الصحوة: عائلات عناصر «القاعدة» تقاضينا

بغداد تسعى لتطمينهم: نسقط جميع التهم باستثناء القتل

جانب من مؤتمر حول مجالس الصحوة عقد في فندق الرشيد ببغداد أمس (إ.ب.أ)
TT

فيما تشهد محافظة ديالى توترا إثر اعتقال مسؤولين كبيرين في مجالس الصحوة عضوين في مجلس المحافظة، تسعى الحكومة العراقية الى تبديد الشكوك التي تبديها مجالس الصحوات حيالها فيما يؤكد الجيش الاميركي «التزامات» بغداد ازاء عناصر الصحوة الذين يحاربون «القاعدة» والمجموعات المتطرفة.

وعلق مجلس محافظة ديالى اعماله امس على خلفية اعتقال اثنين من اعضائه بتهمة الارهاب، وقال طالب محمد حسن رئيس مجلس محاظة ديالى من التحالف الكردستاني «ان المجلس علق اعماله اليوم (امس) على خلفية اعتقال عبد الجبار علي عضو مجلس المحافظة «من جبهة التوافق السنية، مشيرا في تصريح لـ «الشرق الاوسط» الى ان «المجلس يعلن استنكاره لاعتقال احد اعضائه وهو تحت قبة المجلس التي وصل اليها باختيار الشعب». واكد حسن ان ما حصل يعد انتهاكا صارخا للقانون والدستور فليس من حق أي جهة اعتقال أي عضو من اعضاء المجلس وهو داخل قبة المجلس التي يحميها القانون باعتبارها ممثلة للشعب وتساءل حسن عن امكانية حماية المواطنين وحقوقهم اذا كان ممثلوهم يعتقلون بهذه الطريقة. واعتقل عبد الجبار وحيد بموجب المادة الرابعة من قانون الارهاب. كما اعتقل الشيخ رياض المعجمي وهو أحد كبار زعماء الصحوة في المحافظة بموجب نفس المادة. وورد ان الاثنين نقلا الى بغداد. الى ذلك، قال محمد سلمان رئيس لجنة «متابعة وتنفيذ المصالحة الوطنية» المسؤولة عن ملف الصحوات خلال مؤتمر حضره عدد كبير من قادة الصحوات ان «السلطات لا تعتقل عناصر (الصحوات) بعد نقل ملفها الى القوات العراقية، باستثناء من يرتكب اعمال القتل». واضاف، حسب وكالة الصحافة الفرنسية، ان «الله والقانون لا يسامحان الدم، جميع التهم الموجهة نسقطها باستثناء القتل».

وقد اندلعت مواجهات في بغداد اواخر مارس (اذار) الماضي بعد اعتقال قائد صحوة منطقة الفضل عادل المشهداني بتهم القتل والابتزاز، فيما اعلن رئيس الوزراء نوري المالكي ان بعض العناصر الموالية لحزب البعث اندست في قوات الصحوة. كما اعتقلت قوات عراقية قبل اسبوعين قائد صحوة الضلوعية، شمال بغداد، الملا ناظم الجبوري اثر تقديم شكوى قضائية ضده بتهم القتل.

وشارك نحو مائتين من قادة الصحوات من انحاء العراق في المؤتمر لمناقشة عملية دمج الصحوات بالوظائف المدنية. وقد اعلن الجيش الاميركي مطلع الشهر الماضي انتهاء عملية نقل مسؤولية قوات الصحوة البالغ عدد عناصرها حوالى 94 الفا الى السلطات العراقية بشكل كامل.

