طهران تطلق صاروخا جديدا.. ووزير خارجية إيطاليا يلغي زيارته إلى إيران

البنتاغون: إيران عند مفترق طرق * فرنسا تريد التحاور مع طهران لكن لا زيارة مرتقبة لكوشنير

صورة بثها التلفزيون الإيراني تظهر اطلاق الصاروخ أمس (ا.ف.ب)
TT

ألغى وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني زيارته المقررة إلى إيران أمس واليوم، مشيرا إلى خلاف مع طهران حول مكان اللقاء مع الرئيس محمود احمدي نجاد، كما أعلنت الخارجية الايطالية. وأفادت الوزارة في بيان نشر بعد الظهر، في حين كان يفترض أن تقلع طائرة فراتيني باتجاه طهران ظهرا، أن «زيارة وزير الخارجية فرانكو فراتيني إلى إيران لن تحصل بسبب فرض إيران طلب عقد اللقاء البروتوكولي مع الرئيس الإيراني في مكان خارج العاصمة وهو سمنان» شرق البلاد، المدينة التي أعلن منها الرئيس الإيراني أمس إطلاق صاروخ جديد متوسط المدى يصل إلى إسرائيل والقواعد الأميركية في الشرق الأوسط. وأضاف بيان الخارجية الايطالية أن «وزير الخارجية رفض هذا الطلب الذي وصل صباحا وأعرب عن أسفه العميق لهدر هذه الفرصة لتعميق مشاركة إيران في استقرار أفغانستان وباكستان ودراسة ترتيبات تلك المساهمة». وخلص البيان إلى القول إن وزير الخارجية الايطالية «أبلغ بالتالي السلطات الإيرانية باستحالة القيام بزيارة اليوم لمناقشة موضوع أفغانستان وإيران».

وكانت الوزارة أعلنت يوم الثلاثاء أن فراتيني سيجري لقاءات مع نظيره الإيراني منوشهر متقى من دون أن تشير إلى لقاء مع الرئيس احمدي نجاد. وبحسب الوزارة فقد كان مقررا أن يبحث فراتيني في طهران سبل إرساء الاستقرار في كل من أفغانستان وباكستان فضلا عن الملف النووي الإيراني والوضع في الشرق الأوسط. وتستضيف ايطاليا، التي تترأس هذا العام مجموعة الدول الثماني الصناعية الكبرى، اجتماعا لوزراء خارجية المجموعة في نهاية يونيو (حزيران) في ترييستي (شمال شرق). وسيناقش هذا الاجتماع الوضع في أفغانستان وباكستان. ودعيت إيران إلى المشاركة فيه.

ووسط انتقادات دولية، أعلن الرئيس الإيراني أن بلاده أجرت اختبارا جديدا لصاروخ «سجيل» المتوسط المدى، مما دفع إسرائيل إلى التحذير من أن على أوروبا أن تقلق من البرنامج البالستي للجمهورية الإيرانية. وأعلن احمدي نجاد في مدينة سمنان الشمالية، مسقط رأسه، تجربة الصاروخ الجديد، وذلك وسط مساع أميركية وغربية لإقناع إيران بعدم التصعيد فيما يتعلق ببرنامجها النووي أو الصاروخي. وقال احمدي نجاد أمس «أبلغني وزير الدفاع (مصطفى محمد النجار) اليوم أننا أطلقنا صاروخا من طراز (سجيل 2) يتألف من قسمين وقد بلغ هدفه المحدد». وأضاف «تم إطلاق الصاروخ من هنا في سمنان». وتابع احمدي نجاد «أبلغت أن الصاروخ يستطيع الارتفاع فوق الغلاف الجوي ثم يدخله مجددا ليصيب هدفه. انه يعمل على الوقود الصلب».

من جهتها، اعتبرت إسرائيل أن الاختبار الصاروخي الجديد لإيران ينبغي أن يقلق الدول الأوروبية. وصرح نائب وزير الخارجية الإسرائيلي داني ايالون للإذاعة العامة الإسرائيلية: «على المستوى الاستراتيجي، لا يغير هذا الصاروخ الجديد شيئا بالنسبة إلينا لأن الإيرانيين سبق أن اختبروا صاروخا يبلغ مداه 1500 كلم، لكن هذا الأمر يفترض أن يثير قلق الأوروبيين». وأضاف «يحاول الإيرانيون أيضا تطوير صاروخ بالستي يبلغ مداه عشرة آلاف كلم يمكن أن يصل إلى الساحل الشرقي للولايات المتحدة». وأعلنت إيران في 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الفائت أنها أجرت اختبارا لصاروخ أرض أرض من طراز «سجيل» ينتمي إلى «الجيل الجديد» ويناهز مداه ألفي كلم، من دون أن تدلي بتفاصيل عن التقدم الذي أحرزته على هذا الصعيد.

