صادق خان: السلطات البريطانية قدمت معلومات عن أشخاص دخلوا للقيام بأنشطة إرهابية في مواسم الحج الماضية

وزير الأقليات البريطاني لـ«الشرق الأوسط»: الهدف الأساسي من زيارة السعودية الاستفادة من برنامج «المناصحة»

TT

أفصح صادق خان وزير الأقليات والحكومة المحلية البريطاني في حوار مع «الشرق الأوسط» عن أن التعاون بين السلطات الأمنية السعودية والبريطانية أدى إلى تقديم الأخيرة معلومات حول مخططات وأشخاص دخلوا إلى السعودية للقيام بأنشطة إرهابية.

وأوضح الوزير خان، الذي يرأس الوزارة التي تم تشكيلها عقب تفجيرات لندن عام 2005 ولا يزيد عمرها عن سنتين، أن زيارته إلى المملكة جاءت لبحث جملة من المواضيع العسكرية والتجارية، وخصوصا ما يتعلق بمكافحة الإرهاب.

وقال الوزير البريطاني «المسؤولون البريطانيون في مجال إعادة تأهيل المتورطين بالفكر المتطرف على تواصل مستمر مع نظرائهم السعوديين. والمسألة ليست في مكافحة التطرف، ولكن النقطة الأساسية تتمثل في منع وصول الشباب إلى درجة التطرف بشكل وقائي».

وأضاف: «نحن في المرحلة الحالية نحاول الاستفادة من التجربة والخبرات السعودية في هذا المجال، ونحن على اتصال دائم مع المسؤولين السعوديين في البرنامج للاستفادة من خبرتهم في تطبيق أفكار وأساليب البرنامج على المعتقلين لدينا، وأخذ ما يمكن تحقيقه في بريطانيا».

وأكد وزير الأقليات والحكومة المحلية البريطاني، خلال لقاء «الشرق الأوسط» معه في صالة مطار الملك عبد العزيز في جدة، البارحة، وذلك قبل مغادرته إلى بلاده، أن الأشخاص المتورطين في قضايا اعتداءات عنصرية ضد الطلبة السعوديين في المملكة المتحدة يواجهون عقوبات مشددة نتيجة فعلهم، معتبرا أن تلك التصرفات محدودة ولا تتجاوز الحالة أو الحالتين.

وإليكم نص الحوار:

* بداية، ما طبيعة الزيارة؟

ـ هذه زيارة وزارية رسمية، تأتي في إطار تطوير وتوطيد العلاقات البريطانية والسعودية المتينة في الأصل، والمبنية على العلاقات التجارية والعسكرية ومكافحة الإرهاب والتطرف، وكذلك المبنية على الاحترام المتبادل بين البلدين.

ولا يخفى عليكم أن عدد سكان المملكة المتحدة البريطانية 60 مليون نسمة، منهم مليونا مسلم، ونحن الدولة الغربية الوحيدة التي لديها بعثة حج رسمية، كما أن الحكومة البريطانية هي الحكومة الغربية الوحيدة التي تضم وزيرا مسلما (يتحدث عن نفسه)، ويعتبر الوزير البريطاني الوحيد الذي كان باستطاعته زيارة المواقع المقدسة في مكة والمدينة المنورة.

وخلال هذه الزيارة التقيت بالأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة، والأمير عبد العزيز بن ماجد أمير المدينة المنورة، ورئيس الجامعة الإسلامية في المدينة، التي زرتها، إضافة إلى جامعة الإمام محمد بن سعود في الرياض، والتقيت المسؤولين في وزارة الشؤون الإسلامية السعودية.

* هل هناك أهداف محددة لهذه الزيارة الوزارية كما سميتها؟

ـ أهم ما تمت مناقشته في هذه الزيارة يتعلق بملف مكافحة الإرهاب والتطرف، وكما هو معلوم غالبية الجالية المسلمة التي ذكرت أنها تقدر بنحو مليوني نسمة، هم أناس مُسالمون ويقومون بواجباتهم، ولكن المتورطين في أنشطة إرهابية عددهم قليل جدا، وهو الأمر الذي ينعكس سلبا على أوضاع الجالية ككل. وبما أن المملكة لديها خبرة واسعة في مكافحة التطرف والفكر الضال، والتقدم الذي أحرزته في الآونة الأخيرة واضح لنا في هذا المجال، لذلك أنا هنا للاستفادة من هذه الخبرات، وتطبيقها في المملكة المتحدة. وكذلك التنسيق بالنسبة لبعثة الحج البريطانية، وهي البعثة الرسمية الوحيدة القادمة من الدول غير الإسلامية، وتوفير مواقع لبعثتين؛ طبية وأخرى تابعة للقنصلية في مشعر منى، للاهتمام باحتياجات الحجاج البريطانيين.

* أشاد مسؤولون بريطانيون ببرنامج «المناصحة» السعودي في وقت سابق، وأبدوا رغبتهم في الاستفادة منه، إلى أي مرحلة وصلتم في الاستفادة من البرنامج؟

ـ رئيس وزراء بريطانيا زار السعودية قبل شهرين، وخلالها زار مركز برنامج «المناصحة»، والتقى بالمسؤولين في المركز. والمسؤولون البريطانيون في مجال إعادة تأهيل المتورطين بالفكر المتطرف على تواصل مستمر مع نظرائهم السعوديين. والمسألة ليست في مكافحة التطرف، ولكن النقطة الأساسية تتمثل في منع وصول الشباب إلى درجة التطرف بشكل وقائي.

