أوباما يرفض مواقف نتنياهو السياسية.. ويبلغه بخطة أميركية للسلام الإقليمي قريبا

المعارضة: رئيس الوزراء أضاع فرصة ذهبية ولا يدرك بعد معنى خسارة صداقة البيت الأبيض

خيمة احتجاج فلسطينية في حي الشيخ جراح في القدس المحتلة، على قرارات محكمة اسرائيلية اخلاء منزلين في الحي بناء على دعوى من المستوطنين، امس (أ ب أ)
TT

رفض الرئيس الأميركي، باراك أوباما، الخطة السياسية لحكومة إسرائيل كما عرضها عليه رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، الليلة قبل الماضية. وأبلغه أنه يعد خطة خاصة به للسلام الإقليمي سيطرحها في القاهرة بعد حوالي الأسبوعين. واعتبرت المعارضة الإسرائيلية هذا التطور صفعة مجلجلة للمصالح الإسرائيلية. وقال روني بارأون، وزير المالية السابق في حكومة أولمرت وأحد أقطاب حزب «كديما»، إن وجود رئيس قوي ودينامي ومدعوم من الجماهير الأميركية ومن العالم مثل أوباما، هو فرصة ذهبية لكل رئيس حكومة إسرائيلي مسؤول. فمع مثل هذا الرئيس يجب الدخول في حلف سياسي متين وعرض خطة سياسية تلائمنا وتلائمه، وليس الدخول معه في سجالات ومماحكات. وأضاف أن قرار أوباما طرح خطة سلام أميركية هو ضربة للسياسة الإسرائيلية، تسجل على نتنياهو كأول فشل سياسي في هذه الدورة. وكانت أوساط مقربة من نتنياهو قد بثت أن اللقاء مع أوباما كان إيجابيا، وأنه رغم الخلافات في وجهات النظر، فإنه انتهى بانسجام تام. وأن نتنياهو وأباما أظهرا احتراما متبادلا. وأوباما أطال اللقاء أكثر من المتوقع بساعة، فبقي مع نتنياهو أربع ساعات بينها ساعة ونصف الساعة لوحدهما. وحرصوا على التأكيد أن نتنياهو لم يتنازل عن مواقفه ولم يتعرض للضغط الأميركي. بيد أن المعلقين الذين رافقوه في الزيارة قالوا إن اللقاء بينهما كان فاشلا. وقد تكون إطالة وقت الاجتماع دليلا على صعوبة التفاهم بينهما. وأن أوباما أصر على الخروج من اللقاء بتشكيل طواقم تبدأ العمل فورا وبلا أي تأجيل من أجل وضع صياغات لخطوات إسرائيلية تتلاءم ومتطلبات «خريطة الطريق». وبالفعل، باشرت هذه الطواقم عملها، أمس، ومن البداية طلب الأعضاء الأميركيون فيها موقفا إسرائيليا رسميا تتعهد فيه الحكومة بتجميد البناء في المستوطنات في الضفة الغربية وباتخاذ خطوات عملية تغير الواقع على الأرض في الضفة الغربية نحو إزالة معظم الحواجز العسكرية والتوقف عن عرقلة تنقل الفلسطينيين من بلدة إلى أخرى.

وكان نتنياهو قد رفض الفكرة القائلة بأن الاستيطان يعرقل مسيرة السلام، وقال إن إسرائيل لم تجمد البناء فحسب، بل أزالت 25 مستوطنة في قطاع غزة وشمال الضفة الغربية، وأن النتيجة كانت إغراقها في الصواريخ.

