصلاحي سينغ الحرية في مواصلة الاصلاحات المحببة للسوق، فإن قادة حزب المؤتمر تحدثوا بنبرة حذرة قائلين، إنهم سيركزون بدلا من ذلك على إنعاش الطلب المحلي على خلفية الانكماش المالي العالمي.

وعقب الانتخابات العامة يدعو رئيس الجمهورية زعيم أكبر حزب أو تحالف في (لوك سابها) أو مجلس النواب الهندي، وفقا للدستور إلى تشكيل الحكومة الجديدة، لكن يجب أن يحقق أغلبية في البرلمان. ويحتاج التحالف الذي يقوده حزب المؤتمر إلى تجميع تأييد 10 نواب على الأقل لتحقيق أغلبية بسيطة، وهي 272 مقعدا في لوك سابها البالغ عدد مقاعده 545 مقعدا.

واجتمع القادة الكبار بحزب المؤتمر في العاصمة الوطنية اليوم الأحد، (أمس)، لبحث خيارات الحلفاء. ونقلت محطة تليفزيون (إن. دي. تي. في )الإخبارية عن زعيم حزب المؤتمر راجيف شوكلا قوله «نحن نقترب للغاية من الرقم السحري 272 ». وأضاف «لذا نحن لسنا في حاجة للأحزاب الكبيرة». ودعت رئيسة الحزب سونيا غاندي إلى اجتماع للجنة العمل بحزب المؤتمر في وقت لاحق أمس، لتوجه الشكر للناخبين وتضع خطة لمسار العمل. وقالت مصادر الحزب إن ذلك سوف يتبعه اجتماع لأعضاء البرلمان من الحزب والذين سينتخبون رسميا مانموهان سينغ كزعيم لهم. مما يمهد السبيل أمام الرئيسة براتيبها باتيل لدعوته لتشكيل الحكومة المقبلة.

وقال المحللون إنه مع وجود عدد قليل من الحلفاء فإن سينغ في فترته الثانية كرئيس للوزراء سوف يجد من السهل نسبيا توزيع الحقائب الوزارية. ويتوقع أن يدخل العديد من الوجوه الجديدة والشابة في مجلس الوزراء. وكان سينغ قد قال في وقت سابق إنه سيحاول مرة أخرى لإقناع راهول غاندي الذي يتولى منصب الأمين العام للحزب ونجل سونيا والرافض حتى الآن بالانضمام إلى الحكومة. ويتوقع أن راهول غاندي الذي يعتبر من بين قيادات حزب المؤتمر والعمال الذين حققوا إسهاما كبيرا في حملة الحزب سيصبح رئيسا للوزراء في المستقبل. وسينغ ثابت في منصبه حتى الآن، لكنه سيواجه شهورا قادمة صعبة. وتواجه الهند انكماشا اقتصاديا وفقدانا للوظائف بعد ثلاث سنوات متتالية من النمو بنسبة 9 % في إجمالي الدخل الوطني. والتوقعات الخاصة بالعام المالي الحالي قد قللت النسبة إلى 7 %. وقال وزير التجارة كمال ناث في مقابلة عبر الهاتف يتعين علينا توخي الحذر إزاء إصلاحات القطاع المالي. بعض رموز العالم المالي الذين كانوا يدافعون عن الإصلاحات المالية أغلقوا اعمالهم. ينبغي ان نكون حذرين هذه المرة. وعرقل الشركاء الشيوعيون السابقون لتحالف حزب المؤتمر الاصلاحات المالية مثل فتح قطاع معاشات التقاعد امام المشاركة الاجنبية ورفع سقف الاستثمارات الاجنبية في قطاع التأمين. وقال ناث، ان الحكومة ستركز على الطلب والاستثمار المحليين لإنعاش النمو في ثالث اكبر اقتصاد في آسيا، الذي تأثر بدرجة اكبر من المتوقع جراء الانكماش المالي.

وبنى حزب المؤتمر حملته الانتخابية على إنفاق قياسي على فقراء الريف، ويشمل ذلك برنامجا ضخما للوظائف العامة في الريف وبرنامجا مكلفا لإسقاط ديون المزارعين، ومن غير المرجح ان يتخلى عن مثل هذا البرامج. وتجتمع لجنة وضع السياسات التابعة لحزب المؤتمر لمناقشة ضم حلفاء محتملين وتشكيل حكومة.

ومن المتوقع أن تناقش قيادة حزب المؤتمر أيضا دورا وزاريا لراهول غاندي سليل أسرة غاندي ـ نهرو الذي ينظر اليه على أنه مهندس بزوغ نجم حزب المؤتمر من جديد خاصة في الولايات الشمالية. ورغم أن سينغ، 76 عاما، سيحتفظ بمنصبه في الوقت الحالي الا أن ينظر إلى غاندي على أنه رئيس الوزراء الهندي المحتمل في المستقبل. ويتوقع أن تضم الحكومة أيضا عددا من القيادات الشابة في حزب المؤتمر تمشيا مع حملة غاندي بمنح دور أكبر للقيادات الشابة.

ومن بين أول التحديات الكبرى التي تواجه الحكومة الالتزام بالمهلة التي وضعتها بتقديم ميزانية سنة 2009 ـ 2010 المالية بنهاية يونيو حزيران، التي تضع حدود السياسة في وقت يواجه فيه الاقتصاد تباطؤاً شديداً فقدت فيه ملايين الوظائف. ومن التحديات أيضا إيجاد موارد لتمويل برامج تنمية طموح من دون مزيد من الإضرار بالعجز في الميزانية. وستتصدر باكستان جدول أعمال الحكومة الجديدة المتعلق بالسياسة الخارجية، ومن المتوقع أن تجدد الولايات المتحدة دعواتها لنيودلهي لتخفيف التوتر مع جارتها باكستان للعمل على تحقيق الاستقرار هناك. والعلاقات مع باكستان مجمدة منذ هجوم في مومباي نفذه متشددون متمركزون في باكستان في نوفمبر تشرين الثاني الماضي.