الصومال: المتمردون يؤكدون أن سقوط مقديشو بات وشيكا وإثيوبيا تنفي توغل قواتها

أكدوا هرب مسؤولين.. والحزب الإسلامي ينفي مشاركة عناصر من القاعدة في القتال

TT

في وقت أكد فيه زعماء إسلاميون متشددون، أن السلطة الانتقالية التي يتزعمها الرئيس الصومالي شيخ شريف شيخ أحمد في طريقها للانهيار والسقوط، دخلت قوات إثيوبية مدججة بالسلاح ترافقها مدرعات أمس إلى الصومال، بحسب شهود، في تحرك يبدو مرتبطا بالتقدم الأخير الذي أحرزه المتمردون الإسلاميون الصوماليون في اتجاه مقديشو. لكن حكومة أديس أبابا سارعت إلى نفي المعلومة، مؤكدة، على لسان وزير الدولة المكلف بقضايا الإعلام ارمياس ليغيس، أن «أي جندي إثيوبي» لم يدخل الأراضي الصومالية. وأفاد شهود أنهم شاهدوا صباح أمس قوات إثيوبية تنصب حواجز على الطرق في غرب البلاد قرب بلدة كالابيركا، وتحديدا عند الطريق التي تربط بلدوين (20 كلم من المنطقة المذكورة) ومقديشو (300 كلم جنوب). وقال محمد الشيخ عبدي أحد ركاب حافلة كانت متوجهة إلى بلدوين «رأيت جنودا إثيوبيين عند حواجز في كالابيركا. كان هناك عدد كبير منهم وكانت لديهم آليات مدرعة، بما فيها شاحنات ضخمة ثبتت عليها مضادات أرضية». من جهته، قال عبد الرحمن افي، وهو سائق شاحنة، إن «القوات الإثيوبية كانت تكشف على آليات في منطقة كالابيركا. كانت تسأل الركاب من أين قدموا لكنها لم تعتقل أحدا». وقال عبد النور معلم عمر، أحد وجهاء القبائل في بلدوين «أفدنا بأن إثيوبيا نشرت مئات الجنود و12 مدرعة في كالابيركا، لكننا في الوقت الحاضر لا نعرف نياتها». وسبق للإثيوبيين أن اعتبروا بلدوين خطا أحمر لا يمكن تجاوزه. وتجيء الخطوة الإثيوبية إذا صحت، بعد أربعة أشهر من انسحاب أديس أبابا من هذا البلد، حيث يشن المتمردون هجوما واسعا على الحكومة منذ السابع من مايو (أيار) الحالي.

إلى ذلك قال الدكتور أبو بكر إيمان عمر، زعيم الحزب الإسلامي المناوئ للرئيس الصومالي، إن السلطة الانتقالية في طريقها للانهيار والسقوط. وأبلغ الدكتور أبو بكر عمر «الشرق الأوسط»: «أن الأسباب والمعطيات تدل على ذلك، ومن بينها أن عددا كبيرا من مسؤولي الحكومة وأعضاء البرلمان غادروا مقر السلطة في مدينة مقديشو». وأضاف: «لما ضغطت المقاومة على الحكومة غادر وسافر كثير من البرلمانيين ورجع الموالون للحكومة من المحاكم الإسلامية وانضموا للمقاومة فلم يبق مع هذه الحكومة سوى الميليشيات فقط، لولا الدبابات التابعة للاتحاد الأفريقي لما بقيت هذه الحكومة دقيقة واحدة فقط».

ونفى زعيم الحزب الإسلامي لـ«الشرق الأوسط»، ما يشاع عن مشاركة المئات من عناصر تنظيم القاعدة في المواجهات الدامية التي وقعت مؤخرا بين المقاومة والقوات الحكومية، معتبرا أن التصنيف الغربي لـ«القاعدة» يتهم كل المسلمين بالانضمام لهذا التنظيم لمجرد أنهم يؤدون الصلاة. وأضاف: «أما إذا كانوا يتحدثون عن هذا التنظيم الموجود في تلك الجبال البعيدة عنا، فهذا كذب، لا وجود للقاعدة أو عناصرها في البلاد».

