علماء وساسة باكستان منقسمون حول هجمات سوات

الجيش الباكستاني يتوغل داخل بلدات تسيطر عليها طالبان

TT

بقيت الأحزاب السياسية والدينية في باكستان منقسمة فيما بينها بشأن قضية دعم العملية العسكرية التي تجري في سوات خلال مؤتمر كل الأحزاب الذي عقده رئيس الوزراء يوسف رضا جيلاني امس. انتقد حزبان دينيان هما الجماعة الإسلامية وجماعة علماء الإسلام وحزب سياسي علماني «تحريك إنصاف» (حزب العدالة) الذي يتزعمه أسطورة الكريكت السابق عمران خان الحكومة بشدة بسبب العملية العسكرية التي دشنتها في وادي سوات دون استنفاد كافة الخيارات السياسية المطروحة. وخلال المؤتمر، اقترح رئيس الوزراء مشروع قرار يدعو للتصديق على العملية العسكرية في سوات. ولكن، اضطرت الحكومة لإعادة صياغة مشروع القرار على ضوء الموقف الواضح الذي تبنته بعض القيادات الدينية والسياسية، حيث أشاروا إلى أنهم لا يمكنهم دعم العملية العسكرية. وبعد ذلك تبنى المؤتمر قرارا بالإجماع، ولكن حذفت الفقرة المرتبطة بدعم العملية العسكرية من مشروع القرار. وفيما بعد، قال وزير الإعلام الباكستاني قمر الزمان خيري بطريق الخطأ خلال مؤتمر صحافي إن كافة الأحزاب السياسية تدعم بصورة واضحة العملية العسكرية الجارية ضد المسلحين في وادي سوات. ودفع ذلك الكثير من القيادات الدينية والسياسية، ومن بينها رئيس جماعة علماء الإسلام مولانا فضل الرحمن ونائب رئيس الجماعة الإسلامية، للإشارة إلى أنهم يعارضون العملية العسكرية في وادي سوات. وقال مولانا فضل الرحمن: «لا يوجد ذكر للعملية العسكرية في سوات في القرار الذي قرره مؤتمر كل الأحزاب، ونحن دعمنا القرار الذي لا يوجد فيه ذكر للعملية العسكرية». وقال نائب رئيس الجماعة الإسلامية إن الحزب أعرب عن رفضه للعملية العسكرية في سوات خلال مشاركته النقاش خلال المؤتمر. وبعيدا عن هذه الأحزاب الثلاثة، فإن الأحزاب السياسية الكبرى مثل حزب الرابطة الإسلامية (نواز شريف) وحزب الرابطة الإسلامية الموالي لبرويز مشرف وحزب «عوامي الوطني» تدعم العملية العسكرية في سوات. وفي هذه الأثناء، وجّه جيلاني خطابا لتجمع كبير من علماء الدين في إسلام أباد امس وسعى للحصول على دعمهم من أجل إلحاق الهزيمة بالتطرف والعمل المسلح في سوات. وقال رئيس الوزراء: «يلعب علماء الدين دورا هاما في تشكيل باكستان، ومن جديد فإن هذا هو الوقت كي نقف متحدين لحماية البلاد أمام كافة التحديات».

الى ذلك توغل جنود باكستانيون في مناطق مأهولة بوادي سوات معقل حركة طالبان امس بينما ارتفع عدد المدنيين المشردين الفارين من مناطق الحرب إلى أكثر من مليونين. وقاتلت وحدات المشاة المتشددين في بلدتي ماتا وكانجو في الوادي الذي كان مقصدا للسائحين في السابق والذي يقع على بعد نحو 140 كيلومترا شمال غرب العاصمة إسلام آباد. وعززت القوات أيضا مواقعها في وادي بوشار وهو واد جانبي كان معقلا رئيسيا لطالبان وتوجد فيه العديد من منشآت التدريب للمجندين من المتشددين. وذكر الجيش في بيان «خلال الساعات الاربع والعشرين الماضية قتل 16 إرهابيا بينما استشهد ضابط (عسكري) وثلاثة جنود». وتردد أن 16 جنديا آخرين من بينهم ضابط أصيبوا بجروح. واندلعت اشتباكات جديدة بالقرب من بلدة مينجورا الرئيسية في وادي سوات حيث تقترب قوات الامن من البدء في قتال شوارع ضد المتمردين المتحصنين.

وفر معظم سكان مينجورا من البلدة خلال فترات توقف حظر التجول مؤخرا، ولكن يعتقد أن الآلاف ما زالوا موجودين في منازلهم. وكانت قوات الامن الباكستانية قد شنت عملية واسعة النطاق ضد مقاتلي طالبان في وادي سوات في الثامن من مايو (أيار) الجاري لكن اشتباكات دموية بدأت حتى في وقت سابق من أواخر أبريل (نيسان) الماضي في منطقة لوير دير وبونير التي تسلل إليها المتشددون في انتهاك لاتفاق سلام. وتحدد أرقام رسمية عدد القتلى بأكثر من ألف من المتشددين، ولكن لا توجد وسيلة للتحقق من حصيلة القتلى من مصدر مستقل. وقتل أيضا 55 شخصا على الاقل من قوات الامن.