وذكرت مصادر مقربة من نتنياهو أنه رفض التعهد بمبدأ الدولتين للشعبين بشكل علني، ولكنه قال للرئيس أوباما إن اعتراضه ليس على الدولة «فمن الواضح أننا نريد العيش مع جيراننا الفلسطينيين في سلام وأمان»، ولكنه أصر على وضع شروط على الدولة الفلسطينية قبل إقامتها: «أن تعترف بإسرائيل كدولة يهودية، وتكون منزوعة السلاح وممنوعة عن إقامة تحالفات عسكرية، وتضمن عدم تهديد أمن إسرائيل وعدم التحول إلى دولة حماستان تغرق مركز إسرائيل بالصواريخ». وعرض نتنياهو على أوباما تقريرا داخليا في المخابرات الإسرائيلية يقول إن حركة «حماس» ستفوز في أي انتخابات قادمة في الضفة الغربية، وإن مسيرة السلام لا يمكن أن تستمر في حالة كهذه (رئيس جهاز المخابرات، يوفال ديسكين، عرض هذا التقرير على الحكومة الإسرائيلية في جلستها أول من أمس). وشكا نتنياهو للرئيس أوباما من أن السلطة الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس (أبو مازن)، لا تقوم بما هو مطلوب منها في عملية السلام، وقال إن «قوى الإرهاب الفلسطيني ما زالت تحاول تنفيذ عمليات في إسرائيل والمخابرات الإسرائيلية هي التي أجهضت هذه المحاولات وليس أجهزة الأمن الفلسطينية». وقال إن السلطة وزعت على السياح الأجانب والحجاج المسيحيين الذين رافقوا البابا بنديكتوس السادس عشر، في الأسبوع الماضي، خريطة للمنطقة محت فيها اسم إسرائيل. وأضاف: «عندما نطلب اعترافهم بإسرائيل دولة يهودية ننطلق من رؤيتنا للعديد من النشاطات الفلسطينية التي لا يمكن للمواطن أن يفسرها إلا على أنها لم تسلم بوجود إسرائيل». بيد أن مصادر أميركية قالت للصحافيين الإسرائيليين، إن إدارة الرئيس أوباما لا تنظر بعين الرضا للخطاب الإسرائيلي ولا ترى أن حكومة نتنياهو أدركت طبيعة الموقف الأميركي الجديد من الصراع وأنها ستمنح نتنياهو فرصة أخرى لتعديل مواقفه بما يتلاءم والطروحات الأميركية «فنحن نرى في تسوية الصراع الإسرائيلي العربي أساسا للسياسة الأميركية في الشرق الأوسط، من دونه لا يمكن خدمة مصالح شعوب المنطقة وأمنها». وحدد المراقبون الخلافات العالقة بين الطرفين على النحو التالي: في الموضوع الإيراني: اتفقا على ضرورة منع إيران من التسلح النووي، ولكن إسرائيل طلبت أن تحدد الولايات المتحدة مدة زمنية لإنهاء الجهود الدبلوماسية خلال ثلاثة شهور، وواشنطن قالت إنها لن تدير مفاوضات من دون حدود زمنية ولكنها ستنتظر حتى نهاية السنة الجارية وتجري تقويما لهذه المفاوضات إن كانت مجدية أم لا. في قضية الدولة الفلسطينية: واشنطن متمسكة بالتسوية على أساس مبدأ الدولتين، لكن نتنياهو لم يوافق ولم يرفض، بل قال إنه مستعد لاستئناف المفاوضات فورا على ثلاثة محاور أساسية، السياسي والاقتصادي والأمني لبناء السلطة الذاتية للفلسطينيين من تحت إلى فوق شرط الاعتراف بيهودية إسرائيل. في العلاقة بين الموضوعين، الإيراني والفلسطيني، ترى واشنطن أفضلية التقدم الجاد لتسوية القضية الفلسطينية كعنصر مساعد في مكافحة الخطر الإيراني، بينما يرى نتنياهو أن إزالة التهديد الإيراني يجب أن يسبق تسوية القضية الفلسطينية. الاستيطان: الولايات المتحدة تريد من إسرائيل أن تجمد البناء الاستيطاني تماما وتزيل البؤر الاستيطانية حسب متطلبات «خريطة الطريق»، ونتنياهو قال إنه مستعد لذلك في حالة قيام الفلسطينيين بتنفيذ التزاماتهم.