إيران: 4 مرشحين يخوضون انتخابات الرئاسة.. والمناظرات التلفزيونية الأسبوع المقبل

الرئيس الإيراني في مسقط رأسه يتسلم رسائل مساعدات وطلبات عمل

TT

بعد ترشح ما يقرب من 480 شخصا لانتخابات الرئاسة الإيرانية، سيصوت الإيرانيون للاختيار من بين 4 مرشحين فقط، مرشحان منهم محافظان وآخران إصلاحيان، وهم بحسب ما أعلن مجلس صيانة الدستور في إيران أمس: الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، ومحسن رضائي الرئيس السابق للحرس الثوري، وكلاهما محسوب على المحافظين. ومير حسين موسوي رئيس الوزراء السابق، ومهدي كروبي رئيس البرلمان خلال ولاية الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي، وكلاهما محسوب على الإصلاحيين. ولم يصادق مجلس صيانة الدستور المؤلف من 12 عضوا (ستة رجال دين ولجنة تحكيم من ستة أعضاء يعينهم رئيس السلطة القضائية) إلا على هذه الترشيحات الأربعة من أصل 475 ترشيحا بينها 42 ترشيحا نسائيا.

وأعلن وزير الداخلية صادق محصولي أنه باستطاعة المرشحين إطلاق حملاتهم ابتداء من هذا اليوم، «شرط أن تتوقف قبل 24 ساعة من يوم الانتخاب». وكان المجلس قد صادق على ترشح ثمانية أشخاص في انتخابات 2005 من أصل 1014، لكن المعركة استمرت بسبعة مرشحين وفاز فيها أحمدي نجاد. وأكد محصولي أنه يستحيل حصول مخالفات في الانتخابات وأنه تم تطوير النظام لمواجهة المخالفات الصغيرة لو حصلت. وأضاف أنه سيتم سحب أسماء المرشحين من أجل المناظرات بينهم الأربعاء المقبل. وطالب كروبي أن تجرى الانتخابات هذا العام بشفافية، يذكر أن كروبي كان أول من اعترض على حدوث مخالفات في الانتخابات الرئاسية في 2005.

وأعلن مدير التلفزيون الإيراني المحلي عزة الله ضرغامي أن التلفزيون سيبث مناظرات بين المرشحين، مؤكدا الالتزام ببث الحدث «بعدل» على الرغم من أن مؤسسته تحتكر البث المرئي والمسموع في إيران.

وأثارت تغطية التلفزيون الإيراني لحملة أحمدي نجاد بشكل مكثف اعتراض أحد أبرز المرشحين للانتخابات وهو مير حسين موسوي على ما اعتبره «انحيازا» من التلفزيون، وذلك قبل أقل من شهر على العملية الانتخابية، وفق ما نقلت وكالة «مهر» للأنباء. وقال موسوي، في رسالة وجهها إلى رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني ورئيس السلطة القضائية آية الله محمود هاشمي شهرودي والمدعي العام قربان علي دوري نجفبادي، إن «الانتهاك المستمر والمتكرر للحياد عبر برامج خاصة.. يناقض في شكل أساسي الخيار الحر والمسؤول والصادق» للناخبين.

وكان مؤيدون لموسوي نددوا مؤخرا بانحياز التلفزيون الرسمي للرئيس الإيراني. وأضاف موسوي أن «نوعية وكمية المعلومات التي يعرضها التلفزيون الوطني تتراجع مقارنة بالانتخابات السابقة»، معتبرا أن «هذا الأمر يثير شكوكا حول واقع أن الانتخابات يفترض أن تكون منافسة جدية وعادلة بين العديد من المرشحين».

واكتسب أحمدي نجاد شهرة في العالم بعد خطاباته القاسية ضد إسرائيل ورفضه تقديم تنازلات في برنامج إيران النووي، إلا أن سياساته الاقتصادية المحلية تثير جدلا. من جهته يترشح رضائي الذي قاد الحرس الثوري لستة عشر عاما. وعلى الرغم من آرائه المحافظة فإن رضائي كان من نقاد سياسات أحمدي نجاد واتهمه بدفع إيران نحو شفا الكارثة. ويعتبر موسوي الذي أعلن التزامه بمبادئ ثورة 1979 الإسلامية، المنافس الأبرز لأحمدي نجاد. ووعد بأن يسعى لتغيير صورة إيران المتطرفة في الخارج خلافا لتلك التي رسمها عهد أحمدي نجاد. أما كروبي فيعتبر من أبرز الساعين إلى التغيير إلا أنه يصر على أن يلتزم الحذر لكي لا يثير غضب منافسيه في النظام. وينص الدستور الإيراني على ضرورة أن يتمتع المرشح بخلفية سياسية ودينية وأن يحمل الجنسية الإيرانية وان يؤمن بمبادئ الجمهورية والديانة الرسمية في البلاد.

