إسرائيل تبذل جهودا محمومة لتغيير بنود مبادرة أوباما قبل جولته القادمة

اعتذرت لواشنطن عن وصف فكرة الدولتين بالصبيانية الغبية

مسن فلسطيني ورجل دين يهودي امام باب العمود إحدى بوابات البلدة القديمة من القدس المحتلة امس (إ ب أ)
TT

تبذل الحكومة الإسرائيلية اليمينية، بقيادة بنيامين نتنياهو، ونائبه ووزير خارجيته، أفيغدور ليبرمان، جهودا محمومة للتأثير على المبادرة التي ينوي الرئيس الأميركي، باراك أوباما، طرحها في مطلع يونيو (حزيران) المقبل في القاهرة، والسعي لتغييرها بروح المطالب الإسرائيلية «لبناء الثقة وتوفير الأمن».

وسيقيم نتنياهو في الأيام القليلة القريبة طاقما من مساعديه يتولى المشاركة مع مسؤولين في البيت الأبيض في بلورة خطوات ومواقف في هذا الاتجاه، قبل أن يعلن أوباما رسميا بنود مبادرته.

وكانت مصادر أميركية قد سربت بشكل متعمد بنودا أساسية لهذه المبادرة، بهدف معرفة ردود الفعل عليها في إسرائيل والعالم العربي، خاصة أنها ستكون مبادرة سلام إقليمي بين اسرائيل والدول العربية جمعاء وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني. وترتكز هذه المبادرة على مبدأ الدولتين لشعبين على ان تكون الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح، ولكن ذات سيادة كاملة وتواصل جغرافي وعاصمتها القدس الشرقية على ان تكون الغربية عاصمة لاسرائيل، على ان تكون البلدة القديمة ومساحتها كيلومتر مربع، التي تضم في جنباتها الأماكن المقدسة، خاضعة لرعاية دولية. واما قضية اللاجئين فتحل بعودتهم الى تخوم الدولة الفلسطينية أو قبول التعويض والتوطن حيث يوجدون. وتشمل هذه المبادرة ايضا التفاوض على المسارين السوري واللبناني. في المقابل تباشر الدول العربية في خطوات واجراءات تدريجية هدفها النهائي تطبيع العلاقات مع اسرائيل، عبر السماح لسياح اسرائيليين بدخولها وتفتح الهواتف وتقيم علاقات اقتصادية، بحيث تتحول هذه الى علاقات دبلوماسية كاملة بين الطرفين، عند توقيع اتفاقيات السلام. وحددت الفترة الزمنية لهذه المبادرة واعلان الدولة الفلسطينية بنهاية الدورة الرئاسية الأولى للرئيس أوباما، أي مطلع عام 2013 كحد اقصى.

ومنذ نشر هذه البنود، والحلبة السياسية الاسرائيلية تغلي والنقاش يحتدم ما بين الائتلاف الحكومي الذي فوجئ بالعديد منها، والمعارضة التي اتهمت نتنياهو بالمسؤولية عن هذا التطور وقالت انه لو كان نتنياهو أعلن التزامه بما تم الاتفاق عليه مع واشنطن في خريطة الطريق وتفاهمات أنابوليس، أو لو كان عرض خطة سلام بديلة معقولة، لما كان أوباما مضطرا الى طرح مبادرة متعبة كهذه.

ولكن الحكومة دحضت الانتقادات وقالت ان على الاسرائيليين من كل الأحزاب أن يتحدوا في موقف واحد حاليا للدفاع عن مصالحهم الوطنية والأمنية والسعي للتأثير على أوباما لتحسين مبادرته وملاءمتها للمصالح الوطنية الاسرائيلية وإقناعه بأن هذه التغييرات ضرورية لصالح الولايات المتحدة أيضا وحربها على الارهاب.

والبنود التي تبدو سلبية من وجهة النظر الاسرائيلية عديدة، أبرزها: رفض فكرة الدولتين في هذه المرحلة وطرح المسألة على أساس احتياجات الفلسطينيين الى استقرار في الاقتصاد والأمن أولا، قبل الحديث عن الدولة، ووضع الخطوات التي تنص المبادرة على القيام بها في الدول العربية تجاه التطبيع مع اسرائيل في رأس جدول الخطة وعدم الانتظار حتى يتفق على مضمون السلام. والهدف هو أن تبدأ الدول العربية حالا في خطوات لتطبيع علاقاتها مع اسرائيل قبل أن تغير هذه أيا من مواقفها الرفضية تجاه الفلسطينيين.

كما ترفض اسرائيل البند حول القدس وجعلها عاصمتين للدولتين، وتريدها اسرائيلية بحتة. وترفض البند المتعلق بفرض الأمر الواقع والاستيطان.

وقال ليبرمان، أمس، «ان الاستيطان لم يكن ولا يمكن ان يكون عقبة في وجه السلام، والدليل ان الحرب كانت قائمة قبل عام 1967 حيث لم يكن هناك استيطان. ثم اسرائيل انسحبت من قطاع غزة وأزالت كل مستوطناتها هناك، ولم يلاحظ ان العرب سعدوا بذلك، بل ردوا علينا بالصواريخ». وهاجم ليبرمان أيضا حكومة سلام فياض والرئيس محمود عباس (ابو مازن) فقال انهما يريدان كسب كل العوالم، فمن جهة يطلبان من اسرائيل المساعدة ومن جهة ثانية يقدمان الدعاوى ضد اسرائيل الى محكمة جرائم الحرب. وقال «هذه قيادة غير جدية ولا تتمتع بالشجاعة».

وكان أحد مساعدي نتنياهو، رون درامر، الذي شارك في اللقاء مع أوباما، قد اعتبر مشروع الدولتين «صبيانيا غبيا»، وأثار بذلك غضبا في واشنطن، فاعتذر مكتب نتنياهو عن هذا القول وادعى ان المستشار لم يقصد أوباما ولا فكرة الدولتين، بل قصد طريقة معالجة الصحافة لهذه الفكرة. وأثار هذا التفسير السخرية في وسائل الإعلام الإسرائيلية.