لكن مصادر صومالية وغربية قالت في المقابل لـ«الشرق الأوسط» إن سكانا محليين ومعلومات استخباراتية تحدثت عن قيام المحسوبين على تنظيم القاعدة، وبعضهم سودانيون وباكستانيون، بتوزيع أشرطة فيديو لأسامة بن لادن زعيم «القاعدة» في بعض المناطق التي باتت خاضعة لسيطرة المتمردين الإسلاميين. ورأت المصادر أن «القاعدة» تحاول استغلال الفوضى السياسية والأمنية العارمة والوضع الراهن في الصومال لإيجاد ملاذ آمن لكوادرها الملاحقة دوليا.

من جهته، قال عمدة العاصمة الصومالية الموالي للرئيس الانتقالي لـ«الشرق الأوسط» إن العاصمة لن تسقط في قبضة الإسلاميين المناوئين للرئيس، وكشف النقاب عن خطة أمنية تستهدف استعادة زمام السيطرة على كامل أنحاء العاصمة وطرد المتمردين منها. وأضاف دحتحور في اتصال هاتفي من المدينة: «على عكس ما تصوره التقارير الإعلامية المغرضة فالرئيس والحكومة والبرلمان ما زالوا في المدينة ولم يرحلوا». وقال: «في المقابل فإن الشيخ حسن طاهر أويس زعيم تحالف المعارضة وقادة حركة الشباب، خرجوا من العاصمة ويستعدون للفرار»، مشيرا إلى أن الشعب الصومالي يستعد لتطهير العاصمة من المتمردين، لكنه لم يفصح عن تفاصيل خطة أمنية قال إنها باتت قيد الإعداد لتحقيق ذلك.

وأضاف: «رأى الشعب أن المتمردين يتعاملون مع أجانب قدموا من بلدن آسيوية وأوروبية، ولذلك فالشعب هو من سيطردهم وسنستعيد السيطرة على كامل العاصمة قريبا»، وقال دحتحور: «كل العاصمة في قبضتنا ما عدا بعض الأحياء الخالية من السكان، لكن هذا لا يعني أننا نفقد السيطرة على المدينة، هذه أكاذيب ومعلومات مضللة ومحض هراء». في غضون ذلك، نفى مسؤولون إثيوبيون تقارير أشارت إلى توغل قوات إثيوبية داخل الأراضي الصومالية نقلا عن بعض سكان القرى الصومالية القريبة من الحدود مع إثيوبيا. وقال وزير الدولة الإثيوبي المكلف بقضايا الإعلام ارمياس ليغيس «لم يدخل أي جندي إثيوبي إلى الصومال. لم يطرأ أي تغيير على الوضع».

وكان وحيد بيلاي، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية، قد أكد في وقت سابق «هذه قصة مختلقة تماما، لا نعتزم الدخول لأي أراض صومالية»، ووصف التقارير التي تتحدث عن توغل إثيوبي بأنها مغلوطة وغير صحيحة، وقال «قواتنا لم تدخل إلى الصومال، قواتنا موجودة فقط على جانبنا من الحدود». بينما قال مدير دائرة الإعلام بالحكومة الإثيوبية بريكيت سايمون للصحافيين «نتابع الموقف عن كثب ولكننا نعتقد أن المشكلة محصورة داخل الصومال. وفي هذا الوقت لا يوجد أي تهديد حالي أو وشيك ضد إثيوبيا يدفعنا للتدخل. ونقلت تقارير عن شهود عيان أن نحو 12 مدرعة وعربة لنقل الجنود والعتاد قد شوهدت في مدينة كالابيركا الصومالية التي تقع على بعد 22 كيلومترا من الحدود الصومالية الإثيوبية باتجاه عاصمة إقليم هيران. ولفت إلى أن هذه القوات قد أقامت بالفعل متاريس وحواجز طرق في المكان، فيما انتشرت قوات أخرى في التلال المحيطة. يشار إلى أن القوات الإثيوبية قد دخلت الصومال وأطاحت بحكم المحاكم الإسلامية نهاية عام 2006 لكنها انسحبت من الصومال نهاية العام الماضي بعد نشر المئات من قوات الاتحاد الأفريقي في العاصمة مقديشو.