62 وزيراً للأوقاف يناقشون في جدة التجديد في الخطاب الديني وحوار الأديان والحضارات

آل الشيخ: قوة الإسلام ستضعف بسبب غياب الاعتدال والتجديد

TT

تستضيف السعودية، لمدة 3 أيام اعتبارا من غد السبت، المؤتمر الثامن لاجتماعات وزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية، وذلك في محافظة جدة تحت عنوان: «الأمن الفكري ودور وزارات الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في تحقيقه»، بمشاركة 62 دولة. ويناقش المؤتمر الذي يقام تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز عدة موضوعات، أبرزها خطة الارتقاء بالمساجد موقعا ورسالة، وخطة إصدار كشاف عن الأوقاف في العالم الإسلامي، والتجديد في الفكر الإسلامي والخطاب الديني بين الثوابت والمتغيرات، ودور الدعوة الإسلامية في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، وحوار الأديان والحضارات، ومشروع برنامج الوسطية منهج وحياة، والتنصير في بلاد المسلمين، وتقرير حول تقدم العمل بصندوق الاستثمار في ممتلكات الأوقاف بالبنك الإسلامي، وتقرير عن إنجازات المشاريع التنفيذية لتنسيق جهود الدول الإسلامية في الأوقاف.

وأكد الشيخ صالح آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودي رئيس المجلس التنفيذي للمؤتمر لـ«الشرق الأوسط» أن «انعقاد المؤتمر الثامن يأتي في ظروف بالغة الألم، حيث لا تزال الأمة الإسلامية تعاني الكثير من الأزمات والمشكلات، إن على الصعيد الاقتصادي أو السياسي، كما أننا لا نزال نرى ضعفا في اتحاد هذه الأمة، وضعفا في استخدام كافة إمكاناتها وطاقاتها المادية والمعنوية والعلمية والدعوية». وشدد على أن رسالة المسجد تأتي الدعامة الأساسية لبناء الأمة الواحدة في عقيدتها وأخلاقها وآدابها, فالمسجد يترجم رسالة الإسلام، وهو طريق لجمع الكلمة ووحدة الصف، فلا مجال لأن ينحرف المسجد عن هذه الرسالة لأن الإسلام جاء ليربي في الأمة العزة.وأكد على أهمية تكوين قاعدة معلومات شاملة عن الأوقاف تتضمن حصر وتسجيل جميع الأوقاف في البلدان الإسلامية، ليمكن من خلال ذلك حصر وتسجيل جميع البيانات المتعلقة بالأوقاف في العالم الإسلامي، بحيث تكون هذه البيانات مشروعا رائدا ومفيدا في وجود (أطلس كشاف) عن الأوقاف في العالم الإسلامي، يوثق ويحصر ويضبط جميع أعيان الأوقاف، مبينا أن المملكة تقدمت بخطة متكاملة في هذا الشأن خلال اجتماعات الدورة التاسعة للمجلس التنفيذي لمؤتمر وزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية في دول العالم الإسلامي الذي عقد في الكويت قبل أربع سنوات.

وحول موضوع التجديد في الفكر الإسلامي والخطاب الديني بين الثوابت والمتغيرات، قال الوزير آل الشيخ: «إننا نتطلع في أعمال وزارات الأوقاف والشؤون الإسلامية، ونحوها من المؤسسات والهيئات والمجالس والجمعيات الإسلامية، إلى أفق جديد رحب نجدد فيه الخطاب الديني في أطره ووسائله وأولوياته، ونسعى فيه للإصلاح الشامل للمنطق والعقل والتفكير، ونروم فيه وضع أسس الوعي الإسلامي الرصين بالفقه في الشريعة الإسلامية بالنظر إلى مقاصدها وكلياتها وقواعدها. وإننا حين ننظر إلى واقع الخطاب الإسلامي اليوم نجده محتاجا إلى استشراف المستقبل، والخروج من أزمة الواقع بإحياء فقه الأولويات، وفقه القوة والضعف، وفقه السياسة الشرعية في التعامل والحركة، فقد حثنا القرآن على الحوار والمجادلة بالتي هي أحسن، فالإسلام يشرع مخالطة الناس والتعامل معهم أيا كانت اتجاهاتهم على أساس القول الحسن والفعل الجميل، ما لم يظلموا أو يعتدوا». وأكد أن «التجديد في أمر الدين، والتجديد في وسائل الإبلاغ، والتجديد فيما يدخل في نطاق الاجتهاد، هذا من واجبات المجتهدين والمصلحين؛ لأنه لولا التجديد أو التحديث ونقل الناس إلى ما هو أفضل من التنظيمات، أو من الاجتهادات الفقهية وما أشبه ذلك، لبقي الناس بعيدين عن هذا الدين، لذلك نرى أن من اللوازم المهمة أن تكون هناك مراجعة دورية للأداء، وبخاصة في وزارات الشؤون الإسلامية في أداء الأئمة والخطباء، وفي عمل الدعاة، وفي مخاطبة الناس، وكذا الخطاب الديني في القنوات الفضائية أو مواقع الإنترنت وما أشبه ذلك، ويجب علينا أن نعترف أن تغيير الخطاب الديني ليس بالسهل؛ لأن فهم الناس وبخاصة الخطباء لكيفية علاج المشكلات أمر صعب، ويتطلب مهارة خاصة ومستوى ثقافيا وعلميا وشرعيا، ويتطلب اختلاط ببيئات حتى يعرف مستوى المخاطبين وكيف يخاطبهم».

وفي سياق متصل أبان وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد أن «الإسلام يدعونا إلى الوسطية والاعتدال في الأفكار والاتجاهات والرأي والتعامل، وهذا ما نحتاجه اليوم للأخذ بوسطية الإسلام باعتدال وعقلانية لنواكب بها العصر ونخرج أقوياء»، مؤكدا أن «الإسلام هو دين القوة كما أنه دين السلام، وهو دين الاعتدال والحوار والاحترام للآخر»، مشيرا إلى أن «هناك اجتهادات كثيرة وآراء كثيرة في الإطار الإسلامي، لكن واجبنا في وزارات الأوقاف في جميع العالم الإسلامي أن نكون دائما وفق النظرة الشرعية الصحيحة، لا نحابي فيها جهة دون جهة، وأن نؤسس للأمر كما أراد الله ـ جل وعلا ـ فالدين الإسلامي دين محبة ودعوة وسلام».

وحذر من أن «غياب النظرة إلى المستقبل عن الخاصة وعن العلماء وعن الدعاة في زمن التحديات قد يؤدي إلى أن الدعوة ستنحسر، وأن قوة الإسلام ستضعف، وأن قوة أهله سيصيبها ما يصيبها»، وقال: «لذلك ينبغي لنا أن ندور حول المشروع الإسلامي الدعوي الحضاري، الذي لا يتنكر للواقع وحاجات الناس، ويستطلع مرادات الشارع فيستطلع المستقبل»، لافتا النظر إلى أن «استمرار الإسلام وقوة الإسلام التي نشهدها إلى هذا القرن ناتجة عن تيار كبير في الأمة لا تمثله فئة ولا تمثله طائفة ولا يمثله أناس بأعيانهم، هذا التيار الكبير في الأمة منذ قرون إلى الآن هو الذي يتسم بخصلتين، الأولى: الوسطية، وتعني عدم التشدد وعدم الجفاء والتنازلات غير المحمودة. والثانية: هي التجديد، فإذا ما نظرنا في مشروعنا القادم إلى ضرورة الاعتدال وضرورة التجديد فإننا نحفظ للتيار العام دينه وهيبته وقوته».