أزمة بين شريكَي الحكم في السودان بسبب قانون جديد للصحافة

انسحاب 150 نائبا عند طرح القانون في البرلمان.. وتظاهرات للصحافيين ضده

TT

انفجرت خلافات شديدة بين شريكي الحكم في السودان، «المؤتمر الوطني» بزعامة الرئيس عمر البشير، و«الحركة الشعبية» التي يتزعمها نائب الرئيس سلفا كير، حول مشروع لقانون جديد للصحافة داخل البرلمان. وانسحب قرابة 150 نائبا من نواب «الحركة الشعبية»، والتجمع المعارض، وكتلة سلام دارفور، من جلسة للبرلمان خُصصت أمس لناقشة المشروع، احتجاجا على ما أسموه «رفض رئيس البرلمان لطلب من المعارضين للقانون بإرجاء مناقشة مشروع القانون إلى يوم الاثنين المقبل، لإتاحة الفرصة للنواب لدراسته والتوصل إلى إجماع وطني حوله».

وتظاهر صحافيون مناهضون للقانون الجديد أمام مبنى البرلمان، رددوا هتافات ضد المشروع، وطالبوا النواب بضرورة «التصدي له» باعتباره قانونا «حرم الصحافة من أداء دورها». وتواصلت الجلسة بعد إيداع مشروع القانون، ليتم إجازته في مرحلة السمات العامة بـ«الإجماع» من قِبل النواب الحاضرين. ووصفت كتلة حزب «المؤتمر الوطني» خطوة الانسحاب من البرلمان بأنها «غير مبررة».

واعترض رئيس كتلة نواب الحركة الشعبية ياسر عرمان في بداية الجلسة على إيداع القانون، وتجاهل رئيس البرلمان طلب الحركة الشعبية تأجيل إيداع المشروع إلى يوم الاثنين. وأعلن انسحاب كتلة الحركة الشعبية من الجلسة. وفي ذات السياق أعلن حسن أبو سبيب رئيس كتلة التجمع في البرلمان عن انسحاب نواب التجمع من الجلسة بسبب «تجاهل رئيس البرلمان لمشروع لقانون الصحافة» مقدم من جانبهم.

وقالت المجموعات المنسحبة من الجلسة في مؤتمر صحافي عقدته داخل البرلمان، إن مشروع القانون المودع للنقاش غير دستوري ومخالف لاتفاق السلام السوداني، وضد التحول الديمقراطي في البلاد. وحمّل عرمان رئيس البرلمان أحمد إبراهيم الطاهر مسؤولية ما يحدث، وشن هجوما عنيفا عليه في هذا الخصوص، وكشف عرمان في مؤتمر صحافي أن الحركة الشعبية طلبت تأجيل مناقشة مشروع القانون لمزيد من الإجماع الوطني عليه، لكن رئيس البرلمان رفض الطلب موضحا: «لذلك انسحبنا من الجلسة»، وأضاف: «طلبنا من الدكتور غازي صلاح الدين رئيس كتلة حزب (المؤتمر الوطني) في البرلمان تأجيل القانون لذات السبب، ووعد بأن يتم التشاور حول الأمر، ولكن رئيس البرلمان رفض». ومضى يقول: «نحن نسعى أن يكون القانون الجديد ديمقراطيا وقانونا صديقا للصحافة، خصوصا ونحن مقبلون على الانتخابات العامة في البلاد، وفي وقت تعاني فيه الصحافة من رقابة قاسية».

من جانبه، اعتبر الدكتور غازي صلاح الدين العتباني في البرلمان انسحاب الحركة والقوى الأخرى عن الجلسة غير مبرر، وقال إن «نواب الحركة الشعبية طلبوا منه، كرئيس لكتلة نواب حزب المؤتمر الوطني، تأجيل المشروع». وأضاف: «سألتهم عما إذا كانوا يعترضون على السمات العامة للمشروع فقالوا لا، وعليه قلت لهم: لا داعي للتأجيل». وقال إن المشروع يجري حول مشاورات بين القوى السياسية الممثلة في البرلمان، واستهجن العتباني خطوة الانسحاب قائلا: «البرلمان ليس مكانا للتكتيكات السياسية، ولكنه مكان للجدل»، وقال إنه لا يرى مانعا من أن يستمر النقاش حول المشروع لوقت طويل، ونوه إلى أن حزبه لديه مقترحات حول المشروع سيطرح في الفترة المقبلة من داخل البرلمان.

وتظاهرت مجموعة من الصحافيين المناهضين للقانون الجديد، ورددوا هتافات ضده. وطالبوا من خلال شعاراتهم أعضاء البرلمان بضرورة رفض المشروع باعتباره «يحرم الصحافة من أن تمارس دورها». وقال المتظاهرون في بيان وزعوه إن القانون الجديد ينتهك حق الصحافي في الحصول على معلومات، ويُعتبر «تراجعا سيئا في مضمار حرية التعبير حتى عن هامش الحرية الصغير الذي أتاحه القانون السابق للصحافة». ولم تعترض الشرطة سبيل المتظاهرين. وينص القانون الجديد على عقوبات على الصحافي كشخص لا كمؤسسة، في حال حدوث تجاوزات، وتصل الغرامة في بعض الأحيان إلى 50 مليون جنيه سوداني (تعادل 25 مليون دولار)، وتصل العقوبة إلى مرحلة إلغاء الصحيفة، والوقف عن الصدور لسبعة أيام، ويعتبر المعارضون للقانون أن النصوص التي تتحدث عن حقوق الصحافيين جاءت فضفاضة، وغير محددة وملزمة للجهات الأخرى.