سونيا غاندي وراء الانتصار الساحق لحزب المؤتمر في انتخابات 2009

الخجولة الإيطالية المولد دخلت مترددة معترك السياسة في التسعينات

TT

تبرز الانتخابات 2009 العامة الهندية الدور الرئيس الذي لعبته عائلة نهرو ـ غاندي في التنسيق لعودة حزب المؤتمر الذي يقود الائتلاف التقدمي الموحد إلى السلطة مرة أخرى للسنوات الخمس القادمة.

وقد لعبت الشخصية الكاريزمية لسونيا غاندي وأبناؤها بريانكا وراؤول دوراً في الانتصار الساحق لحزب المؤتمر في انتخابات 2009.

بيد أن انتصار حزب المؤتمر ما كان ليتحقق لولا الفطنة السياسية والمهارات الإدارية لسونيا غاندي رئيسة الحزب ورئيسة الائتلاف التقدمي الموحد.

وقد تغير الحال، سونيا غاندي، التي تبلغ من العمر 62 عاما، تلك الخجولة الصموتة، الإيطالية المولد التي تعرضت للكثير من الهجوم بسبب أصلها الأجنبي، التي دخلت مترددة معترك السياسة في التسعينات في أعقاب اغتيال زوجها راجيف غاندي رئيس الوزراء الأسبق. بعد وفاة راجيف غاندي، ترددت سونيا في دخول عالم السياسة، لكن الموقف المضطرب الذي كان يواجهه حزب المؤتمر بالإضافة إلى ثورة بعض الأقطاب الكبار في الحزب، دفعها إلى العودة بعد ذلك إلى الحياة العامة مبدية استعدادها لتقديم العون. وأصبحت سونيا زعيمة لحزب المؤتمر عام 1998، وهو ما أكسبها سمت عائلة غاندي مرة أخرى ـ وهو دليل على الاعتماد الكبير لحزب المؤتمر على سلالة غاندي.

تقدمت سونيا ببطء داخل أروقة السياسة الهندية المتأثرة بشكل بالغ، وبرزت كرئيس للائتلاف التقدمي الموحد الحاكم داخل البرلمان الهندي وزعيمة لكتلة حزب المؤتمر البرلمانية. وفي عام 2004 اختارتها مجلة فوربس كثالث أقوى امرأة في العالم. كما اختيرت عامي 2007 و2008 من بين أكثر 100 شخصية نفوذا في العالم. ودائما ما تستهين سونيا بأصولها الأجنبية بالقول إنها لا تحظى بشهرة في إيطاليا وأصبحت مواطنة هندية عام 1983. وقالت عن أصولها الأجنبية، ربما تكون قد استغلت ضدها من قبل البعض، لكن بالنسبة لسكان المناطق الريفية خاصة بين النساء والفقراء لم تكن تعتبر غريبة عنهم. وقالت: «لم اشعر يوما بأنهم ينظرون إليَّ على أني أجنبية، لأنني لست كذلك، فأنا هندية».

وقد فازت زوجة ابن أنديرا غاندي رئيسة وزراء الهند السابقة في الانتخابات العامة في مايو 2004 لكنها تنازلت عن منصب رئيس الوزراء لصالح مان موهان سنغ. وعلى الرغم من استخدام منتقديها لتلك الخطوة للتساؤل بشأن قدراتها، إلا أن غاندي لا تزال تحظى باحترام واسع النطاق خاصة بين ملايين الفقراء، وقد ساندت بحزم رئيس الوزراء وعملت معه عن قرب.

وقد شهدت انتخابات العام 2009 هجوم سونيا الخجولة على قادة حزب بهاراتيا جاناتا المنافس من خلال دحض الهجمات القوية التي تعرض لها الحزب ومان موهان سنغ.

وينظر إلى سونيا على أنها تخلت عن سلوكها الصامت في السابق، الذي كان غالبا ما يؤتي ثماره في التجمعات السياسية وأظهرت أسلوبا أكثر قتالية.