بدوره، قال الميجور جنرال جي. دي. جونسن نائب قائد العمليات في قوات التحالف «اعتقد ان ابناء العراق يريدون ان يروا دليلا على ان الحكومة ملتزمة امرهم، واعتقد انهم تحققوا من ذلك حيث منحت عددا منهم وظائف في الاجهزة الامنية، والحكومة في طريقها لاعطاء وظائف للاخرين، وهي تدفع الرواتب حاليا». واضاف «هناك صعوبات تواجههم، لكننا سنواصل العمل لحل جميع العقبات وفي مطلع يوليو (تموز) المقبل سنرى ابناء العراق في بغداد ينتقلون الى وظائف مدنية في الوزارات».

ويبدي عدد كبير من قادة الصحوات تذمرا ازاء عدم تسلم رواتبهم منذ انتقال مسؤوليتهم من القوات الاميركية الى السلطات العراقية. وقال محمد السبع، احد قادة الصحوة في محافظة نينوى، كبرى مدنها الموصل، «انضممنا الى الصحوة منذ عام ونصف العام وقاتلنا الارهاب، وتمكنا من تطهير مناطقنا الواقعة على مناطق حدودية مع اقليم كردستان ولا توجد مشاكل امنية حاليا». واضاف «لكن، لم نتسلم رواتبنا منذ انتقال المسؤولية حتى الآن، بحجة عدم ورود الاسماء في قائمة الرواتب».

الى ذلك، هدد شيخ عشيرة من محافظة الديوانية، جنوب بغداد، بالانسحاب من مجلس الصحوة اذا لم يعد هناك اي اعتبار لشيوخ العشائر. وقال «لا بد للسلطات في المحافظة من ان تأخذ في الاعتبار احترام الشيوخ من خلال دفع الرواتب بصورة منتظمة». واضاف «سأترك عملي اذا لم يتم توفير الرواتب المتأخرة، لأنني لا استطيع السيطرة على المقاتلين من دون اموال».

من جهة اخرى، برزت مشاكل جديدة في بعض المناطق بينها على سبيل المثال تقديم عائلات مسلحين تابعين لـ«القاعدة» شكاوى قضائية ضد عناصر من الصحوة. وقال قائد صحوة في جنوب شرق بغداد «هناك عائلات من تنظيم القاعدة تقدمت بدعاوى ضد عناصر الصحوة، بعد مقتل ابنائهم في مواجهات». واضاف ان «السلطات القضائية تنظر في الدعاوى، مما يجعلنا امام مصير مجهول (...) لقد قتلنا مجرمين ارهابيين، اصبحوا اليوم ابرياء ونحن مطلوبون قضائيا».

وقد وافقت الحكومة العراقية على تسلم مسؤولية جميع عناصر الصحوة اعتبارا من الاول من اكتوبر (تشرين الاول) على ان ينطبق ذلك على 54 الف عنصر في محافظة بغداد في بادئ الامر. ومنذ مطلع عام 2007، يعمل الجيش الاميركي على تشكيل مجالس الصحوة او الاسناد في مناطق العرب السنة بشكل رئيسي بحيث اصبح عددها يناهز المائة والثلاثين مجلسا تابعة لبلدات ومدن ونواح في شمال وشرق وغرب بغداد.

وتساهم قوات الصحوة في مناطق العرب السنة غرب بغداد ووسط العراق وشماله في تراجع اعمال العنف بعد ان رفع عناصرها السلاح في وجه من قاتلوا في صفوفهم سابقا. ويسود الاعتقاد على نطاق واسع بأن الحكومة العراقية ذات الغالبية الشيعية لا تبدي ثقة كبيرة بقوات الصحوة.

وقد انبثقت قوات الصحوة للمرة الاولى في سبتمبر (ايلول) 2006 في محافظة الانبار حيث استطاعت خلال اشهر قليلة طرد تنظيم القاعدة والجماعات المتطرفة التي تدور في فلكه، الامر الذي شجع الجيش الاميركي على تطبيق هذه التجربة في محافظات اخرى. وكان المالكي حدد نسبة 20 في المائة فقط من مجموع قوات الصحوة للانضمام الى القوات الامنية من جيش وشرطة في حين وعد بتدبير وظائف مدنية للآخرين.