إسلام آباد: سقوط ألف مقاتل من طالبان في الهجوم العسكري

الجيش الباكستاني يتجه إلى حرب المدن في وادي سوات * ارتفاع حصيلة اعتداء بيشاور إلى 12 قتيلا

ضابط شرطة باكستاني يستعرض طلقات رصاص ومواد تدخل في تصنيع قنابل عثر عليها في مخبأ يعود لخلية أصولية في كراتشي أمس (ا. ب)
TT

أعلن وزير الداخلية الباكستاني رحمن مالك أمس سقوط ألف مقاتل من حركة طالبان حتى الآن في الهجوم العسكري الذي يشنه الجيش منذ ثلاثة أسابيع شمال غربي البلاد. وقال مالك خلال مؤتمر صحافي في ماردان على مقربة من منطقة المعارك «سقط أكثر من ألف مقاتل بينهم قائدان ودمرت قواعدهم ومراكز التدريب التابعة لهم».

وقال لدى تفقده مخيما للنازحين الذين هربوا من المعارك في المنطقة «إن هجوم الجيش سيتواصل حتى آخر مقاتل. إنهم فارون وسيتم القضاء عليهم مهما كان الثمن». وشنت قوات الأمن الباكستانية في نهاية أبريل (نيسان) هجوما في ثلاثة أقاليم في شمال غربي البلاد هي دير السفلى وبونر وسوات لصد تقدم حركة طالبان المتحالفة مع تنظيم القاعدة، بعدما وصلت الشهر الماضي إلى مسافة مائة كلم من العاصمة إسلام آباد.

ولم يكن من الممكن التثبت من هذه الحصيلة من مصادر مستقلة إذ يتم إبقاء وسائل الإعلام والمنظمات الإنسانية بعيدا عن مناطق المعارك. ولم تعلن السلطات الحكومية عن عدد الضحايا من المدنيين. وبحسب الجيش، فقد قتل 42 جنديا في الهجوم. وتقدر المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة عدد النازحين الذين هربوا من المعارك في شمال غربي باكستان منذ الثاني من مايو (أيار) بأكثر من مليون نازح.

وحققت القوات البرية الباكستانية تقدما نحو المدن التي تسيطر عليها حركة طالبان في وادي سوات أمس، فيما جددت وكالات الإغاثة دعواتها من أجل «دعم مكثف» لمساعدة أكثر من مليون لاجئ. وقال المفوض السامي للاجئين التابع للأمم المتحدة أنتونيو جوتيرز إن الوكالة سجلت أكثر من 1.17 مليون نازح منذ 2 مايو آيار. وهم بالإضافة إلى ما يقرب من 550 ألفا آخرين هربوا من مناطق القتال في المنطقة الشمالية الغربية العام الماضي. وكانت قوات الأمن التي تدعمها المدفعية والمروحيات الهجومية والطائرات المقاتلة قد أعلنت عن «عملية واسعة النطاق» الأسبوع الماضي للتخلص من ما يصل إلى 50 ألفا من مقاتلي طالبان المتحصنين بقوة في قرى صغيرة محاطة بالغابات والبلدات المكتظة بالسكان في وادي سوات، الذي يبعد 140 كيلومترا عن إسلام آباد. ويزعم الجيش مقتل أكثر من 950 من المتمردين بينما فقد 48 جنديا فقط. ولم يتم التأكد من هذه الأرقام من مصدر مستقل. وقال مسؤول أمني اشترط عدم ذكر اسمه، إن قوات الجيش اقتربت امس من مينجورا المدينة الرئيسية بمنطقة سوات، حيث لا يزال آلاف المدنيين هناك محاصرين في ظل حظر التجول.