وهناك نقطة ثانية توضح شكل التعاون السعودي ـ البريطاني في هذا الصدد، وهي مكافحة التطرف، بمعنى محاربة هذا الفكر، وهذا التعاون أثمر المساهمة في اعتقال بعض المتطرفين، فخلال مواسم الحج كانت هناك محاولات لبعض المتطرفين في القيام ببعض الأعمال الإرهابية في المواقع المقدسة، ونتيجة التعاون بين السلطات الأمنية في البلدين أحبطت بعض تلك العمليات، وتم القبض على بعض الأشخاص. وأكثر من 50 في المائة من مسلمي بريطانيا دون سن 35، لذلك نحتاج هذا التعاون.

* بشكل دقيق هل زودتم المملكة بمعلومات استخباراتية عن أعمال إرهابية كانت تستهدف مواسم الحج الماضية؟

ـ نحن حلفاء وأصدقاء وشركاء، ونعمل معا ضد أي شخص أو جهة تحاول الإضرار بمصالحنا، أو إلحاق الضرر بالمدنيين والأبرياء سواء في بريطانيا أو المملكة العربية السعودية، وبسبب صداقتنا القوية نعمل معا على منع تأثر الشباب، خاصة صغار السن، بالأفكار المتطرفة، وبعض الأفكار التي نستخدمها في الوقت الحالي، تساعدنا في التقرب من الشباب واحتوائهم قبل التورط في أفكار متشددة.

* هل تعتزمون في الحكومة البريطانية إرسال معتقلين إلى السعودية للانخراط في البرنامج؟

ـ بالنسبة لهذا السؤال، نحن في المرحلة الحالية نحاول الاستفادة من التجربة والخبرات السعودية في هذا المجال، ونحن على اتصال دائم مع المسؤولين السعوديين في البرنامج للاستفادة من خبرتهم في تطبيق أفكار وأساليب البرنامج على المعتقلين لدينا، وأخذ ما يمكن تحقيقه في بريطانيا، وبالمناسبة هذا الأمر كان من ضمن الأهداف الأساسية لزيارة رئيس وزراء بريطانيا الماضية.

* لو انتقلنا بالحديث عن وضع الأقليات في بريطانيا، وخاصة المسلمة، ما هي الجهود التي بذلتموها في وزارتكم لتحسين أوضاعهم؟

ـ لا يوجد مسلم في أي بلد غير إسلامي في العالم يلقى معاملة أو وضعا جيدا أفضل من الجالية المسلمة في بريطانيا، وللمسلمين دور هام داخل المجتمع البريطاني، كما أن لهم حقوقا يكفلها النظام.

* هناك تقارير أن أفراد الجالية المسلمة في بريطانيا يعانون من الفقر، وعدم المساواة، ومن بعض السياسات الجديدة التي سنتها الحكومة البريطانية بعد تفجيرات عام 2005؟

ـ لدينا في بريطانيا قانون يحرم أي تحيز من أصحاب العمل ضد موظفيهم أو عمالهم لأسباب تتعلق بالدين أو العرق، والنسبة الأكبر من المسلمين هم من حاملي الشهادات العلمية المرموقة، وكذلك تساعد الحكومة وتشرف بشكل مباشر على المدارس الإسلامية في بريطانيا، كما تقدم لها كل العون الذي تحتاجه.

حتى المسلمون الذين لم يحققوا أي تقدم على الصعيد العلمي، تقوم الحكومة البريطانية بمساعدتهم على التقدم وتحقيق طموحاتهم، وتلك المساعدة تأتي بهدف تحقيق العدالة التي يكفلها النظام في المملكة المتحدة للجميع، ولا يوجد سوى قانون واحد يطبق على الجميع.

* لكن المعلومات المتداولة عبر وسائل الإعلام أن عدد المعتقلين المسلمين في السجون البريطانية بقضايا تتعلق بالإرهاب يزيد عن 10 آلاف معتقل، ألا يعكس هذا الرقم نوع التعامل؟

ـ الرقم المذكور غير صحيح، فالموقوفون على ذمة قضايا تتعلق بالإرهاب لا يزيد عددهم عن 200 شخص، وتمت محاكمتهم، واعترف 100 شخص منهم بجرمهم. وكما ذكرت في سؤالك السابق أن عدد المسلمين البريطانيين يبلغ مليوني نسمة، وربما الرقم السابق يتعلق بعدد الموقوفين في قضايا جنائية وغيرها من القضايا، ومع ذلك يبقى الرقم عاديا إذا ما قدرنا نسبة هذا العدد من إجمالي أفراد الجالية المسلمة.

* في الآونة الأخيرة تعرض عدد من الطلبة السعوديين في بريطانيا لاعتداءات بدوافع عنصرية، ما هي جهود الحكومة البريطانية في مكافحة التطرف لدى الجانب الآخر؟

ـ سنويا يتوجه إلى بريطانيا من السعوديين أكثر من 15 ألف طالب يدرسون في الجامعات البريطانية، ويبلغ عدد السائحين السعوديين في موسم الصيف نحو 100 ألف سائح سنويا. ووفق هذه الإحصائيات فإن حالة أو حالتين لا تعبر عن تصرفات سيئة. كما أن المتهمين في مثل هذه الحالات من الاعتداء يواجهون عقوبات مشددة من القضاء البريطاني، وأشير هنا إلى أن بعض أقسام الشرطة لديها إدارات مختصة في متابعة أوضاع المتعرضين لمثل هذه الاعتداءات، وتساعدهم في التكيف من جديد مع الحياة في بريطانيا.