الإمارات ردا على تقرير «هيومن رايتس»: محاولات مغرضة ودعوناهم لزيارة الجزيرة ولم يحضروا

المنظمة تتحدث عن إساءات للعمال بالسعديات.. وشركة التطوير تستغرب الادعاءات

TT

عاد التوتر مجددا في علاقة منظمة «هيومان رايتس ووتش» والسلطات الإماراتية، بعد اتهامات المنظمة الأميركية للحكومة الإماراتية بـ«الاستغلال والإساءات الجسيمة» للآلاف من العمالة الوافدة في جزيرة السعديات، ومطالبة المؤسسات الدولية، مثل متحف غوغنهايم، وجامعة نيويورك، ووكالة المتاحف الفرنسية (المسؤولة عن مشروع اللوفر أبو ظبي)، التي ستبني منشآت ثقافية بالجزيرة، بالتدخل لحماية حقوق هذه العمالة.

وفيما ردت الحكومة الإماراتية بالقول إن هناك «محاولات مغرضة» من قبل المنظمة لـ«إثارة المشاكل والقضايا»، قال مسؤول رفيع في «جزيرة السعديات» لـ«الشرق الأوسط» إن المنظمة لم تستجب لدعوة السلطات إلى زيارة الجزيرة، والالتقاء مع العمالة، «إلا إذا زاروا الجزيرة دون علمنا.. فذلك ما لا نعلمه». ووفقا للتقرير الذي أصدرته أمس «هيومن رايتس ووتش» من مقرها في نيويورك تحت عنوان «جزيرة السعديات: استغلال العمال المهاجرين في جزيرة السعديات بأبوظبي»، قالت إن الآلاف من عمال البناء الآسيويين، الذين يبنون جزيرة السعديات في العاصمة أبوظبي، بتكلفة 27 مليار دولار أميركي، يواجهون «الاستغلال والإساءات الجسيمة، التي ترقى ـ في بعض الأحيان ـ إلى العمل الجبري. وتتحمل مسؤولية هذه الإساءات وكالات استقدام العمال، وشركات البناء، والقوانين القمعية».

ولا تبدو العلاقة على ما يرام بين «هيومان رايتس ووتش» وبين السلطات الإماراتية في السنوات الأخيرة، فدائما ما توجه المنظمة الدولية انتقادات عنيفة لأوضاع العمالة الوافدة، وخاصة العاملين في قطاع الإنشاءات، بينما تقول السلطات إن تقارير المنظمة غير منصفة، ولا تعبر عن الجهود التي تبذل لتحسين ظروف العمل.

واتخذت الإمارات في السنوات الخمس الأخيرة سلسلة إجراءات لتحسين ظروف عمال البناء، كان أبرزها حظر العمل تحت أشعة الشمس خلال فترة الظهيرة، فيما قال وزير العمل الإماراتي السابق علي بن عبد الله الكعبي، في وقت سابق «إن هناك حربا على بلاده، بشأن العمالة الأجنبية الرخيصة، التي تعمل في قطاع الإنشاءات».

وقال باسم تركاوي مدير العلاقات العامة والفعاليات بشركة «التطوير والاستثمار السياحي»، المسؤولة عن تطوير جزيرة السعديات، لـ«الشرق الأوسط» إن ما قامت به المنظمة الدولية من خلال تقريرها «لا يعدو كونه زوبعة إعلامية»، مضيفا «فتحنا لهم الباب لزيارة الجزيرة أكثر من مرة، لكنهم لم يستجيبوا لنا، حتى فوجئنا بالتقرير الذي يحتوي على افتراءات، أكثر منها حقائق».

واستغرب تركاوي مما ذهب إليه التقرير من مناشدة المؤسسة الدولية التي تنوي افتتاح فروع لها في الجزيرة، مشيرا إلى أن أيا منها لم يبدأ أعماله الإنشائية حتى الآن، «المناقصة الوحيدة التي طرحناها كانت لمتحف اللوفر، وسيتم إرساء المناقصة في يوليو (تموز) المقبل، فكيف يتم ترويج مثل هذه الافتراءات لمشاريع لم تبدأ أصلا؟!».

من جهتها، ردت الحكومة الإماراتية سريعا على اتهامات «هيومان رايتس ووتش» على لسان وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش، الذي عبر عن مفاجأة حكومته بما أسماه «المحاولات المغرضة التي تقوم بها منظمة «هيومن رايتس ووتش» التي تسعى إلى إثارة المشاكل والقضايا حول السياسات التي تعتمدها الدولة تجاه العمالة، في وسائل الإعلام من دون ذكر الجهود والخطوات الفعالة التي اتخذتها الدولة خلال الأعوام القليلة الماضية في هذا السياق، والتي تأتي ضمن أولويات أجندة الحكومة الاتحادية». وتسعى أبوظبي لأن تكون جزيرة السعديات مقصدا سياحيا دوليا. وسوف يقام على الجزيرة أربعة متاحف، ومركز للفنون، وكذلك مقر لفرع جامعة نيويورك. وبدأت الأعمال الإنشائية في «السعديات» في عام 2005، فيما ينتظر أن يزور الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الإمارات في السابع والعشرين من الشهر الجاري، لوضع حجر أساس متحف اللوفر في الجزيرة، على أن يتم افتتاح المتحف في عام 2013. ووفقا لشركة «التطوير والاستثمار السياحي»، فإن تقرير منظمة «هيومان رايتس ووتش» لم يقم فقط بتجاهل الإجراءات والخطوات التي قامت بها الشركة من أجل رفع مستوى المعيشة الخاصة بعمال البناء في مشاريعها فحسب، بل «تضمن مزاعم مضللة وافتراضات باطلة نتجت عن اتباع منهجية مشكوك فيها، وبحث خاطئ قامت به المنظمة». أما سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «هيومن رايتس ووتش»، فتقول «يجب أن تظهر المؤسسات الدولية (التي ستفتح مراكز لها في الجزيرة) أنها لن تتسامح مع، أو تستفيد من، الاستغلال الواضح لهؤلاء العمال المهاجرين»، مضيفة «والضمانات المبهمة الفضفاضة التي يتلقونها من شركاء التطوير هي بدائل فارغة للاتفاقات التعاقدية الثابتة القاضية بأن تنتهج مشروعاتهم أسلوبا مختلفا عن أسلوب إتمام الأعمال في أبوظبي».

وتقول منظمة «هيومان رايتس ووتش» إنها وثقت تقريرها على مقابلات مع العمال المهاجرين، ومقابلات أيضا مع مسؤولين إماراتيين وفرنسيين، ومع مسؤولين من الشركات والمؤسسات الدولية التي تتولى مشروعات في الجزيرة.

وهنا يعود باسم تركاوي للقول بأن هناك 2300 عامل يعملون حاليا في الجزيرة على إنشاء البنية التحتية، موضحا أن ظروف سكنهم ومعيشتهم لا تقل عن المعايير الدولية. وأضاف«قمنا ببناء مشروع «قرية إسكان عمال جزيرة السعديات» بتكلفة بلغت مليار درهم إماراتي (266 مليون دولار أمريكي) ، وسوف تفتح القرية أبوابها لتحتضن أول 5 آلاف عامل للسكن فيها بحلول شهر يوليو (تموز) المقبل».