فضيحة المخصصات المالية تطيح برئيس البرلمان البريطاني

الأولى من نوعها منذ 300 عام.. وتضعف حظوظ براون في الانتخابات المقبلة

TT

أعلن رئيس مجلس العموم البريطاني مايكل مارتن استقالته أمس أمام البرلمان البريطاني بعد فضيحة المخصصات المالية لأعضاء البرلمان والذي يعتبر رئيس ادارة المكتب المالي للمجلس، وقال في خطاب مقتضب ان استقالته ستبدأ من يوم 21 يونيو( حزيران). وسيكون رئيس البرلمان مايكل مارتن ،63 عاما، أول رئيس برلمان في بريطانيا يقدم استقالته منذ ما يربو على 300 عام.

وتأتي استقالة رئيس البرلمان على خلفية تصاعد تكهنات بأن رئيس الوزراء غوردن براون مارس ضغطا عليه. يذكر أن مارتن الذي يشغل منصب رئيس البرلمان منذ 1999 واجه دعوات علنية من جانب زعماء الاحزاب وأعضاء البرلمان لكي يستقيل وسط اتهامات له بأنه تسامح إزاء الافراط في ممارسات استرداد النفقات ومنعه الالتزام بقدر أكبر من الشفافية.

ويبدو ان الفضيحة ألحقت الخزي بالنظام السياسي البريطاني وغذت النداءات بإجراء اصلاح جذري «لام البرلمانات» ستؤدي الى رد فعل عنيف من الناخبين ضد رئيس الوزراء غوردن براون. وأثار الكشف عن أن نوابا بالبرلمان اشتروا كل شيء من الفيلم الإباحي الى الثريا من أموال عامة غضب الناخبين وقضى على الثقة في المؤسسات الديمقراطية العريقة بالبلاد وتسبب في أسوأ أزمة سياسية تعيشها بريطانيا منذ سنوات. ودفعت الفضيحة أحد وزراء الدولة من حزب العمال الذي يتزعمه براون الى الاستقالة في انتظار انتهاء تحقيق فيما تم تعليق عضوية نائبين من حزب العمال واستقال مستشار بارز لزعيم المعارضة المحافظ ديفيد كاميرون. وكان رئيس مجلس العموم البريطاني مايكل مارتن اعلن في بيان صدر باسمه عن عميق أسفه للفضيحة التي تحيط بنفقات نواب البرلمان البريطاني وأدت هذه القضية إلى تعالي الأصوات المطالبة باستقالته بسبب دوره فيها. وقال مارتن في بيان أمام المجلس العموم إن النواب خذلوا الشعب البريطاني. ويعيب منتقدو رئيس مجلس العموم محاولاته عرقلة الكشف عن نفقات مصاريف النواب عملا بقانون حرية الإعلام.. ويُعد هذا النقد المفتوح لرئيس مجلس العموم خرقا لتقليد برلماني متواصل منذ 1695.

وتبحث الشرطة ما اذا كان عليها بدء تحقيق جنائي في اخطر الحالات، والتي نشرتها صحيفة ديلي تليغراف على مدار الايام العشرة الاخيرة، بعد أن حصلت على سجلات بمطالبات النواب بالمصروفات. وقال زعيم حزب الاحرار الديمقراطيين نيك كليغ، وهو ثالث الاحزاب الرئيسية في بريطانيا «وصلت الى الاستنتاج بأن الرئيس (رئيس مجلس العموم) يجب أن يرحل».

ويقول رئيس تحرير صحيفة «غارديان الان راسبريدغر» إن «سمعة البرلمان شوهت تماما وهناك خطر على العملية الديمقراطية نفسها وشرعية البرلمان. انها لحظة خطيرة جدا». وشعر الناخبون الذين يعانون من أسوأ كساد تشهده بريطانيا منذ الحرب العالمية الثانية بالغضب لاكتشافهم أن أعضاء بالبرلمان حصلوا على أموال عامة لتنظيف أحواض سباحة وخندق مائي ولشراء سماد لحدائق بل ان احدهم طالب بنفقات لسدادة حوض.

وتورط نواب من جميع الاحزاب الكبيرة، وتشير استطلاعات للرأي الى أنه من الممكن أن يدير الناخبون ظهورهم لهم في الانتخابات المحلية والاوروبية التي تجري في الرابع من يونيو(حزيران) وأن يتجهوا بدلا من هذا الى دعم أحزاب هامشية مثل الحزب الوطني البريطاني اليميني المتطرف او حزب استقلال المملكة المتحدة المناهض للاتحاد الاوروبي. لكن المحللين يرجحون أن يصيب حزب العمال، الذي يتزعمه براون، العقاب الأقسى.

ويقول رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان وعضو حزب العمال مايك غيبس، ان جميع الاحزاب ستتضرر بسبب هذه المسألة لكن الحكومة ستكون الاكثر تضررا. وصرح لرويترز قائلا «ستكون هناك نسبة مشاركة ضئيلة جدا (في الرابع من يونيو ـ حزيران) وسيدلي الناخبون بأصواتهم للاحزاب المتطرفة هذا ما أخشاه». ويقول أستاذ السياسة بجامعة وورويك وين غرانت ان براون سيجري تعديلا وزاريا بحكومته على الارجح بعد انتخابات يونيو (حزيران)، لكنه عبر عن اعتقاده بأن من غير المرجح أن يواجه تحديا لقيادته.

ولم يستطع خصوم براون اكتساب زخم فيما مضى وربما يفضل المنافسون المحتملون على القيادة الانتظار بدلا من قيادة حزب يرجح أن يمنى بهزيمة في العام القادم. وتمثل بريطانيا واحدة من أقدم الديمقراطيات البرلمانية، ومجلس وستمنستر (البرلمان) المطل على نهر التايمز، نموذج للبرلمانات في أنحاء العالم وترجع أصوله الى القرن الثاني عشر حين كان البارونات والاساقفة يقدمون المشورة للملك.

* المرتب السنوي لأعضاء البرلمان البريطاني يصل الى 64.766 بالاضافة الى حصولهم على مبالغ اضافية لتغطية نفقات ادارة مكتب واستخدام موظفين، والعثور على مكان للإقامة في لندن وفي دائرتهم الانتخابية والسفر بين البرلمان في لندن ودوائرهم.

* كان دافيد كاميرون قد طلب خفض عدد نواب مجلس العموم البريطاني البالغ عددهم 646 وخفض التسهيلات المالية الممنوحة لهم، وهو يحاول تحويل الضجة المثارة في الاوساط السياسية البريطانية حول نفقات الاعضاء الى تشكيك في قيادة غوردن براون رئيس الوزراء.

* تم تكوين لجنة المستويات في الحياة العامة تابعة لمجلس العموم في أعقاب فضيحة الأسئلة مقابل أموال التي ظهرت في التسعينات. حيث تبين حصول عدد من البرلمانيين على مبالغ نقدية مقابل طرحهم أسئلة تتعلق بقضية معينة.

* نشرت صحيفة الدايلي تلغراف المحافظة تفاصيل كثيرة حول استغلال اعضاء البرلمان لتلك المبالغ الاضافية، مثل شراء نائب عن حزب المحافظين لثلاثة أسرّة في 9 اشهر. وحصول نائب اخر عن حزب المحافظين على ثمن «شماعة» ملابس، واخر على نفقات تنظيف مدخنة بيته الريفي، وحصول نائب عن حزب العمال على 23 بنسا ثمن ليمونة، ومطالبة نائب عن الحزب الليبرالي الديموقراطي مقابل اشتراكه في فضائية سكاي.