أما راؤول المتواضع، وريث سلالة نهرو ـ غاندي السياسية، الذي نظر إليه من قبل كسياسي متردد ولمع في وسائل الإعلام، فقد بات موضع فخر نظراً لدوره الكبير في التمهيد لانتصار حزب المؤتمر وإعادة إحياء الحزب في ولاية أوتارا باراديش الهندية بأكبر عدد من مقاعد البرلمان. ونظرا لكونه نجم الحملة الانتخابية والرجل الذي اتخذ القرارات الكبرى، فقد رسّخ أقدامه في هذه الانتخابات كقائد سياسي شرعي يمتلك أكثر من الشهرة التي منحته إياها نسبته لعائلة نهرو ـ غاندي. وتعطي انتخابات 2009 كذلك لمحة عن استعدادات البرلمان لتغيير الأجيال المحتمل. وكان راؤول ـ 38 سنة ـ بلا شك نجم الحملة الانتخابية للحزب الذي عقد 120 لقاءً جماهيرياً في إطار الانتخابات مقابل 68 لقاء قامت بها رئيسة حزب المؤتمر سونيا غاندي و21 لقاء قام بها رئيس الوزراء مان موهان سنغ. وشهد هذا العام تحولا كبيرا في شخصية راؤول، فقد أصبح الرجل خبيرا استراتيجيا محنكا وسياسيا بارعا نأى بنفسه عن ظلال أمه الحامية له، ودخل الحملة الانتخابية بلا كلل تحت وطأة شمس الصيف القاسية. وكان راؤول يخاطب من 10 إلى 15 تجمعا انتخابيا في اليوم.

وكان يظهر في الصور التي تبث عبر التلفاز خلال موسم الانتخابات، وهو يقفز من المروحية إلى حقل مترب في المناطق المنعزلة في الهند، ويبقى مع الطوائف الهندوسية صاغيا بصبر إلى الفقراء مرتديا شالوار كاميز (الزي الهندي) أبيض يبدو فيه كأحد نجوم السينما الهندية.

ولا يتعلق الأمر بكونه وسيما، ولا بكونه حسن المظهر، لكنه بلا شك يتمتع بتلك الخاصية التي يتعذر وصفها إنها تلك الكاريزما التي تميز القادة عن بقيتنا.

إن دور راؤول غاندي في تجديد مجلس النواب في أوتار باراديش بالهند ـ وهي أكبر ولاية هندية وأكثرها اكتظاظا بالسكان، وتبلغ مساحتها مساحة بريطانيا وفرنسا مجتمعتين، والتي كان يخبو داخلها نجم حزب المؤتمر ودفاعه القوي عن مان موهان سينغ كمرشح الحزب لرئاسة الوزراء ضد بهاراتيا جاناتا كان جزءا من مساهمته في انتصار الحزب.

استطاع الحزب الفوز بـ 21 مقعدا، وهو رقم يعد قياسيا خلال العقدين الماضيين.

وأخيراً وليس آخرا، فإن دور بريانكا غاندى فاديرا ابنة سونيا غاندي لا يمكن إغفاله. فعلى الرغم من أنها لم تشارك بشكل حقيقي في السياسة حتى الآن، إلا أنها عملت كمديرة الحملة الانتخابية لأمها وأخيها بحماس شديد.

وبريانكا متزوجة ولها طفلان، واستمرت في زيارة اللجان الانتخابية بانتظام في «ري» و«أميثي» حيث تتعامل مع الناس مباشرة، وهو دور يبدو أنها تستمتع بأدائه. وهي شخصية محبوبة في الدائرة الانتخابية ويلتف حولها الجمهور في كل مكان. كما أنها شهيرة لقدرتها التنظيمية الفائقة وهدوئها وقدرتها على حل المشكلات، كما أنه يعتقد بأنها مستشار أمها للشؤون السياسية.

وهناك العديد من التكهنات في الأوساط الإعلامية حول دورها المستقبلي في البرلمان.