ويومها، أوضح وزير الدفاع أن صاروخ «سجيل» «يتألف من قسمين وله محركان، ويعمل على وقود صلب مختلط ويتمتع بقدرات استثنائية وكبيرة جدا».

وأضاف المسؤول الإسرائيلي أن الصاروخ الجديد «يناهز مداه ألفي كلم»، وهو ما يكفي للوصول إلى إسرائيل. وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن التكنولوجيا الصاروخية لدى إيران وبرنامجها النووي المثير للجدل يشكلان تهديدا للدولة العبرية هو الأكبر منذ قيامها عام 1948. في المقابل، تشدد طهران على أن برنامجها ينطوي على أهداف سلمية بحتة. وأصدر مجلس الأمن الدولي خمسة قرارات تتضمن ثلاثة منها عقوبات بحق إيران، مطالبا إياها بتعليق برنامجها لتخصيب اليورانيوم. لكن احمدي نجاد أكد أمس عزم بلاده على مواصلة برنامجها النووي ولو فرضت عليها عقوبات دولية جديدة.

وقال في مدينة سمنان أيضا إن القوى الغربية «قالت إذا لم تتوقفوا فسوف نصدر قرارات» في مجلس الأمن الدولي، مضيفا «ظنوا أننا سنتراجع، لكن ذلك لن يحصل».

وأضاف «قلت لهم إن في وسعهم إقرار مائة عقوبة، فإن ذلك لن يغير» سياسة إيران.

وعرضت مجموعة الدول الست المؤلفة من الأعضاء الدائمين الخمسة في مجلس الأمن (الصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا) وألمانيا على إيران مؤخرا استئناف المحادثات من أجل التوصل إلى الالتزام بالقرارات الدولية لقاء عرض تعاون.

وقال الرئيس الأميركي باراك أوباما الاثنين إنه يمهل نفسه حتى نهاية السنة للحكم على نية طهران خوض مفاوضات جدية حول برنامجها النووي. ولم يستبعد في حال لم ينجح ذلك اعتماد إجراءات أميركية جديدة بحق إيران وإصدار «عقوبات دولية أشد بكثير».

وفي واشنطن أكد مسؤول أميركي أن إيران أطلقت على ما يبدو «بنجاح» صاروخا متوسط المدى. وقال هذا المسؤول رافضا كشف هويته لوكالة الأنباء الفرنسية: «بحسب المعلومات الأولية، تم (إطلاق الصاروخ) بنجاح». وأضاف: «ثمة أسباب للاعتقاد أن الأمر يتصل بصاروخ بالستي متوسط المدى». من جهته، رفض متحدث باسم البنتاغون تأكيد إطلاق الصاروخ، مذكرا بقلق واشنطن حيال البرنامج النووي الإيراني. وقال براين ويتمان: «لا نزال نراهم يطورون صواريخ بالستية»، و«أعربنا على الدوام عن قلقنا حيال الجهود الإيرانية في موضوع الصواريخ». وأضاف أن «إيران عند مفترق طرق: إما أن يواصلوا زعزعة استقرار المنطقة، وإما أن يقرروا إقامة علاقات أكثر طبيعية مع دول المنطقة والولايات المتحدة».

وفي باريس، أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية أمس، أن باريس تعتزم مواصلة الحوار مع إيران حول المسائل الإقليمية مثل أفغانستان، لكنه من غير المقرر في الوقت الحاضر أن يقوم الوزير برنار كوشنير بزيارة إلى طهران. وقال المتحدث باسم الخارجية اريك شوفالييه للصحافيين إن «فرنسا تجري حوارا (مع إيران) حول المسائل الإقليمية، يندرج في سياقه، على سبيل المثال، حضور الوزير الإيراني منوشهر متقي المؤتمر حول مستقبل أفغانستان الذي عقد في يونيو (حزيران) 2008 في فرنسا والدعوة التي وجهت له لزيارة فرنسا في ديسمبر (كانون الأول) الماضي من أجل الهدف ذاته». وتابع أنه «على صعيد (البرنامج) النووي أيضا، لم تكن ذهنية نهجنا تقضي بتعليق الاتصالات على الرغم من مخاوفنا الكبرى».

وفرنسا من أعضاء مجموعة الدول الست التي تسعى لتسوية مع إيران حول ملفها النووي، وقال المتحدث بهذا الصدد إن «فريق (الممثل الأعلى لسياسة الاتحاد الأوروبي الخارجية) خافيير سولانا على اتصال مع فريق المفاوض الإيراني لعقد لقاء جديد» بهذا الصدد. لكنه أكد في المقابل أنه «ليس من المقرر أن يقوم (كوشنير) بزيارة إلى إيران».