وكان مرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية آية الله علي خامنئي قد أعلن دعما ضمنيا لاحمدي نجاد، ودعا الشعب إلى عدم التصويت لمرشحين رئاسيين «يستسلمون أمام العدو» الغربي، معتبرا أن «وصول أناس إلى السلطة يحاولون كسب ود القوى الغربية بدلا من التفكير في مواصلة السير على درب الإمام سيشكل كارثة».

وواصل أحمدي نجاد أمس جولاته الانتخابية في المدن الإيرانية. وفي مدينة سمنان شرق طهران، ومسقط رأس نجاد، كان الآلاف بانتظار الرئيس الإيراني، غير أنهم جاءوا لتقديم شكاوى أو لطلب مساعدة بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة. ومن بين هؤلاء جواد غيلاني صاحب اللحية الكثة الذي يرتدي قميصا أسود طويلا وظل منتظرا منذ أربع ساعات تحت شمس حارقة للإصغاء لخطاب الرئيس الإيراني، ومحاولة تسليمه رسالة يطلب فيها مساعدة. وقال العامل (32 عاما) وسط حشد من آلاف الأشخاص المتجمعين الأربعاء في ملعب تختي بسمنان على بعد حوالي 240 كلم شرق طهران لوكالة الأنباء الفرنسية: «أنا مريض وأحتاج إلى عملية جراحية لكن ليس لدي مال». وقال الرئيس بعد ذلك وسط تصفيق الحاضرين: «سنعالج الرسائل ونرد عليها».

وعلى جاري العادة، أودعت مئات الرسائل الشخصية في أكياس، ويبدو أن أحمدي نجاد تسلم منها الملايين خلال أربع سنوات. وتتضمن خصوصا نداءات استغاثة وطلب الحصول على قروض بفوائد محدودة أو مجرد طلب أموال. وقال غيلاني «شرحت وضعي ببساطة لأنني خضعت لثلاث عمليات ولا بد من رابعة. لم أطلب مالا وآمل أن يفهم». وأكد أنه لا يتقاضى سوى 2.7 مليون ريال (270 دولارا) شهريا و«ذلك لا يكفي للعيش» بإيجار قدره مليون ريال «لمنزل صغير». وعلى غرار كثيرين، شارك الرجل في خطة لبناء مساكن اجتماعية وعد بها الرئيس، وقال «سأنتخبه لأنه يعمل على مزيد من الإنصاف».

ولا تولي الحشود المتحمسة أي انتباه لانتقادات الخبراء الاقتصاديين الذي يحملون سياسة احمدي نجاد الاجتماعية مسؤولية تضخم يناهز 25% ونسبة بطالة تقدر بـ13%. ولا يصغي الحاضرون إلا لوعود احمدي نجاد المتكررة بمساعدة الأكثر فقرا. وقال المتقاعد شاه ميرزاده (74 عاما) «أحب احمدي نجاد. إنه عادل ويساعد الناس». وعلى وقع ترداد الحشود «صوتنا لاحمدي نجاد»، قال «سأصوت له هذه المرة أيضا. إنه ابن البلد. لقد بنى مستشفى وملعبا. لم ينجز أي رئيس آخر ذلك». ويأخذ معارضو احمدي نجاد عليه أنه يعد بأكثر مما يمكنه الوفاء به. لكن الأمل لا يخبو عند ميرزاده الذي يقول إن «راتبي يساوي 2.5 مليون ريال، والحكومة أعلنت أننا سنتقاضى 4.2 مليون. لم أتلق المال بعد لكنني أنتظر». وينتظر آخرون مبادرة شخصية من الرئيس حيالهم. وقالت فاطمة صادقي (40 عاما) في نقابها الأسود الطويل التشادور «لدي ابن عاطل عن العمل منذ عامين. أطلب من الرئيس أن يفعل شيئا من أجله. لذلك كتبت له». وعلى الرغم من أن النخب الإيرانية في طهران تنتقد احمدي نجاد، فإنه يحظى دائما باستقبال جيد في القرى والمدن الإيرانية الفقيرة. وقالت طيبة درخشان (40 عاما) «نحن سعداء لأنه انتصر على الولايات المتحدة»، في إشارة إلى النزاع بين إيران والغرب على خلفية البرنامج النووي المثير للجدل. وأضافت «نحن سعداء لأنه يوزع المساعدات». وفي تلك الأثناء تردد الحشود: «احمدي نجاد بطلنا، رفيق المرشد» الأعلى آية الله علي خامنئي.