وفي بلدة ماتا المجاورة، تم رفع حظر التجول لعدة ساعات للسماح للسكان بالجلاء عن المنطقة المضطربة حيث تبدو المعارك في الشوارع بين الجنود والمسلحين وشيكة الوقوع. وذكرت قوات الأمن أنها حتى الآن أحجمت عن حرب المدن لتجنب الخسائر المرتبطة بها. ورغم أن الجيش نفى وقوع خسائر مدنية إلا أن العشرات يعتقد أنهم قتلوا لوقوعهم في مرمى النيران، أو بسبب القنابل التي يزرعها المتمردون على جانب الطريق. كما تردد أيضا أن مقاتلي طالبان يحاولون الهروب من منطقة القتال متخفين في شكل سكان محليين عقب حلاقة ذقونهم وقص شعرهم. ويحظى الهجوم العسكري في سوات والمناطق المرتبطة بها بونر ولور ديروشانجلا بتأييد قوي من الأحزاب السياسية والشعب، لكن قد يتغير ذلك إذا زاد عدد الوفيات في صفوف المدنيين أو عدم الاهتمام برعاية المهاجرين. وقال رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني الأسبوع الماضي إنه «سيكون من سوء الحظ إذا فزنا عسكريا، لكننا خسرنا على المستوى الشعبي»، حيث أكد «أهمية الفوز بقلوب وعقول» الناس الذين استؤصلوا من جذورهم. ودعا رئيس وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أول من أمس السبت إلى الدعم الدولي العاجل للنازحين قائلا، «هذا ليس وقت اللفتات الرمزية». وتردد أن اشتباكات ومشاجرات وقعت في المعسكرات التي أقيمت لآلاف اللاجئين بسبب الغذاء ومواد الإغاثة.

من جهة اخرى في بيشاور (باكستان) ارتفعت حصيلة الاعتداء بسيارة مفخخة امس (شمال غرب باكستان) الى 12 قتيلا، بعد وفاة احد الجرحى كما أعلنت الشرطة، فيما يواصل الجيش ضرباته في وادي سوات ضد حركة طالبان.

وانفجرت القنبلة التي كانت تزن اكثر من ثلاثين كلغ في شارع مكتظ، وخلفت 12 قتيلا بين رجال ونساء وأطفال وأكثر من ثلاثين جريحا. وصرح المسؤول في شرطة بيشاور خان عباس لوكالة الصحافة الفرنسية ان «احد الجرحى توفي ليلا في المستشفى». وأضاف «حتى الآن أحصينا 36 جريحا». وأفادت الشرطة ان الانفجار وقع لدى مرور حافلة مدرسية في حي كشكال المكتظ في بيشاور.

وقد نزح الكثير من المدنيين في الآونة الأخيرة الى بيشاور هربا من الهجوم، الذي يشنه الجيش الباكستاني على طالبان في ثلاثة اقاليم بشمال غرب باكستان، وهي دير السفلى وبونر وسوات. وأفادت الأمم المتحدة عن نزوح قرابة المليون مدني خلال ثلاثة اسابيع من العمليات العسكرية. وأمس واصل الجيش ضرباته المحددة الأهداف على مخابئ طالبان في سوات ودير السفلى بحسب مسؤولين في القوات الامنية رفضوا الكشف عن اسمائهم. وقال احد المسؤولين ان «القوات الأمنية تستهدف مخابئ مقاتلين متمردين». وقال مسؤول عسكري آخر إن «مروحيات قصفت متمردين قرب مدينة ماتا (في وادي سوات)، معقل طالبان». من جهة اخرى، ارتفعت ايضا حصيلة الضربة الصاروخية الأميركية على الأرجح على منطقة قبلية قرب الحدود مع افغانستان لتصل الى 28 قتيلا، فيما كانت بالأمس عشرة قتلى. ووقع الهجوم في قرية كيسور على بعد 30 كلم شرق ميرانشاه، أبرز مدينة في المنطقة القبلية بشمال وزيريستان المعروفة بأنها معقل لطالبان وناشطي القاعدة. وقال مسؤول في اجهزة الامن «حسب معلوماتنا المؤكدة الصادرة من المنطقة فإن 28 مقاتلا متمردا قتلوا بينهم اربعة أجانب» في إشارة إلى ناشطي القاعدة. ومنذ اغسطس (آب) 2008 أدى حوالي أربعين صاروخا أو ضربات صاروخية اطلقها الجيش الأميركي او وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي ايه) من مقرهما في افغانستان الى مقتل حوالي 400 شخص في شمال غرب باكستان من دون تجنب المدنيين في بعض الاحيان، بحسب اسلام آباد. ولا تزال اسلام آباد تحتج علنا على هذه الهجمات معتبرة انها لا تأتي بالنتيجة المطلوبة، وتنتهك سيادة أراضيها وتقوي الشعور المناهض لأميركا لدى السكان المحليين. وتعتبر واشنطن ان المناطق القبلية الباكستانية اصبحت معقلا جديدا للقاعدة وتؤوي القواعد الخلفية لعناصر طالبان الأفغان، الذين يتسللون عبر الحدود لمهاجمة القوات الدولية في افغانستان.